قد تكون زوجة أو سبية أو مقاتلة أو مدرسة. أدوار النساء داخل تنظيم داعش متنوعة. ومما لاشك فيه هو أن حضورها داخل التنظيم قوي مقارنة بغيره من التنظيمات المتطرفة الرافضة لحقوق الإنسان. غير أن استغلالهن لا يحميهن من الإعدامات.
حسب المرصد السوري لحقوق الانسان أقدم تنظيم "الدولة الإسلامية"، اليوم الثلاثاء، على إعدام إمرأتين عبر قطع رأسيهما وذلك للمرة الأولى في سوريا بعد اتهامهما بـ "ممارسة السحر". إنها ليست المرة الأولى التي يعدم فيها التنظيم نساء في المناطق الخاضعة لسيطرته، إذ سبق أن نفذ إعدامات طالت النساء من خلال القيام برجمهن بتهمة الزنى، أو رميا بالرصاص بتهم مختلفة أخرى. وبحسب المرصد السوري، فقد نفذ التنظيم خلال سنة واحدة في سوريا أكثر من ثلاثة آلاف عملية إعدام صلبا أو شنقا أو ذبحا أو رجما أو رميا بالرصاص بتهم تنوعت بين تهم الكفر والمثلية الجنسية ومحاربة "الدولة الاسلامية" و"التجسس للنظام النصيري" والسحر وغيرذلك. وكان للنساء نصيبهن من تلك الإعدامات.
إلى جانب عقوبة الإعدام تعرضت مئات النساء إلى أعمال الاغتصاب والسبي والاختطاف والمتاجرة بهن على أيدي مقاتلي "داعش" في المناطق الخاضعة لسيطرة التنظيم أو التي تمكن من دخولها. وبالمقابل يروج التنظيم للمقاتلات من بين النساء في صفوفه واللواتي يلعبن دورا في تجنيد العديد من النساء.
نساء في أدوار مختلفة
لطالما شكلت المرأة الحلقة الأكثر غموضا في التنظيمات المتطرفة. ويبدو أن هذا الأمر في طور التغيير عند الحديث عن "داعش"، بعدما ظهرت بقوة أسماء وصور لمقاتلات يعول عليهن التنظيم بقدر ما يعول على مقاتليه الرجال في بعض الأحيان. وقد أدى تزايد عدد المهاجرين إلى سوريا واصطحاب الكثيرين منهم لزوجاتهم إلى تعزيز صفوف التنظيم. يضاف إلى ذلك توافد عدد من النساء اللواتي هربن من عائلاتهن بحثا عن "طريق الجنة"، كما يروج التنظيم لذلك في دعايته. وقد ارتبطت صورة المرأة في علاقتها بتنظيم "داعش" من خلال المنظور الجنسي أو ما يطلق عليه في الإعلام "جهاد النكاح".
ويقول رامي عبد الرحمن مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان إن المرصد لم يسبق له أن سجل حالات "جهاد نكاح" في سوريا، كما تتحدث وسائل الإعلام كثيرا عن ذلك، لكنه يلاحظ في حديث مع DW /عربية أن النساء في تنظيم "داعش" يقمن بأدوار مختلفة مثل القيام بالتدريس والتمريض والدعوة ويقول: "ليس هناك من مقاتلات داخل "داعش" وإنما هناك شرطيات فيما يعرف بشرطة الحسبة أو الشرطة الإسلامية. ويتراوح عددهن بين 500 و600 امرأة في كافة المناطق التابعة للتنظيم". ويضيف عبد الرحمن أن عدد المعلمات اللواتي يقدمن دروسا في الشريعة للفتيات يبلغ حوالي 800 امرأة، أما عدد السبايا فيتراوح العدد، حسب الخبير السوري بين 400 و500 سبية.
ويرى حسن أبو هنية الخبير الأردني في قضايا الإرهاب أن تنظيم "داعش" هو "أحد أكثر التنظيمات الجهادية التي أدخلت المرأة للعمليات الجهادية منذ أيام أبو مصعب الزرقاوي، عندما نفذت امرأة عملية انتحارية في العراق عام 2004 . وبعدها تم إنشاء كتيبة الخنساء للاستشهاديات، والتي مازالت قائمة حتى الآن".
جزء من "دولة الخلافة"
ويضيف أبو هنية خلال مقابلة مع DW /عربية وجود قسم نسائي داخل "داعش" يشرف على كل ما يتعلق بالنساء في التنظيم، ويضيف أن أدوار المرأة داخل التنظيم مختلفة وتتنوع بين مهمات التدريس والتطبيب بالإضافة إلى التنسيق اللوجستي والدعائي والأيديولوجي، ومنهن من يشاركن في عمليات عسكرية وينفذن عمليات انتحارية.
وحول أسباب تركيز "داعش" أكثر من تنظيمات أخرى على دور المرأة في التنظيم الارهابي يعتبر عبد الرحمن أن "هذا التنظيم يصور نفسه على أنه دولة في حد ذاته وبالتالي فهو يحتاج للنساء، ويتجلى دورهن أحيانا في إغراء المقاتلين كما حدث مع الأيزيديات". وفي نفس السياق يقول أبو هنية أيضا: "إن هذا التنظيم يريد أن يثبت أنه ليس تنظيما عاديا بل دولة خلافة قائمة بذاتها وأن المرأة جزء منها، وله تصور خاص حول بنية التشريع والقانون فيما يتعلق بالمرأة، حيث يفرض عليها ارتداء النقاب في مناطقه وعدم الخروج دون محرم عليها وغير ذلك" ويلاحظ الخبير قائلا: "أما فيما يتعلق بتوزيع النساء فهو يسبي نساء الأقليات مثل الأيزيديات ويبيعهن لمقاتليه، بينما يتخذ لعناصره من المهاجرات أو السوريات زوجات ومن الكِتابيات جواري كي يظهر للرأي العام أنه يتعامل حسب أصول الإسلام".
غسيل الأدمغة
لايستهدف التنظيم النساء الشرقيات فقط بل نساء من الغرب أيضا، حيث إنه استقطابهن لصفوفه عبر وسائل التواصل الاجتماعي بشكل خاص. ويتم الإغراء بالمال والتوبة تارة وبالحصول على الأمان وغير ذلك تارة أخرى.
وذكرت نيمي غوريناثان، الأستاذة في كلية "سيتي" بنيويورك وأخصائية شؤون المرأة والعنف الجنسي لموقع سي إن إن الأميركي، أن سبب انجذاب نساء في الغرب للخطاب الديني لـ"داعش" المتعارض مع حقوق المرأة، يرتبط بموقف سياسي. فهؤلاء "النساء الملتحقات بداعش يدركن أن المعركة لا تتعلق بحقوق المرأة بل بقضية قيام الخلافة، وبالتالي فهن يدخلن من أجل الصراع السياسي، وهذا أمر لا يفهمه الكثيرون، والنساء اللواتي يذهبن إلى "داعش" يبحثن عن أمور من بينها الأمن والأمان، حيث لديهن الشعور بأن هويتهن مهددة".
وفي نفس السياق يضيف الخبير أبو هنية عن سبب انضمام النساء للتنظيم ويقول: "أولا يجب التفريق حسب المناطق التي تأتي منها هؤلاء النساء، فهناك من تم استقطابهن من الخليج وهنا نجد أن ما تلقنته السعوديات مثلا من تربية دينية في بلدهن لا يختلف كثيرا عما تروج له "داعش". فالعديد من نساء تلك البلدان يعتقدن أن "الدولة الإسلامية" تقوم بالتطبيق الحقيقي للإسلام ويعتبرن أن الدول التي ينتمين إليها خارجة عن الشريعة". أما بالنسبة لبعض النساء من بلدان غربية "فمنهن من اتخذت الأمر كنوع من المغامرة أوللبحث عن الذات، حيث يدفع ذلك بهن إلى الخوض في تجربة بعيدة عن تجربة الحداثة".