كشفت دراسة حديثة قام بها علماء بريطانيون عن وجود حضارة بشرية قديمة، قد تكون الأقدم خارج إفريقيا، ازدهرت في منطقة الخليج، منذ حوالي 75 ألفا إلى 100 ألف سنة.

وأشارت الدراسة التي نشرت مقتطفات منها مجلة «ساينس نيوز» الأميركية، أخيراً، إلى أن السهول الموجودة حالياً تحت مياه الخليج، كانت خلال فترة ذروتها تعادل مساحة بريطانيا العظمى، قبل أن تنحسر بعد ذلك، حيث بدأت المياه تفيض على المنطقة. وبعد مرور حوالي ثمانية آلاف سنة، التهم المحيط الهندي تلك اليابسة.

وتتضمن الدراسة، التي نشرت تفاصيلها في مجلة «كرنت أنثروبولوجي»، نتائج واسعة حول جوانب من تاريخ البشرية. فعلى سبيل المثال، أثير جدل بين العلماء بشأن بداية الحضارة البشرية الحديثة خارج القارة الإفريقية، والتي تتراوح بدايتها ما بين 125 ألف سنة و6 آلاف سنة (حيث يعتبر التاريخ الأقرب هو النموذج الأكثر قبولاً)، وفقاً لدراسة «جيفري روز» الباحث في الأنثروبولوجيا بجامعة برمنغهام في بريطانيا.

يقول «روبرت كارتر» الأستاذ بجامعة أكسفورد بروكس في بريطانيا: «أعتقد ان نظرية جيفري جريئة وخيالية، ونأمل أن تحدث تغييراً كبيراً». وأضاف: «سوف تعيد النظرية بشكل تام صياغة فهمنا لموجات الهجرة خارج إفريقيا. وهي لا تزال قيد التجربة، إلا أن جيف وآخرين سوف يطورون برامج بحثية للتأكد من صحة هذه النظرية».

من جانبه وصف فكتور سيرني الباحث في معهد الآثار في براغ، النتائج التي توصل إليها جيفري أنها «نظرية ممتازة»، رغم أنه يرى ضرورة إجراء المزيد من البحث لإثباتها. وقد أججت النتائج النقاش بين الباحثين، أمثال كارتر وسيرني، الذين أتيح لهم طرح تعليقات حول الدراسة بشأن من هم على وجه الدقة البشر الذين سكنوا حوض الخليج.

وتقول «ساينس نيوز» إن نظرية «روز» أن منطقة الخليج (والتي كانت واحة كبيرة) وما حولها يحتمل أنها كانت تأوي البشر قبل مئة ألف عام، قبل أن تغمرها مياه المحيط الهندي. تشير النظرية إلى أن الإنسان استوطن هذه المنطقة قبل ألوف السنين من نماذج الهجرة المطروحة. يقول «روز»: «في ضوء اكتشاف مجتمعات الناندرتال في المناطق العليا من نهري دجلة والفرات، وفي منطقة المتوسط الشرقية، ربما تكون هذه المنطقة نقطة التقاء بين مجتمعات الناندرتال والحديثة.

وعلى مر السنين عثر العلماء على آثار في الخليج تعود إلى ما قبل 7500 عام. وبحسب «روز»، فإن آثار الخليج تدل على مستوطنات فيها بيوت حجرية، وشبكات تجارية، وفخاريات مزخرفة، وواحد من أقدم القوارب التي عرفتها البشرية.

وكانت منطقة الخليج قبل أن تغمر بالمياه ملجأً من الصحراء والزحف الجليدي من الشمال، ترويها مياه أنهار كثيرة، استوطنها الإنسان الحديث قبل العديد من الأماكن على وجه الأرض.

وتشير أكثر الدلائل وضوحاً إلى وجود مخيمات بشرية في منطقة الخليج إلى موقع أثري وهو «جبل فايا 1» الموجود في قلب حوض الخليج، الذي تم اكتشافه منذ أربع سنوات على يد عالم الآثار «هانز-بيتر أوربمان» من جامعة «توبنغن» في ألمانيا. الآثار المكتشفة عبارة عن مستوطنات تعود إلى العصر الحجري وتتراوح من حيث العمر ما بين 125 ألفا و25 ألف سنة. ويرى «روز» أن هذه المواقع الأثرية تشير إلى «المجموعات البشرية الأولى التي كانت تعيش حول حوض الخليج في فترة متأخرة من عصر البلَيْستوسين.

إعداد ـ هشام فتحي