تتجه شركات قطاع التجزئة في الإمارات نحو إدراج أسهمها في أسواق المال، بهدف الحصول على تمويلات لمشاريعها واستثماراتها ضمن خططها للنمو والتوسع والازدهار، إلى جانب مشاركتها في مسيرة النمو القوي للاقتصاد الوطني.

وشكل الإدراج الناجح لعدد من شركات قطاع التجزئة في أسواق المال الإماراتية تطوراً ملحوظاً من المتوقع أن يسهم في دفع عجلة القطاع نحو مزيد من التوسع والنمو، بالإضافة إلى تعزيز البيئة التنظيمية للشركات المدرجة في أسواق المال الإماراتية ورفع تنافسيتها.

ووفق رصد «البيان»، شهد سوق دبي المالي إدراج أسهم «تعاونية الاتحاد» في عام 2022، كأول تعاونية استهلاكية في الدولة تُقدم على هذه الخطوة الرائدة تنفيذاً لقرار مجلس الوزراء بشأن تداول أسهم الجمعيات التعاونية في الأسواق المالية في الدولة، لتصل القيمة السوقية لأسهم تعاونية الاتحاد ما يصل إلى نحو 4.04 مليارات درهم.

كما رحب سوق دبي المالي بإدراج شركة «سبينس 1961 هولدينج» في مايو الماضي، وبلغت القيمة السوقية للشركة 5.51 مليارات درهم (1.50 مليار دولار) عند الإدراج. كذلك أعلنت شركة «طلبات هولدينج» إجراء طرح عام أولي وإدراج أسهمها العادية للتداول في سوق دبي المالي، حيث تتراوح القيمة السوقية للشركة عند الإدراج بين حوالي 34.93 مليار درهم و37.26 مليار درهم.

فيما شهد سوق أبوظبي للأوراق المالية إدراج أسهم مجموعة «لولو للتجزئة» خلال نوفمبر الحالي ليمثل بذلك الإدراج رقم 100 في سوق أبوظبي للأوراق المالية، لتصل القيمة السوقية لأسهم «لولو للتجزئة القابضة» حوالي 21 مليار درهم.

وفي أكتوبر الماضي وافقت الجمعية العمومية لجمعية أبوظبي التعاونية، التابعة لمجموعة مير، على تحويل التعاونية إلى شركة مساهمة عامة وإدراج أسهمها في سوق أبوظبي للأوراق المالية، فيما تستعد شركات أخرى للتحول إلى شركة مساهمة عامة، وإدراج أسهمها في أسواق المال الإماراتية.

وكان حامد علي الرئيس التنفيذي لسوق دبي المالي وناسداك دبي كشف لـ«البيان» في سبتمبر الماضي، عن نجاح سوق دبي في جذب ما يقارب الـ 37 مليار درهم من 9 اكتتابات خلال عامين (من أبريل 2022 حتى مايو 2024)، فيما فاق حجم الطلب على هذه الاكتتابات 1.1 تريليون درهم، وقال: أنجزنا خلال 2024 اكتتابين حتى الآن، هما «باركن» و«سبينس»، مشيراً إلى أن الشركتين حققتا نجاحاً فاق التوقعات، فشركة «باركن» حققت أرقاماً قياسية في مضاعفة الاكتتاب فيها، و«سبينس» كانت أول شركة خاصة مدرجة خلال العام، ما ساعد على تعزيز الزخم في السوق.

وأكد عدد من الخبراء والمسؤولين لـ«البيان»، أن نجاح إدراجات شركات قطاع التجزئة في الأسواق المالية بالدولة يمهد الطريق أمام المزيد من الإدراجات للشركات من قطاعي الاستهلاك والتجزئة للاستفادة من التواجد في سوقي دبي المالي وأبوظبي للأوراق المالية، كما يساهم في زيادة الأرباح والعائدات للمساهمين، من خلال رفع مستوى المبيعات والإيرادات، فضلاً عن التطوير المستمر للخدمات بما يعود بالنفع على المتعاملين.

وأضاف الخبراء أن أسواق المال تعد منصة جيدة للشركات للحصول على التمويلات اللازمة للتوسع والنمو سواء عن طريق زيادات رؤوس الأموال أو عن طريق الاقتراض بإصدار السندات بأنواعها المختلفة، بينما تعد بالنسبة للمتعاملين منصة للاستثمار في أدوات مالية صادرة عن كيانات اقتصادية تطبق معايير الشفافية والحوكمة.

ريادة عالمية

ويرى عبد الله سالم النعيمي، الرئيس التنفيذي لمجموعة سوق أبوظبي للأوراق المالية، أن إدراج شركة «لولو للتجزئة» يعد أكبر طرح عام أولي في الإمارات منذ بداية العام الجاري، وهو ما عزز من ريادة سوق أبوظبي حيث تم تصنيفه في المركز الخامس عالمياً من حيث العوائد المحصلة من الطروحات الأولية.

وأضاف النعيمي أن وجود شركات التجزئة ضمن قطاعات السوق يعد خطوة مهمة، مشيراً إلى حرص السوق على إثراء القطاعات وتنويعها بما يعزز من مكانته كبوابة رئيسية لتدفقات رأس المال. وتوقع النعيمي أن يشهد السوق المزيد من الإدراجات خلال الفترة القادمة، مرجحاً أن يكون هناك إدراج واحد قبل نهاية العام الجاري.

الشفافية

وأكد الدكتور سهيل البستكي، الرئيس التنفيذي للعلاقات المجتمعية في تعاونية الاتحاد، أن عملية الإدراج في الأسواق المالية خطوة مهمة جداً للشركات في قطاع التجزئة. وقال: الإدراج يعني المزيد من الشفافية، والوجود في أسواق المال يعني سهولة تداول الأسهم، بالإضافة إلى ما يمثله السوق كقوة اقتصادية.

وأشار إلى أن اتجاه الشركات الكبيرة إلى أسواق المال يعزز الانتماء عند المساهمين، مشيراً إلى أن سوق دبي منصة عالمية وعملية الإدراج تعني المزيد من الأمن. وأضاف أن مسألة شراء الأسهم تكون عن طريق السوق وكذلك توزيع العوائد والأرباح في وقتها يكون عن طريق السوق، وكل ذلك يضيف الكثير من الشفافية والثقة والأمن.

أموال جديدة

وأكد إبراهيم البحر، الخبير الاقتصادي في قطاع تجارة التجزئة مدير مؤسسة البحر للاستشارات، أن فكرة لجوء الشركات الكبيرة في قطاع التجزئة إلأى السوق المالي ممتازة، وتهدف إلى توسيع قاعدة المساهمين، وزيادة رأس المال وضخ أموال جديدة واستخدام ذلك في المشروعات التوسعية للشركات. وأوضح أن إدراج الشركات في أسواق المال يوفر لها سيولة كبيرة للتوسع في مشروعات جديدة وافتتاح فروع جديدة بدلاً من الاتجاه إلى القروض لتمويل التوسعات.

وأشار إلى أن عمليات الإدراج واتجاه العميل إلى شراء سهم شركة معينة يزيد من فكرة الولاء لتلك الشركة عند العميل، لأنه أصبح أحد المساهمين فيها. وقال إبراهيم البحر إن الشركات التي قررت الإدراج في البورصة ذكية ومتميزة، وحققت أكثر من هدف بتوسيع قاعدة المساهمين واستقطاب أموال جديدة واستثمار ذلك في المشروعات التوسعية.

نمو مستدام

وقال أشرف علي، المدير التنفيذي للعمليات العالمية في «لولو للتجزئة»، إن إدراج أسهم الشركة في سوق أبوظبي للأوراق المالية خطوة مهمة بالنسبة للمجموعة ضمن خططها للتوسع والنمو وتمويل مشاريعها المستقبلية. وأضاف أن الإدراج في سوق المال يوفر للمجموعة تمويلات جيدة تساعدها على التوسع في مختلف الأسواق، لا سيما بعدما نجحت في تصدر مرتبة رائدة في قطاع التجزئة بأسواق دول مجلس التعاون الخليجي مع امتلاكها العديد من الفروع في البحرين وقطر والسعودية.

وتوقع أن تواصل المجموعة خططها للتوسع والنمو، مشيراً إلى افتتاح أحدث متاجرها في موتور سيتي بدبي مع تطلعها إلى بداية جديدة في استراتيجية التوسع والنمو وتمهد الطريق نحو نمو مستدام في المستقبل، حيث تواصل البناء على زخم الإطلاق الضخم لعملية الاكتتاب العام الأولي. وأشار إلى أن المجموعة تستهدف افتتاح 100 متجر في غضون السنوات الثلاث إلى الخمس القادمة.

خطوة عملاقة

وأكد ناندا كومار، مدير التسويق والاتصال المؤسسي لمجموعة لولو، أن الإدراج الناجح لشركة اللولو للتجزئة القابضة في سوق أبوظبي للأوراق المالية، خطوة عملاقة ليس فقط لمجموعة اللولو، ولكن للعملية الاقتصادية في أبوظبي، وخاصة جميع الشركات في قطاعي الاستهلاك والتجزئة في العاصمة.

وقال: إن الإنجاز الذي حققته اللولو يؤكد على قوة اقتصاد دولة الإمارات ودور سوق أبوظبي للأوراق المالية كمحفز للنمو ومنصة مفضلة للإدراج. وأشار إلى أن «لولو للتجزئة القابضة»، بدأت التداول بنجاح في سوق أبوظبي للأوراق المالية بعد طرحها العام الأولي، حيث حقق الطرح العام الأولي لشركة لولو عائدات إجمالية متميزة.