حذر تقرير حديث لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة من تراجع ملحوظ في مستعمرات نحل العسل في أوروبا والولايات المتحدة خلال العقد الماضي، وهي الظاهرة التي يتم رصدها حالياً في الصين واليابان وأماكن متفرقة من منطقة الشرق الأوسط. وتقول صحيفة «إندبندنت» البريطانية، في تقرير حديث لها، إن القائمين على إعداد التقرير من خبراء النحل من جميع أنحاء العالم، أعربوا عن قلقهم من نفوق النحل بأعداد كبيرة، ما يعني تراجعاً في دور النحل في تلقيح المحاصيل. ورصد التقرير عدة عوامل تؤدي إلى هذا الانخفاض الهائل، والمخاطر المترتبة عليه وانعكاساته السلبية على البيئة والثروة النباتية في العالم.
وتقول «إندبندنت» إن أحد هذه العوامل يتمثل في وجود أمراض فطرية خبيثة يمكن أن تكون مميتة بالنسبة للنحل تنتقل من منطقة إلى أخرى من خلال الحركة التجارية الواسعة في العالم اليوم. كما أشار التقرير إلى أن زيادة استخدام مواد كيميائية في الزراعة يمكن أن تكون ضارة أو سامة بالنسبة للنحل ما يؤدي إلى هلاكه، علاوة على التغيرات السلبية في المناخ التي أدت إلى تغيير مواعيد ازدهار النباتات وأنماط هطول الأمطار ما أثر بدوره على نوعية وكمية إمدادات الرحيق. وقالت التقرير: «إن تراجع دور النحل في التلقيح الطبيعي سيؤدي دوراً في تشكيل مستقبل البشرية الجماعي في القرن الحادي والعشرين، حيث يقوم النحل بتلقيح 70٪ من المحاصيل التي توفر 90٪ من المواد الغذائية في العالم». وأشار «أكيم شتاينر»، مساعد الأمين العام للأمم المتحدة والمدير التنفيذي لبرنامج البيئة: «نسج الانسان خيالاً بأنه لديه القوة التكنولوجية في القرن الحادي والعشرين بحيث تمكنه من الاستقلال عن الطبيعة. والآن يؤكد لنا النحل حقيقة أننا أكثر اعتماداً على خدمات الطبيعة في عالم يوشك عدد سكانه أن يصل إلى سبعة مليارات نسمة».
وبحسب التقرير الأممي، فإن التراجع في أعداد النحل في أوروبا يعود إلى منتصف عقد الستينات من القرن الماضي، إلا أن وتيرة التراجع زادت بشكل ملحوظ منذ عام 1998، بينما شهدت أميركا الشمالية انخفاضاً في عدد مستعمرات النحل منذ العام 2004، مما خلف القارة في أدنى مستويات التلقيح الطبيعي أكثر من أي وقت مضى خلال الخمسين عاماً الماضية. وفي الوقت ذاته هناك احتمال ضياع نحو 20 ألفاً من النباتات المزهرة والتي تعتمد عليها العديد من أنواع النحل في حال فشل الجهود للحفاظ عليها.
من جانبه، أشار الباحث في المركز السويسري لأبحاث النحل الدكتور «بيتر نيومان» وأحد معدي التقرير، إلى أن: «التحول من الريف إلى المدن منذ منتصف القرن الماضي أدى إلى انخفاض في أعداد النحل البري وغيره من الحشرات الملقحة». وأضاف: «يستثمر المجتمع بشكل متزايد في إنشاء المناحل الاصطناعية وإدارة مستعمرات النحل من أجل تعويض النقص، وبناء المناحل حول الحقول والمزارع من أجل الحفاظ على الموارد الغذائية».
ولفت إلى وجود مجموعة من العوامل تجعل مستعمرات النحل الاصطناعية أكثر عرضة للتدهور والانهيار، مشددا على أهمية الحصول على ما وصفها بإدارة أكثر ذكاء للتعامل مع خلايا النحل بصورة توفر استمرارية أدائها.