نجحت دبي في تعزيز مكانتها ضمن أبرز الوجهات العالمية التي تمنح المشاريع الصغيرة والمتوسطة (SMEs) فرصاً للتوسع والنجاح على الصعيد الدولي، حيث توفر الإمارة بيئة استثمارية متكاملة تسهم في تحويل الأفكار إلى قصص نجاح عالمية.



ويستحوذ قطاع المشاريع الصغيرة والمتوسطة الذي يشكل ركيزة أساسية في تحقيق أجندة دبي الاقتصادية D33 على نحو 99.2 % من إجمالي الشركات العاملة في دبي، ويحتضن حوالي 51 % من مجموع القوى العاملة، كما يسهم بنسبة 46 % من الناتج المحلي الإجمالي لاقتصاد الإمارة، مما يساعد في تحقيق وتعزيز التنمية الشاملة في مختلف القطاعات الاقتصادية.



وتتصدر مدينة دبي مشهد الشركات الناشئة التي انتقلت إلى نادي الشركات العالمية لما توفره من بيئة أعمال متطورة تجاري مستجدات وتحولات السوق وتحدياته، فقد وصلت شركة «كريم» خلال سنوات معدودة إلى العالمية بعد أن استحوذت عليها شركة «أوبر»، كما شكلت «سوق دوت كوم» نموذجاً لقصص نجاح الشركات الناشئة في دبي بعد أن استحوذت عليها شركة «أمازون»، كما أن شركة «مكتوب» استحوذت عليها «ياهو»، هناك أيضاً شركة دوبيزل التي بدأت بـ12 ألف دولار ثم استحوذت عليها شركة ناسبرز، Naspers وقدرت قيمتها عند الشراء بنحو 400 مليون دولار، وهناك أيضاً العديد من الشركات الأخرى مثل بروبرتي فايندر، وزاوية دوت كوم، وغيرهما.



سجل نجاحات

وأكد خبراء ومتخصصون لـ«البيان» أن دبي تمتلك سجلاً حافلاً بالنجاحات في احتضان الأفكار وتطوير المشاريع الناشئة، بدعم مجموعة من العوامل التي تتمثل في توسع الإمارة في تقديم المزايا والحوافز للمستثمرين ورواد الأعمال، والاستراتيجية الحكومية المحفزة على الإبداع والابتكار، وتوفير بيئة الأعمال المثالية والحاضنات التكنولوجية، والبنية التحتية فائقة التطور، بالإضافة إلى قدرة الإمارة على استقطاب أصحاب الثروات والمواهب في شتى المجالات، فضلاً عن سهولة تسويق المنتجات إلى مختلف أنحاء العالم، ووجود التشريعات القوية التي تضمن حقوق الملكية الفكرية وتصون حقوق الأطراف ذات الصلة.



مؤسسة تنمية المشاريع

وتمكنت مؤسسة محمد بن راشد لتنمية المشاريع الصغيرة والمتوسطة، إحدى مؤسسات دائرة الاقتصاد والسياحة في دبي، من إرساء بيئة مثالية تنافسية داعمة لريادة الأعمال وبناء مشاريع وإطلاق ابتكارات ناجحة، وأسهمت المبادرات والبرامج التي أطلقتها المؤسسة في اجتذاب المواهب والاستثمارات في مجال التقنيات والصناعات والخدمات الجديدة.



وأكد عبدالباسط الجناحي، المدير التنفيذي لمؤسسة محمد بن راشد لتنمية المشاريع الصغيرة والمتوسطة، أن المشاريع الصغيرة والمتوسطة تلعب دوراً كبيراً في دفع عجلة النمو الاقتصادي المستمر في دبي، مشيراً إلى أن هذه المشاريع تحفز المواهب المحلية الكامنة وتخلق مزيداً من فرص العمل الكفيلة بتعزيز الإيرادات ودعم الركائز الأساسية للازدهار ورسم مستقبل مشرق ومستدام.



وأضاف أن مؤسسة محمد بن راشد لتنمية المشاريع الصغيرة والمتوسطة تعمل على دعم الأعمال الوطنية ومدها بسبل النجاح لترسيخ مكانتها وتمكينها من خوض المنافسة العالمية والاستفادة من فرص الوصول إلى الأسواق، بما ينسجم مع مستهدفات أجندة دبي الاقتصادية D33 الرامية إلى دعم التنمية وتعزيز التوسع العالمي للشركات الإماراتية.



وقال الجناحي إن هناك العديد من الشركات التي نجحت واستطاعت التوسع عالمياً ورفع راية الإمارات في الخارج لتمثيلها على نحو مشرّف، ومنها شركة نحالي الإمارات، وشركة كارتر آند وايت، وشركة جرين فيجن للاستشارات.

وأوضح أن مؤسسة محمد بن راشد لتنمية المشاريع الصغيرة والمتوسطة قدمت منذ التأسيس وحتى نهاية عام 2023 دعماً لنحو 16443 شركة محلية و50131 رائد أعمال إماراتياً، مشيراً إلى أن المؤسسة حرصت على الوقوف إلى جانبهم سواء قبل إطلاق المشروع أو طوال مسيرة نموه وتوسعه فيما بعد، من خلال توفير الدعم المالي والفني وغيره من توجيهات ونصائح وورش عمل.



وأضاف الجناحي أن نحو 46209 رُوّاد أعمال استفادوا من خدمات التدريب وبرامج الدبلوم طوال هذه السنوات، بينما ازداد الدعم المُقدّم من المؤسسة لرواد الأعمال الإماراتيين والشركات الوطنية ليصل إلى أكثر من 1.5 مليار درهم، ووصل عدد المشاريع المستفيدة من الدعم المالي لصندوق محمد بن راشد لدعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة إلى 118 مشروعاً بقيمة 103,146,208 دراهم، وبلغ إجمالي عدد الأعضاء المستفيدين من خدمة الترويج التجاري لرواد الأعمال منذ إطلاقها 3400 مستفيد، وذلك منذ عام 2002.



وقال إنه في شهر يونيو من العام الماضي، اعتمد سمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم، ولي عهد دبي، نائب رئيس مجلس الوزراء، وزير الدفاع، رئيس المجلس التنفيذي لإمارة دبي، النموذج المستقبلي لمؤسسة محمد بن راشد لتنمية المشاريع الصغيرة والمتوسطة، والذي يتماشى مع الأهداف الطموحة التي حددها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، لمضاعفة الإنجازات التي حققتها المؤسسة على مدار العشرين عاماً الماضية من 13 ألفاً إلى 27 ألف شركة جديدة في غضون 10 سنوات. ويسعى النموذج الجديد إلى تأسيس 27 ألف شركة إماراتية جديدة وتمكين 8000 رائد أعمال إماراتي لرفد الناتج المحلي الإجمالي في دبي بحوالي 9 مليارات درهم في عام 2033.



وقال أحمد خليفة العيالي، المؤسس والمدير العام، جرين فيجن للاستشارات، إن دبي توفر بيئة حيوية وداعمة للأعمال بفضل موقعها الاستراتيجي، والبنية التحتية الحديثة، والنهج المبتكر للقيادة الحكيمة في دعم مجتمع الأعمال، كما أن حيوية المدينة والبيئة الآمنة التي تتمتع بها يجعلها مكاناً مثالياً لتأسيس وتطوير الأعمال. وأكد أن الدعم المقدم من إمارة دبي ومؤسسة محمد بن راشد لتنمية المشاريع الصغيرة والمتوسطة بصفة خاصة كان محورياً في نجاح الشركة، خصوصاً من خلال الحوافز المالية التي ساعدت في تغطية تكاليف التوسع والتطوير، الأمر الذي أسهم في تقليل الأعباء المالية، وأتاح للشركة التركيز على الابتكار والنمو.



حوافز

وأضاف أن نجاح شركة جرين فيجن للاستشارات جاء بفضل الحوافز التي قدمتها وتقدمها إمارة دبي ومؤسسة محمد بن راشد لتنمية المشاريع الصغيرة والمتوسطة والتي لعبت دوراً حاسماً في تطوير الشركة، حيث قدمت الدعم والموارد التي ساعدت على نمو الشركة وتطورها، وكان أحد أهم الحوافز التي قدمتها مؤسسة محمد بن راشد لتنمية المشاريع الصغيرة والمتوسطة هو الوصول إلى الدعم المالي المصمم خصيصاً للشركات الناشئة والذي ساعد في تغطية التكاليف المرتبطة بتوسع الشركة، والاستثمار في المعدات الأساسية، والدورات التدريبية المهنية للموظفين، وتنويع نطاق الخدمات وتوسيع العمليات إلى خارج دولة الإمارات لتغطي منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بأكملها.



وقال إن شركة جرين فيجن للاستشارات شهدت منذ تأسيسها نمواً وتحولاً ملحوظاً، وما بدأ كمشروع متواضع تطور ليصبح مؤسسة مزدهرة، تظهر تقدماً كبيراً في حجم الأعمال، والوصول إلى السوق، والاستثمار الرأسمالي، وحجم القوى العاملة.



وأوضح العيالي أن الشركة نجحت خلال فترة قصيرة في تحقيق نمو كبير، وزادت الإيرادات عشرة أضعاف، مدفوعة بتدفق ثابت ومستمر من العملاء الجدد وتكرار الأعمال من العملاء القديمين، مشيراً إلى أن النمو في حجم الأعمال والدعم الذي تلقيناه من مؤسسة محمد بن راشد لتنمية المشاريع الصغيرة والمتوسطة كان حافزاً لإعادة الاستثمار في الشركة، وتعزيز قدراتها وتوسيع عروضها.



وقال: اقتصرت عمليات الشركة في البداية على سوق واحدة، مع التركيز على المشاريع المحلية داخل دبي. واليوم، نجحت في توسيع نطاق وصول أعمالها لتشمل أسواق متعددة في جميع أنحاء الشرق الأوسط وآسيا، الأمر الذي خفف من المخاطر المرتبطة بالاعتماد على سوق واحدة، مشيراً إلى أنه من خلال التكيف مع الاحتياجات الفريدة للمناطق المختلفة، قامت الشركة ببناء نموذج عمل قوي ومرن. عبر بناء محفظة عملاء متنوعة ومرموقة، بما في ذلك الشركات الرائدة والهيئات الحكومية، مما يوضح قدرتها على التعامل مع المشاريع المعقدة ورفيعة المستوى في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.



الموقع الاستراتيجي

ومن جهته قال مروان بن يوسف السركال، المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة «كارتر آند وايت»، إن اختيار الشركة الانطلاق من إمارة دبي جاء نظراً لموقعها الاستراتيجي، وبيئتها التجارية النابضة بالحياة، مستفيدة من الدعم الذي تقدمه مؤسسة محمد بن راشد لتنمية المشاريع الصغيرة والمتوسطة. لقد كانت الحوافز المقدمة، بما في ذلك الوصول إلى الإرشاد، وفرص التمويل، وفعاليات التواصل، ذات دور حاسم في تطوير الشركة.



وأضاف: تجسد دبي، وهي مدينة ترتبط بالتميز والرقي، الفخامة بشكل يتماشى تماماً مع فلسفة علامة «كارتر آند وايت»، ومنذ تأسيسها التزمت الشركة باستخدام المواد ذات الجودة العالية، وهو ما ينعكس في راحة وبساطة منتجاتها التي تلاقي استحساناً لدى الأفراد حول العالم. إن توسعنا في أسواق دولية متنوعة داخل منطقة الخليج وأوروبا، وزيادة الاستثمارات الرأسمالية، والنمو الكبير في حجم القوى العاملة يعزز التزام الشركة بوضع معايير جديدة في عالم الأزياء الفاخرة من خلال حرفية عالية والانتباه إلى أدق التفاصيل. وأوضح أن رؤية الشركة تشمل التوسع العالمي في المزيد من الأسواق، وتطوير المنتجات المبتكرة، وتعزيز الشراكات التي تعكس قيم العلامة التجارية المتنامية.



ومن جهته قال مانع أحمد الكعبي، الرئيس التنفيذي لشركة «نحالي الإمارات»، رئيس مجلس تجار حتا، إن دبي تعتبر من أهم مدن العالم في دعم رواد الأعمال وهي حلقة وصل تربط الشرق بالغرب، وتوجد فيها خدمات لوجستية من طيران وموانئ وبنية تحتية وتسهيلات حكومية وتشريعات وأنظمة ودعم لا محدود لأصحاب المشاريع ورواد الأعمال، وبيئة خصبة لنمو المشاريع وانتشارها عالمياً، وتنظم فيها معارض دولية وملتقيات سنوية في قطاعات عدة وكثيرة تكون ملتقى لرواد الأعمال وأصحاب المشاريع على اختلاف تخصصاتهم وتنوعها، ناهيك عن التسهيلات الحكومية ووضوح الإجراءات وسرعتها، فدبي هي مدينة الحالمين والطامحين للنجاح في ريادة الأعمال عالمياً.



دعم متواصل

وأضاف أن مؤسسة محمد بن راشد لتنمية المشاريع الصغيرة والمتوسطة لعبت دوراً كبيراً في نجاح المشروع من خلال دعم الدورات التدريبية ونقل المعرفة وتبادل الخبرات للدخول في قطاع الأعمال وكذلك الدعم في التمويل بتسهيلات ميسرة، ودعم الوصول إلى أسواق جديدة الأمر الذي تواصل من بداية المشروع حتى الوصول إلى الأسواق العالمية، وكان آخر دعم مقدم من المؤسسة في منخفض الهدير، حيث أُطلقت مبادرة ودعم لتمويل قروض للشركات التي تأثرت بسبب السيول والأمطار في منخفض الهدير.



وقال إن الشركة شهدت تطوراً كبيراً وزادت كميات الإنتاج ودخلت أسواقاً جديدة خليجية وإقليمية. وهناك توسع لافت في حجم أعمال الشركة وتنوعه وزيادة فرص وعدد الموظفين، مشيراً إلى أن الشركة لديها خطة للتوسع ودخول أسواق جديدة كالسوق الأوروبي والآسيوي في السنوات المقبلة.