العمل والأسرة التنسيق بينهما انجاز، واعطاء كل ذي حق حقه في هذا وذاك، إرضاء المدير ونائبه ورئيس القسم والزملاء والمراجعين، إرضاء الزوجة والأولاد والحماة والأم والأب والأخوة والأقارب، ومجاملة الجميع، اضافة الى تحمل الضغوط والمسئولية والذهاب والإياب والترفيه ومتابعة الدراسة والمصاريف والسفر وتحمل الاخطاء، انها الحياة متطلباتها صعبة وشاقة تقول الزوجة يدخل المنزل وكأن مصائب الدنيا فوق رأسه، مجرد ان اتكلم يصبح عدوانيا، يرميني بسهامه لا يستطيع التوفيق بين بيته وعمله، ينقل لنا مشاكله الوظيفية يشتكي من زملائه ومديره، يقضي وقتا طويلا خارج المنزل واذا جاء تراه يتظلل بغمامة سوداء، شرود وتفكير ماذا فعل وماذا سيفعل هكذا ينقضي اليوم كغيره حتى قد ارى منه ابتسامة وقد لا أرى. وللوقوف على هذه المشكلة التي يعاني منها كثير من الموظفين وأسرهم كان لـ «دنيا الناس» هذه الوقفة: يقول نبيل سجواني موظف: من الضرورة بمكان معرفة الخصائص العضوية للمرأة والرجل وهناك دائما جوانب مجهولة من كلا الطرفين اذا ما عرفت سهل التعامل وتوضحت الأمور وهذا امر ضروري في كيفية التعامل مع الناس واكتشافهم وفتح ما انغلق لديهم ومعرفة جوانب الاصلاح وامكانية المحاولة وطرد شبح الاكتئاب عن التفكير للوصول الى حياة تكون نموذجية طبيعية يتجاوز خلالها المرء العراقيل في العمل والمشكلات في المنزل وتأتي الاسرة في المقام الاول عند أغلبية الرجال، ومن أهم افراد الاسرة الابناء فالتعامل معهم بصورة عقلانية وفهم ووضوح يجعلهم ينمون بشكل طبيعي يتشربون الصحيح ويحذرون الخطأ وحاجة الأولاد للحنان والحب والاحتضان حاجة ماسة فمن الرائع ان يدخل الأب المنزل وهو مبتسم ويضم اولاده بحنان والحوار أمر ضروري للبلوغ الى الهدف المطلوب من الابناء. فالحوار مع الطفل ينظم افكاره وقديما قالوا حدثوا ابناءكم في الصغر يحدثونكم في الكبر، ويجب ان يكون الحب الموجه اليهم حبا مطلقا الا ان يكون أحبك لأنك نجحت «ويعني» اذا فشلت لا أحبك هذا خطأ كبير ويجب ان يجعل الرجل من افعاله وأعماله مدرسة يعلم خلالها الأبناء ما يريد دون كلام ولنا في رسول الله صلى الله عليه وسلم أسوة حسنة فكان يطأطيء رأسه لمرأة عجوز تكلمه في الطريق ويلاعب الحسن والحسين ويجلسان على ظهره اثناء السجود وكان يرقع ثوبه ويخصف نعله ويقوم بحوائج اهله ويمشي في الأسواق انها اخلاق فعالة تصل للمتعلم بكل سهولة واقناع وعلى المرء الذي يجد انه يحمل ضغطا ما في عمله الا ينقل ذلك الى اسرته بل يترك كل شيء في مقر عمله ويأتي الى اهله بوجه طلق يحمل التفاؤل والحب والشوق لا أن يجلب هموم عمله ومشكلاته وحتى عمله ليقوم به في المنزل بين أهله وهذا خطأ يقع فيه كثير من الموظفين. أضرار الخلط ويقول محمد يوسف.. مذيع: من الأمور المهمة التي يجب ان ينتبه اليها كل موظف او عامل هي عدم خلط أمور العمل بأمور المنزل والفصل بينهما فصلا كليا لضمان سلامة العائلة وأفرادها وسلامة العلاقة بين الموظف وأهله وعدم تشويشها بأمور لا علاقة للزوجة ولا للأولاد بها ولابد من فهم ومعرفة الموازنة بين هذه المشكلات فنحن كمذيعي تلفاز نواجه ضغوطا كبيرة أثناء عملنا فترى المرء يعكر مزاجه بسرعة لأن مجال عملنا لا يتحمل وكثير من الناس يشاهدوننا فإذا لم نكن نتجمل بنوع من الضبط والصبر والحلم قد ينتقل ذلك معنا الى اسرنا فيجب ان يكون لدى المرء منا مهارات كبيرة في قضية التنسيق بين ضغوط الاسرة وضغوط العمل بحيث يستطيع ان يحول بمهارة الموقف السلبي الى موقف ايجابي ويتحكم بأفعاله وتصرفاته. فمثلا اذا كنت في مكان عام وجاء أحدهم وأساء اليك بشكل كبير وقبل ان تقوم بأية ردة فعل قالوا لك هذا مجنون فماذا سيكون موقفك؟ بالتأكيد قبل معرفة انه مجنون كانت ردة فعلك ستكون سلبية اما بعد معرفتك ذلك سيختلف الموقف وسيتحول لايجابي فلماذا لا يعود المرء نفسه ويروضها على التقبل والضبط والبحث عن الحل الانجح دون اثارة فوضى ويجب الا يأخذ العمل كل الوقت اي حق الزوجة وحق الأبناء فلكل حقه كما للعمل ساعات معينة فللزوجة والابناء ساعات معينة ويجب ان يكون لهم نصيب الاسد في ذلك فهم اصل الاسرة والعمل وضع لسعادة الاسرة وليس العكس بمعنى ان العمل وسيلة وليس هدفا والهدف هو الاسرة والاهل واسعادهم. معطيات معقدة يقول الدكتور فلاح احسان الغزوان لا شك في أنه بنظرة فاحصة لايقاع الحياة المعاصرة نرى معطيات تتميز بالدقة والتعقيد، الأمر الذي يتطلب من الانسان في تلك المواقف توخي حالة من التوازن لضمان سير أدائه بما يتلاءم ومتطلباته. لا سيما وأننا نواجه واقعا يتميز بحالة من المنافسة والدقة والسعي السريع نحو الأهداف. من هذا وبالنظر لكيفيات المجتمع الحديث المتمثل بالأسرة ككيان اجتماعي نجد ان هنالك ثمة شعورا بنوع من الضغوط التي يواجهها الانسان في لعب دوره سواء من خلال مؤسسته او من خلال واجبه في الاسرة التي تعد نواة المجتمع الاساسية، حيث يكاد يصل الامر في بعض الاحيان الى عدم القدرة على اقامة نوع من التوازن بين الميدانين، او امكانية الحفاظ على احد الميدانين. وهذا موضع نقاش وبحث الكثير من الدراسات السيكولوجية والاجتماعية. من هنا يتعين علينا البحث عن وسيلة ناجعة مفادها اقامة التوازن بين متطلبات العمل الوظيفي من جهة والواجب الاسري من جهة اخرى لضمان جعل مستوى الميدانين عمليا ضمن المستوى المطلوب. ولمواجهة الشعور بضغوط العمل لابد من تحديد المفهوم لضغوط العمل او الضغوط الحاصلة على هامش العمل بكل زوايا التعريف الدقيق للمفردة ومن ثم الشروع بالبحث عن العوامل التي تسبب هذا الشعور، وربما تتحدد عوامل الشعور بضغط العمل بشعور الفرد بضغط نفسي ناجم عن عدم الاتساق بينه ومحيطه فعندما لا يحقق الفرد حالة الاشباع لحاجاته من المحيط الذي يتعامل معه في العمل سرعان ما تظهر حالة من عدم الاستقرار والتوازن في واجباته المختلفة، بينما يحقق الاشباع حالة من الاستقرار النفسي لديه وبالتالي يكون مؤهلا لمواجهة المهام الضاغطة في العمل. عند الشعور بوجود حالة من الضغط النفسي المتعلق بالعمل تبرز بعض الدلائل التي تشير الى حالة الاضطراب وتأخذ هذه الدلائل أشكالا متعددة كالدلائل الجسمية والانفعالية والمعنوية والاجتماعية ولهذه الحالة أثرها السلبي حسب الميدان الذي تتعلق به. ويضيف: وما دمنا بصدد الحديث عن الاسرة فالدلائل الاجتماعية ذات الأثر السلبي الناتج عن ضغوط العمل هي التي تقترن بالأسرة حتى يصل الأمر الى حالة من عدم التوازن ما بين العمل والاسرة، وهذا ما يشكل صفة واضحة لكثير من الاسر في مجتمعنا وهذا ما ينعكس سلباً على وضع الاسرة وما يتعلق بالأبناء. فهنالك حقيقة واضحة مفادها ان لكل من الأب والأم دوره في الاسرة وكلاهما مكمل للآخر وفي حالة تعطيل او غياب احدهما فهذا سيترك فراغاً سلبياً على الأبناء في نواحي متعددة وفي مقدمتها النواحي المتعلقة بالجانب الاجتماعي والدراسي واللذان يعدان من المعالم المهمة التي تميز الانجاز الاسري السليم. من هنا يتعين علينا البحث عن حل لهذه الاشكالية ويكمن الحل هنا في مواجهة ضغوط العمل باتخاذ عدد من الاجراءات التي من شأنها تحديد الشعور بضغط العمل وخلق حالة التوازن ما بين العمل والاسرة ومن هذه الاجراءات محاولة خلق حالة من الاسترخاء داخل البيت، وللزوجة دور مهم في هذا الجانب فحالة الاسترخاء التي يعيشها الرجل داخل البيت تعمل على تغيير نظرة الرجل لمختلف الامور التي تواجهه وكذلك التركيز في الانتباه الى اشياء محببة للانسان وترك التفكير بالأمور المزعجة مع محاولة ادامة وتحسين العلاقات مع المحيطين خصوصاً في اختيار الاشخاص المتزنين الذين يشكلون عاملاً مهماً في اجتياز حالات ضغط العمل. كل هذه الاجراءات من اجل اشاعة حالة الاستقرار النفسي وهناك اجراءات اخرى يتعين العمل بها لتجنب حالات عدم الاستقرار وتتمثل ب: افراغ الطاقات الانفعالية في أعمال وأنشطة مفيدة سواء على صعيد العمل او داخل البيت، مع محاولة اثارة استجابات فكرية وسلوكية معارضة للانفعال السالب كالتفكير بما يحب الفرد مثلاً او بما سينجز للفترة المقبلة مع تجنب المواقف التي تثير الانفعال مع تجنب اتخاذ اية قرارات متعلقة بأمور مهمة خلال تلك الفترة، اضافة لهذا تجنب العادات السلوكية التي تزيد من الاضطراب كالتواجد لفترات طويلة في الاماكن المزدحمة والمغلقة والضيقة او عدم النوم او الشعور بالجوع والعطش وكذلك محاولة السيطرة على الواقع من خلال مواجهته دون التفكير بالتهرب، وهذا ما سيولد خبرة مضافة لمواجهات قادمة يضاف الى هذا كله الاهتمام بالجانب الصحي والرياضي والنشاطات الجسمية والترفيهية سواء في العمل او البيت. فبإتباع تلك الاجراءات يحقق الفرد التوازن المطلوب ما بين واجباته في العمل وفي الاسرة معاً فكلاهما مكمل للآخر بل هما مرتبطان جدلياً كارتباط الوسيلة بالغاية، وتبقى الغاية النهائية متمثلة بتوخي حالة التوازن ما بين العمل والاسرة وهذا ما يضمن اعداداً اسرياً متماسكاً للأبناء من جميع النواحي وهذه هي الرسالة الحقيقية للأسرة. الدور والاداء ويقول الدكتور حمود فهد القشعان مدير ادارة البحوث والدراسات ونظم المعلومات في الكويت: هنالك دائماً ضغوطات يتعرض لها المرء في جميع مراحل عمره وفي اكثر تقلبات حياته التي تشمل الاسرة والعمل، وهذه الضغوط قد تجعل من المرء انساناً مضطرباً يصعب عليه التأقلم وبالتالي يواجه مشكلات نفسية تفقده صوابه، ولمعرفة ما اذا كان المرء مصاباً بشيء من ذلك فعليه معرفة الأسباب التي تؤدي لظهور الاعراض النفسية عليه، ومن الامور التي قد يصاب الناس بأمراض نفسية منها وجود خبرة سابقة سلبية حملها معه وعاشها ولم يستطع التخلي عنها ووجود معلومات خاطئة تركزت في ذهن الشخص او خلل في الدور والاداء او خلل في البرمجة العقلية او أسباب عضوية أو أمور عقائدية، وبالنظر الى الأسباب الذاتية نجد انها مرتبطة بالأسرة والعمل والمادة والبيئة والمطلوب التوازن والمقصود به النجاح في ادارة وتطويع البيئة المحيطة لتحقيق الأهداف الخاصة والأهداف المطلوبة بشكل نبيل وينتج عن ذلك النجاح الذي يكون نتيجة استثمارك لقدراتك ومواردك لتحقيق الصحة النفسية لنفسك فهي مسألة مرتبطة بعضها ببعض ومتشعبة، فالصحة النفسية تتكون من نجاح وتوازن بين الحياة الزوجية والعمل والنجاح الأسري يتطلب مهارات وحسن نية والنجاح الوظيفي يتطلب علاقات ايجابية وأهداف واضحة، فهما عنصران المنزل والعمل يرأسهما الصحة النفسية والتوازن واذا ما تكلمنا عن التوازن الاسري فأستطيع ان اقسمه الى مهارات اربع يلازم كل مهارة منها أساسية من أساسيات الوجود، فأرى ان الهواء يكون بمثابة الحوار والماء يمثل العلاقة العاطفية والضوء يمثل الأمن النفسي والتربة تمثل المسئولية وبمعرفة التعامل مع هذه الأساسيات نستطيع الوصول الى التوازن النفسي السليم. حوار ذو شقين ويواصل: ومن اهم المشكلات الأسرية مشكلات الأطفال وهنالك حاجة أساسية لتخفيف ضغوط الابناء وذلك اما بالحوار الاسري بشقيه اللفظي وغير اللفظي. فالحوار اللفظي مع الطفل يبدأ مع الحمل وتزداد أهميته في السنوات الأولى، فلنشجعه على الحديث فهو منظم الافكار وامنحه الحب غير المشروط واعطه فرصة للحديث ولا تتكلم على لسانه او تقرأ أفكاره هذا ما يجب ان ينتهجه كل أب وهنالك اسلوب آخر للحوار وهو الحوار بالتجاهل وهو الحوار غير اللفظي وله بعض الطرق التي يجب اتباعها اثناء التجاهل، فيجب الانتباه الى انه ليس كل سلوك يمكن تجاهله ويجب تجنب النظر او الجدال مع الطفل خلال تجاهله ويجب تحويل الجسد عن الطفل ولكن ابقى معه في نفس الغرفة، وترقب محاولة الطفل لاختبارك وحافظ على الاستمرارية ولا تستسلم سريعاً هذه بعض النصائح التي يمكن ان تساعد في انجاح الحوار مع الاطفال، وللتشجيع والثناء ايجابيات من الصعوبة حصرها او عدها وينبغي على كل مشجع ان ينتبه لبعض النقاط التي تساعده على انجاح مهمته المقصودة من وراء الثناء وهي ضرورة ربط الثناء بالأفعال الايجابية وليست المثالية، ولا تخشى افساد الطفل بسبب الثناء فالثناء لا يفسد السلوك، ضاعف من الثناء مع الطفل الصعب والعنيد، امدح الافعال اكثر من ذوات الابناء، ويكون الثناء أكثر فاعلية حين يقع امام الآخرين وخاصة الكبار. القدرة على التجدد ويستطرد: واذا ما انتقلنا الى الطرف الآخر من الضغوط التي تمارس على المرء وهي الضغوط الوظيفية التي يتعرض لها اثناء عمله والسعي نحو التوازن الوظيفي فهي تنحصر بأمرين اثنين، تحقيق الأهداف وتحقيق علاقات ايجابية، وهذا يتأتى بفهم المهارات الانسانية في التعامل مع المراجعين، وفهم اسلوب وشخصية المدير وكسب زملاء مجموعة العمل واستثمار الوظيفة كهواية ونمو ذاتي وتطوير المواصفات الشخصية للفرد، هذه نقاط رئيسية تساعد على فهم العلاقات الوظيفية وبالتالي تخفف الضغوط التي يتعرض لها الموظف. وأحب التنويه الى ان تخفيف الضغوط لتحقيق السعادة والصحة النفسية قد يتحقق بالذكر وطاعة الله والرياضة وبرمجة المطالب والاداء وافساح الطريق لتخفيف الحمولة الذهنية عن كاهل الدماغ، ومعرفة مناطق القوة من مناطق الضعف، والاعتماد على الذات بالدرجة الاولى، وترتيب دعوة غداء او عشاء في منزلك لمن تحب حضوره، بذلك تستطيع ان تشعر بالتجدد الذهني والعقلي والجسدي. محمد زاهر