تواصل دبي ترسيخ مكانتها وجهة رائدة للاستثمارات الصناعية العالمية، وتشكل المنطقة الحرة في جبل علي (جافزا) ركيزة أساسية لهذا النجاح، وقاعدة حيوية لانطلاق أكثر من 800 شركة صناعية للتوسع في الأسواق الآسيوية والأوروبية والأفريقية.
ويرتبط النمو السريع الذي شهده القطاع الصناعي في جافزا بالطفرة الاقتصادية التي حققتها دبي خلال العقد الماضي، حيث توسعت المرافق الصناعية في جافزا لتغطي مساحة 13.6 مليون متر مربع، تقدم فيها حلولاً مخصصة لشركات التصنيع تشمل قطع الأراضي، والمكاتب، وورش العمل، إضافة إلى الوحدات الصناعية الخفيفة متعددة الاستخدامات، والمستودعات المخصصة لتلبية متطلبات الشركات الصناعية.
وتمثل هذه البنية التحتية الشاملة أساسًا متينًا لتمكين قطاع التصنيع من الازدهار والنمو والتوسع في أعماله.
بيئة عمل متكاملة
وأكد سلطان بن سليم، رئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي لمجموعة موانئ دبي العالمية أن المركز التجاري واللوجستي الرائد في جافزا يشكل حجر الزاوية للنهضة الكبيرة التي يشهدها قطاع التصنيع، على الرغم من التحديات التي تواجهه، وفي مقدمتها التضخم العالمي وتقلبات سلاسل التوريد.
وتستمر المنطقة الحرة في لعب دورها في طليعة الممكنات التي تقود نمو القطاع الصناعي، ويتماشى هذا التوجه مع المبادرات الوطنية الكبرى؛ مثل استراتيجية الإمارات الصناعية «مشروع 300 مليار»، ومبادرة «نحن الإمارات 2031»، ومشاريع الخمسين، والتي تهدف جميعها إلى تحقيق الازدهار ورغد الحياة للمجتمع.
وقال: «يعود الفضل في فاعلية التصنيع في جافزا إلى منظومتها المتكاملة والمصممة وفق استراتيجية شاملة؛ حيث تضمن قدرات المنطقة الحرة للربط التجاري متعدد الأنماط، براً وبحراً وجواً، تدفقاً سلساً للمواد الخام التي تحتاجها عمليات التصنيع، ما يقلل من التأخير الذي تتسبب فيه تقلبات سلاسل التوريد على عمليات الإنتاج. كما يسهم توافر العديد من خدمات الدعم؛ مثل الخدمات اللوجستية والمستودعات المتخصصة وغيرها من مرافق البنية التحتية المخصصة لعمليات التصنيع، في رفع الكفاءة الإنتاجية».
وأَضاف أن الموقع الاستراتيجي للشركات العاملة في جافزا، والربط التجاري المميز، يوفر قدرة الوصول إلى الأسواق العالمية بشكل لا يضاهى. ويمثل قرب المنطقة الحرة من ميناء جبل علي، الأكبر من نوعه بين مدينة روتردام وسنغافورة، ميزة استثنائية للاستفادة من وسائل النقل البحري، عبر الارتباط مع 150 ميناء عن طريق 80 رحلة أسبوعياً.
كل تلك المزايا تمكن الشركات من تلبية الطلب العالمي المتزايد على المنتجات، وتفتح لها فرص الوصول إلى أسواق تضم أكثر من 3.5 مليارات مستهلك في منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا وجنوب آسيا، لتوسيع نطاق أعمالها على مستوى العالم.
وأردف قائلاً: إن تأثير جافزا يتخطى حدودها الجغرافية بفضل حضورها العالمي الواسع؛ حيث تضم مرافقها الصناعية التي تبلغ مساحتها 13.6 مليون متر مربع، 800 شركة ومصنع، من 75 دولة.
ويسهم تجاور الشركات والمصانع في جافزا، والتي تنتمي إلى مناطق مختلفة من العالم؛ بما فيها الشرق الأوسط، وأوروبا، وأمريكا الشمالية، وأفريقيا، وآسيا، والمحيط الهادئ، في خلق بيئة متعددة الثقافات، وداعمة للابتكار، لتصبح المنطقة الحرة أحد مسرعات نمو الاقتصاد ومحفزاته الرئيسة في دبي ودولة الإمارات والمنطقة ككل.
وأكد مسؤولون ومديرو شركات صناعية في جافزا أن المنطقة الحرة في جبل علي توفر بيئة عمل متكاملة مصممة بشكل مثالي للاستفادة من موقع دبي الاستراتيجي لتسهيل ممارسة الأعمال الصناعية ضمن منظومة تتبنى الابتكار، وتحفز التنويع الاقتصادي، مشيرين إلى أن جافزا سهلت على الشركات الصناعية إمكانية الوصول السريع والفعال إلى الأسواق الأفريقية والآسيوية والأوروبية الأمر الذي أسهم في تعزيز تنافسية المنتجات الصناعية في هذه الأسواق وبأقل التكاليف.
متعدد الأنماط
من جهته أكد بهارات بهاتيا، مدير عام ومؤسس مجموعة كونارس للصلب، أن الربط التجاري متعدد الأنماط، براً وبحراً وجواً، يعد أفضل المزايا التي تقدمها جافزا؛ لاسيما أنها سهلت على الشركة التعامل بكفاءة وسرعة مع سلسلة الإمداد والتوريد، مشيراً إلى أن القرب من ميناء جبل علي ومطار آل مكتوم الدولي، والطرق التجارية الدولية المجاورة، سهل على الشركة تصدير ما يقرب من 350 ألف طن متري من منتجات الصلب من دبي إلى أكثر من 26 دولة وبأقل التكاليف من أهمها الولايات المتحدة وكندا وأوروبا وأستراليا وسنغافورة، الأمر الذي جعل منها لاعباً دولياً في قطاع التصنيع.
وقال بهارات بهاتيا إنه يدرس ضخ استثمارات جديدة العام المقبل بناء على متطلبات السوق، وكذلك لتطوير إمكانات وقدرات الشركة التصنيعية، في إطار خطوة مهمة في مسيرة كونارس نحو الوصول إلى الاكتفاء الذاتي، لتقليل تكاليف الإنتاج، مشيراً إلى أن قيمة أصول الشركة في دولة الإمارات وحدها تتخطى عتبة الـ 700 مليون دولار.
وأضاف توفر «كوناريس» مجموعة متنوعة من المنتجات بما في ذلك قضبان التسليح والأنابيب ولفائف الحديد الملون. وتسجل الشركة نمواً وحضوراً في الأسواق العالمية، وتتمثل رؤية الشركة في زيادة طاقتها الإنتاجية إلى ثلاثة ملايين طن بحلول العام 2030 التي تتواءم مع استراتيجيتها في تطوير أسواق التصدير لديها.
وأوضح أن السبب الأهم في نجاح المجموعة وتفوقها هو وجود مقرها الرئيس في جافزا بموقعها الاستراتيجي، الذي بدوره ساعد على تطور الشركة وتفوقها على مدى الأعوام السابقة، مشيراً إلى أن القدرة الإنتاجية السنوية للشركة وصلت إلى نحو 1.5 مليون طن من الفولاذ.
وقال بهاتيا: تصدّر الشركة ما يعادل 85 % من منتجاتها عبر خطوط النقل البحري، في حين نلجأ إلى خطوط النقل الجوي عند الحاجة إلى توصيل البضائع لمتعاملينا خلال 7 ساعات أو أقل، الأمر الذي يسمح لنا بالتواصل عالي الكفاءة مع مختلف الدول والأقاليم.
وقال نضال حداد المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة البيادر إنترناشيونال أن الشركة التي تأسست عام 1991 نجحت بترسيخ معايير لحلول التغليف للمواد الغذائية، مشيراً إلى أن الشركة تمتلك حاليا ثلاث مجمعات صناعية تضم سبعة مصانع، في حين تضم محفظة منتجات الشركة أكثر من 3400 منتج.
وأضاف حداد أن شركة البيادر تحظى لها حضور قوي في العديد من أسواق دول مجلس التعاون الخليجي وبحصة سوقية كبيرة وذلك من خلال 12 مركزاً صناعياً ولوجستياً في الإمارات وقطر وسلطنة عمان، مشيراً إلى أن منتجات الشركة بالإضافة إلى السوق المحلي والأسواق الخليجية باتت تنافس في أسواق ألمانيا وبريطانيا وأيرلندا وإيطاليا بالإضافة إلى العديد من الأسواق الأوروبية والأفريقية.
وأوضح حداد أن فريق عمل البيادر يصل حالياً إلى نحو 1300 موظف إلى جانب أكثر من 400 شريك للأعمال، مشيراً إلى أن الشركة خطت خطوات سريعة نحو تحقيق الاستدامة، بحيث توجد الاستدامة في كل عملية تنفذ داخل الشركة كما عززت دورها في مجال حماية البيئة.
وقال حداد إن الاستثمار في تأسيس منظومة صناعية محلية قوية وتقديم بيئة مواتية لازدهار الشركات العالمية جعل من الإمارات مركزاً تجارياً عالمياً متميزاً بكل المقاييس.
كما شكل النمو الإيجابي لاقتصاد الدولة دافعاً رئيسياً لشركتنا للاستمرار بنموها في قطاع الصناعة المحلية وتعزيز بصمتها في صادرات الدولة، الأمر الذي يؤكد على مكانتنا كشركة رائدة عالمياً في تصنيع وتوزيع وبيع حلول تغليف المواد الغذائية المستدامة والمبتكرة والأغذية الصحية ومنتجات العناية الشخصية والمنزلية.
وأكد أنيس ساجان، نائب رئيس مجلس إدارة مجموعة الدانوب، بأن المجموعة تقدم مجموعة متنوعة من المنتجات، بما في ذلك مواد البناء، والصلب، والخشب، والمعدات الصحية، والأدوات الكهربائية، والمعدات الشاملة، وتركيب ألواح الألمنيوم «ألوكوبانيل». وقد دخلت المجموعة مؤخراً في قطاع تطوير العقارات لتعزيز تميزها في تقديم خدمات شاملة عبر قطاعات متعددة.
وأضاف ساجان أن أحد الأسباب الرئيسية لوجود مجموعة الدانوب في المنطقة الحرة بجبل علي هو قدرتها على إتمام المعاملات التجارية في غضون 24 ساعة، خصوصاً فيما يتعلق بتأمين الأخشاب من أمريكا الشمالية وكندا، فضلاً عن سهولة استيراد المواد الخام من الصين والهند وباكستان. وأشار إلى أن كفاءة البنية التحتية في المنطقة الحرة بجبل علي تسهل الحركة السلسة وإنجاز المعاملات.
مجموعة متنوعة
وقال: أطلقت المجموعة قسماً باسم «ميلانو»، مقره في المنطقة الحرة بجبل علي، مختص بإنتاج مجموعة متنوعة من الأدوات الصحية، والمفاتيح الكهربائية والإنارة، والبلاط، ومنقّيات المياه، مشيراً إلى أن فريق ميلانو يدير 50 صالة عرض عبر منطقة الشرق الأوسط، ويوزع المنتجات على أكثر من 5000 تاجر عالمي، مما جعل الشركة علامة تجارية عالمية متواجدة في 47 دولة حول العالم. وأضاف:»على مدار العقدين الماضيين، نمت المجموعة بشكل مطرد لتوظف أكثر من 4500 شخص.
وقال أنانيا نارايان المدير الإداري لشركة «هنتر فودز» إن الشركة توسعت بشكل متصاعد وثابت منذ العقود الأولى لانطلاقها من مقرها الرئيس في جافزا عام 1986، لتصل الشركة إلى نقطة انعطاف مهمة في مسيرتها التجارية عام 2014، أدت إلى نموها بشكل متسارع وتضاعف إيراداتها واستحوذت على أسواق جديدة انطلاقاً من دبي.
وأضاف: تقوم شركة «هنتر فودز» بتصنيع وتوزيع طيف واسع من المنتجات؛ بدءًا من رقائق البطاطس المطهوة يدوياً، إلى وجبات الخضار والبسكويت المملح، والكينوا، ورقائق البروتين، ومقرمشات الأرز، وغيرها من الوجبات الخفيفة، كما تقوم الشركة أيضاً بتعبئة المنتجات الغذائية عالية القيمة، مشيراً إلى أن الشركة توسعت في توزيع الوجبات الخفيفة في أكثر من 60 دولة.
وأضاف أن الموقع الاستراتيجي لدولة الإمارات بين أوروبا وآسيا وأفريقيا شكل عام مهم لنمو شركة «هنتر فودز»، وبفضل هذا الموقع نجحت في الوصول بمنتجاتها إلى المستهلكين على مستوى العالم بسرعة وسهولة. ونقوم حالياً بتوزيع منتجاتنا عبر القارات الخمس. ونصدّر معظم إنتاجنا إلى قارة آسيا؛ ابتداء من اليابان وكوريا وصولاً إلى الفلبين وتايلاند.
وقال: تعتبر «هنتر فودز» شراكتها مع جافزا حيوية على عدة محاور؛ إذ سمحت البنية التحتية عالمية المستوى للمنطقة الحرة والمعززة بقدرات ميناء جبل علي للشركة بتوزيع منتجاتها بشكل تنافسي وموثوق إلى أسواق متعددة، على الرغم من التقلبات الشديدة التي شهدتها سلسلة الإمداد والتوريد العالمية.
وقال رينييه نوهرا، الرئيس التنفيذي لشركة «سايدويز» للصناعات الرياضية، إن شركة «سايدويز» تأسست عام 2004 في دبي، وتم اختيار «جافزا» لتكون مركز انطلاق الشركة لتكون على مقربة من الموردين لاسيما أن المنطقة الحرة توفر تواصلاً مثالياً مع العملاء عبر التواجد في موقع مركزي بين الشرق والغرب.
وأضاف أن الشركة تعتمد بالكامل تقريباً على الطاقة الشمسية لتوفير إمدادات الكهرباء في مصنعها، وتركز على بناء ألواح رياضية عالية الجودة وطويلة الأمد باستخدام أفضل المواد المستدامة الصديقة للبيئة. ونتيجة لذلك، أصبحت الشركة من الرواد في الإنتاج المستدام، وأحد أكبر مصنعي ألواح التزلج الشراعي وألواح التزلج على الجليد في العالم.