السياسات التقشفية التي وضعتها الإدارة في الصين في وقت من الأوقات للنهوض بالاقتصاد، وزيادة الإنتاج، أصبح سلاح ذو حدين، في الماضي اختبرت حد النجاح، والآن هي أمام الحد السيء والوجه الآخر لنجاحاتها الدولية ولكن على الصعيد المحلي.

ففي وقت من الأوقات اتخذت الإدارة الصينية قراراً باعتماد طفل واحد لكل أسرة، وذلك في سبيل الحد من الزيادة السكانية والمضي قدماً في عمليات زيادة الإنتاج، وبعد أن أغرقت الصين العالم بإنتاجها الصناعي، أصبحت في أزمة اقتصادية بسبب القرار الذي اتخذته بالحد من الإنجاب.

وفي ظل اشتعال العالم بالحروب سواء في الشرق الأوسط أو في أوكرانيا، تقف الصين عاجزة عن إيجاد حل كي لا تتحول المشاريع العقارية إلى فقاعة تعصف بالاقتصاد الصيني، وتتسبب في أزمة كبيرة.

ووفقًا لتقارير حديثة من صحيفة وول ستريت جورنال، فإن ما يصل إلى 90 مليون وحدة سكنية في جميع أنحاء الصين تقف فارغة في بلد يتناقص عدد سكانه، ولا يستطيع مطورو العقارات خدمة قروضهم.

والحكومات المحلية، التي طالما مولت برامجها من خلال بيع الأراضي للمطورين، تغرق في الديون.

ومع تشجيع الحكومة، استثمرت الأسر الصينية ما يقرب من 80% من إجمالي مدخراتها في العقارات، والآن بعد أن انخفضت أسعار المنازل بنحو 30% منذ عام 2021 في بعض الأسواق، يقوم المستهلكون المصدومون بتقليص إنفاقهم، بعدما انخفضت أرباح الصناعة بنسبة 17.8% في العام الماضي، ويواصل معدل البطالة بين الشباب في الارتفاع.. والبنوك لا تريد الإقراض بسبب الكثير من المخاوف، وفي الوقت نفسه الأجانب لا يريدون الاستثمار في الصين في الوقت الحالي.

في مواجهة هذه المشاكل، تتجنب الصين المهمة الصعبة للإصلاح الهيكلي، حيث يتم البحث عن سياسات من شأنها تفريغ فقاعة العقارات واتخاذ حزمة من الإجراءات لتعزيز الطلب على الإسكان.

وستسعى الحكومة الصينية لدعم البنوك وحثها على تقديم المزيد من القروض للمصانع المتعثرة والحكومات المحلية المثقلة بالديون.

كل تلك الإجراءات من المرجح أن تؤدي إلى الحد من الإنفاق على البنية التحتية غير الضرورية من قبل الحكومات المحلية (مثل الطرق السريعة والجسور غير الضرورية) مع تغيير بوصلة التركيز الحكومي للتركيز على خلق الوظائف، وتشجيع الإعانات للشباب العاطلين عن العمل للحصول على المزيد من الدرجات العلمية للتأهل لوظائف غير موجودة.

الواقع يقول وفقا لـ«وول ستريت جورنال» إن جمهورية الصين الشعبية محاصرة في فخ من صنعها، بعدما أدى نجاح سياسة الطفل الواحد في الصين إلى أزمة ديموغرافية، والتركيز المستمر على الإسكان خلق أكبر فقاعة عقارية منذ فجر الزمن - وأغرق الحكومات المحلية ومئات الملايين من الصينيين العاديين في وضع اقتصادي غير واضح الأبعاد، خلق نجاح الإصلاحات السوقية في الصين رواد أعمال أثرياء وطبقة وسطى متعلمة وطموحة، تلك الطبقة إما هاجرت أو بقت ولم تجد كفايتها من الأيدي العاملة، مع تحدد المشاريع والمصانع. أدى الدعم المستمر لاستراتيجية التصنيع الموجهة للتصدير والبنية التحتية التي تحتاجها إلى التزام الصين بمسار تنموي يقدم عوائد متناقصة في الداخل وزيادة العداء من الخارج.

وعلى الصعيد العالمي، أدى اعتماد بكين المفرط على النمو الاقتصادي المدفوع بالتصدير إلى وضع الصين في مأزق، فمن جانب حاربته العديد من الدول بسبب الإغراق، ومن جانب آخر بدأ النمو الربحي في التناقص لدى الطبقات الغنية والمصنعين، مما أدى لحالة عامة من الحفظ في الاستثمار العقاري، تلك الحالة أدت في النهاية لفقاعة عقارية لابد من إيجاد حل لها حتى لا يحدث تأثير الدومينو اقتصادياً في بكين.