رسم مصرفيون وخبراء ماليون صورة متفائلة لأداء القطاع المصرفي الإماراتي خلال عامي 2016 و 2017 مشيرين إلى أن القطاع يشهد أداءً متوازناً ويستعد لتحقيق معدلات نمو جيدة. على الرغم من حالة القلق والترقب التي تسود معظم دول العالم في ظل أجواء التباطؤ العالمي والمخاوف من حدوث مزيد من الركود.
وأوضحوا أن مصارف الإمارات تمكنت من التعامل بواقعية وحذر مع آثار التباطؤ الناجم عن انخفاض أسعار النفط وخصوصاً ما يتعلق بضغوط السيولة، وذلك عبر اجتذاب المزيد من الودائع المحلية والخارجية، إضافة إلى التوسع في إصدار السندات والصكوك في الأسواق العالمية، والتي شهدت إقبالاً كبيراً من المستثمرين الدوليين وبأسعار فائدة جيدة نتيجة الجدارة الائتمانية المرتفعة التي تتمتع بها دولة الإمارات ومؤسساتها المالية وقطاعها المصرفي.
القروض الجديدة
وارتفع إجمالي الائتمان المصرفي (القروض الجديدة التي قدمتها البنوك العاملة بالدولة) خلال الربع الأول من العام الحالي بنحو 32 مليار درهم بارتفاع ربع سنوي بلغت نسبته 2.15% فبلغ حجم الائتمان تريليوناً و 517.5 مليار درهم بنهاية مارس الماضي مقابل تريليون و 485.5 مليار درهم بنهاية ديسمبر الماضي، حيث بلغ إجمالي الائتمان المصرفي الممنوح خلال عام 2015 مكتملاً نحو 107.4 مليارات درهم بارتفاع بلغت سنوي نسبته 7.8% مقابل تريليون و 378.1 مليار درهم بنهاية عام 2014.
وأظهر تقرير حديث للمصرف المركزي أن إجمالي الودائع لدى المصارف العاملة في الدولة بلغ تريليوناً و 502.6 مليار درهم بنهاية مارس 2016 مقابل تريليون و 471.6 مليار درهم بنهاية 2015 فاستقطب الجهاز المصرفي 31 مليار درهم ودائع جديدة خلال الشهور الثلاثة الأولى من عام 2016 وسجل ارتفاعاً ربع سنوي بلغت نسبته 2.11% ومقابل تريليون و 421.3 مليار درهم بنهاية 2014 فاستقطب الجهاز المصرفي 50.3 مليار درهم ودائع جديدة خلال العام الماضي وسجل ارتفاعاً سنوياً بلغت نسبته 3.54%.
الائتمان المحلي
ووفقاً لإحصاءات المصرف المركزي ارتفع إجمالي الائتمان المصرفي المحلي الممنوح لكافة الأنشطة الاقتصادية في الدولة إلى تريليون و 381.59 مليار درهم بنهاية 2015 مقابل تريليون و 277.62 مليار درهم بنهاية عام 2014 بزيادة سنوية بلغ مقدارها 103.97 مليارات درهم بنمو بلغ نحو 8.2% ومقابل تريليون و 366.32 مليار درهم بنهاية الربع الثالث من عام 2015 بزيادة بالربع الأخير من العام الماضي بلغت 15.27 مليار درهم بنمو بلغ 1.12%.
وأظهرت الإحصاءات أن إجمالي القروض الشخصية (التجارية والاستهلاكية) ارتفع مجدداً إلى 417.1 مليار درهم بنهاية عام 2015 بارتفاع سنوي بلغ 24.22 مليار درهم بنسبة نمو في عام 2015 مكتملاً، بلغت 6.17% وبارتفاع في الشهور الثلاثة الأخيرة من العام بلغ 4.69 مليارات درهم ونمو ربع سنوي بلغ 1.14% .
حيث جاءت القروض التجارية والاستهلاكية مجتمعة بالمرتبة الأولى من حيث حجم الائتمان الممنوح لها فاستحوذت على حوالي 30.2% من إجمالي الائتمان المصرفي للمقيمين الممنوح لكافة الأنشطة الاقتصادية في الدولة بنهاية 2015 مقابل استحواذها على 29.92% من إجمالي الائتمان المصرفي للمقيمين بنحو 392.88 مليار درهم بنهاية عام 2014.
ووفقاً للإحصاءات ارتفع إجمالي الائتمان الممنوح في جانب القروض الشخصية لأغراض تجارية مجدداً بنهاية 2015 إلى 283.63 مليار درهم بزيادة بلغت 16.47 مليار درهم ونمو سنوي 6.17% بعد ارتفاعها بنهاية الربع الثالث إلى 280.44 مليار درهم بزيادة 7.7 مليارات درهم مقابل 267.16 مليار درهم بنهاية 2014.
كما واصل حجم الائتمان الممنوح للقروض الشخصية لأغراض استهلاكية ارتفاعه وبلغ 133.47 مليار درهم بزيادة 7.75 مليارات درهم ونمو سنوي بلغ 6.17% بعد ارتفاعها بنهاية الربع الثالث إلى 131.97 مليار درهم مقابل نحو 125.72 مليار درهم بنهاية 2014.
قطاع التشييد
ووفقاً للإحصاءات واصل قطاع التشييد احتلال المرتبة الثانية من حيث حجم الائتمان الممنوح له مستحوذاً على 17.01% من إجمالي الائتمان للمقيمين بواقع 235.03 مليار درهم بنهاية 2015 حيث منحت البنوك خلال 2015 مكتملاً 22.48 مليار درهم قروض جديدة لهذا القطاع المهم بنمو سنوي 10.58% بعد أن كان يستحوذ على 16.2% من الإجمالي بواقع 223.65 مليار درهم بنهاية الربع الثالث مقابل 212.55 مليار درهم بنهاية 2014 حيث منحت البنوك قروضاً للقطاع خلال 2014 مكتملاً بقيمة نحو 8.2 مليارات درهم.
وأشارت إلى أن إجمالي الائتمان الممنوح لنشاط التجارة بلغ 161.81 مليار درهم بنهاية 2015 حيث منحت البنوك خلال عام 2015 مكتملاً 6.05 مليارات درهم قروض جديدة لهذا القطاع بنمو سنوي 3.88% بعد أن استقر عند 164.9 مليار درهم بنهاية الربع الثالث مقابل 155.76 مليار درهم بنهاية 2014 مما جعل نشاط التجارة يأتي في المرتبة الثالثة بين كافة الأنشطة الاقتصادية من حيث حجم الائتمان الممنوح له.
وتوزع الائتمان الممنوح لنشاط التجارة بواقع 114.99 مليار درهم لنهاية 2015 لتجارة الجملة مقابل 119.09 مليار درهم لتجارة الجملة بنهاية الربع الثالث و 106.16 مليارات درهم بنهاية 2014 و 46.82 مليار درهم لتجارة التجزئة بنهاية 2015 مقابل 45.76 مليار درهم لتجارة التجزئة بنهاية الربع الثالث من العام نفسه و49.6 مليار درهم بنهاية 2014.
وبلغ الائتمان المصرفي للمقيمين الممنوح لقطاع الصناعة إلى 69.11 مليار درهم بنهاية 2015 مقابل 72.22 مليار درهم بنهاية سبتمبر 2015 و 65.14 مليار درهم بنهاية 2014 تلاه الائتمان المصرفي للمقيمين الممنوح لقطاع النقل والتخزين والمواصلات بواقع 59.11 مليار درهم بنهاية 2015 مقابل 58.81 مليار درهم بنهاية الربع الثالث و 56.49 مليار درهم بنهاية 2014.
وبلغ الائتمان المصرفي في قطاع المناجم والتعدين 11.92 مليار درهم مقابل 11.07 مليار درهم بنهاية سبتمبر 2015 و 9.18 مليارات درهم بنهاية 2014 وتم منح 20.48 مليار درهم للكهرباء والغاز والماء مقابل 20.73 مليار درهم بنهاية الربع الثالث من 2015 و 18.94 مليار درهم بنهاية 2014 فيما تم منح 1.56 مليار درهم للزراعة مقابل 1.29 مليار درهم بنهاية الربع الثالث و 2.7 مليار درهم بنهاية 2014.
التوسع الاستثماري
وأعرب صالح عمر عبد الله مدير معهد الإمارات للدراسات المصرفية والمالية في أبوظبي عن اعتقاده بأن تكلفة الإقراض بالدولة لاترال مشجعة على التوسع الاستثماري في العديد من القطاعات الواعدة بالدولة خصوصاً في قطاعات التجارة بالجملة والتجزئة والتكنولوجيا والطاقة المتجددة والصناعة إضافة إلى القطاعات التقليدية ومنها قطاعات العقارات والسياحة والفنادق والقطاعات المرتبطة بها خصوصاً مع التوجه القوي للاستعداد لاستضافة «إكسبو 2020» بدبي وما يتبعه من إنعاش اقتصادي كبير ليس بدولة الإمارات فحسب ولكن لكل دول المنطقة.
وقال إن كافة المؤشرات تظهر النشاط المتنامي للقطاع المصرفي ودوره في تحقيق الانتعاش بالقطاعات الاقتصادية المختلفة على الرغم من التباطؤ الاقتصادي العالمي.
استقرار نقدي
واستبعد المستشار الاقتصادي محمد سعيد محمد الظاهري تأثر القطاع المصرفي سلباً نتيجة التباطؤ الاقتصادي العالمي وانخفاض أسعار النفط، مؤكداً أن الربط الثابت لسعر صرف الدرهم بالدولار الأميركي ضمن السياسة النقدية في الدولة ساهم في تحقيق الاستقرار النقدي والمالي في الدولة ومواجهة العديد من الأزمات العالمية بكفاءة واقتدار.
وأشار إلى أن الإمارات فضلت ربط الدرهم بالدولار منذ سنوات عديدة بدلاً عن تعويمه أو اعتماد سلة عملات عالمية موضحاً أن تنامي الاحتياطيات الأجنبية في الدولة من الدولار يعكس نجاح هذه السياسة، حيث استمر الدولار محافظاً على موقعه كأكثر عملات العالم سيطرة على عملات المخزون العالمي .
وأكد الظاهري أن البنوك الإماراتية تتمتع بإدارة عالية للمخاطر ولديها سيولة جيدة تمكنها من مواجهة أية تطورات.
توازن
وأشار إلى أن المصارف الإماراتية بدأت تعتمد في سياساتها على مبدأ تحقيق التوازن بين تمويل مشروعات بنسب مخاطرة منخفضة وتحقيق عائد جيد والمحافظة على أموال المساهمين وتحقيق ربحية جيدة لهم دون تعريض أموالهم للمخاطر غير المدروسة، وانه لتحقيق هذا التوازن ستواصل المصارف سعيها للتركيز على تقديم التسهيلات للمشروعات التي تفيد خطط التنمية.
استثمار
وقال أمجد نصر الخبير في الصيرفة الإسلامية، إن العديد من المستثمرين وجهوا ودائعهم المصرفية إلى الاستثمار في القطاعات العقارية أو قطاعات الأسهم أو غيرها. نظراً لأن سعر الفائدة على الودائع المصرفية ما زال متدنياً، رغم الارتفاعات الأخيرة التي لا تزال غير مغرية، وهو أمر جيد للأعمال في الإمارات، حيث تتوجه الأموال الى الاستثمارات الحقيقية والإنتاجية، وفي ذات الوقت لا تزال بعض فئات المجتمع تفضل أمان الودائع المصرفية ما يحفظ التوازن في نهاية الأمر.
وتوقع أن يشهد عام 2016 توازناً واستقراراً في مستويات أسعار الفائدة بما لا يعوق النمو ولا يرفع التضخم، مشيراً إلى أنه من غير المتوقع حدوث تأثيرات كبيرة على القطاعات الاستثمارية غير المصرفية نتيجة رفع سعر الفائدة، وكذلك من غير المتوقع تحول الاستثمارات في قطاعات أخرى إلى الودائع المصرفية الدولارية.
منافسة
من جانبه توقع المحلل الاقتصادي حماد عبد الله بن حماد أن تحافظ المصارف العاملة بالدولة خلال عام 2016 على نفس مستويات أدائها الجيدة المحققة خلال العام الماضي، معرباً عن اعتقاده بأن المنافسة بين المصارف سواء كانت محلية أو أجنبية من شأنها أن تحسن من الأداء وتمنح المتعاملين أفضل الخدمات، مؤكداً أن ذلك يعد أمراً صحياً وطبيعياً في سوق مفتوح يعتمد سياسة العرض والطلب.
وتوقع أن تكون نتائج مصارف الإمارات إيجابية للعام الجاري مكتملاً وأن يشهد العام المقبل تحولات نحو التعافي، مشيراً الى أن هناك مؤشرات على التغيير الإيجابي لمحاولة الخروج من الوضع الناتج عن التباطؤ العالمي وانخفاض أسعار النفط.
تمويل
شدد محمد سعيد محمد الظاهري على ضرورة تخلي البنوك العاملة بالدولة عن الحذر المبالغ فيه فيما يتعلق بمنح القروض وخطوط الائتمان وعدم إغلاق مصادر التمويل عن قطاعات الاقتصاد المحلي الحقيقي وعدم إهمال تمويل القطاع الخاص. وقال: على البنوك أن تولي اهتماماً خاصاً للتمويل الإنتاجي الذي يستهدف مشروعات تحقق قيمة مضافة للاقتصاد الوطني ومنها على سبيل المثال القطاع الصناعي والقطاع التجاري.
تنظيم
توقع حماد عبد الله بن حماد أن تتجه البنوك العاملة بالدولة إلى إعادة تنظيم محفظة القروض لتتجه لقطاعات أقل مخاطرة وأكثر عائداً، مشيراً الى أن الأزمة المالية العالمية وما تلاها من تباطؤ للاقتصاد العالمي دفعت المصارف إلى العودة إلى أساسيات العمل المصرفي بعيداً عن المخاطرة والمرونة المفرطة في منح التسهيلات المالية، متوقعاً أن تتساوى قيمة المخصصات التي سيتم تجنيبها العام الحالي مع نظيرتها في العام الماضي.
ارتفاع الطلب على الائتمان المحلي
شهد الربع الأول من عام 2016 ارتفاعاً ملحوظاً في معدلات الطلب على الائتمان المحلي بشكل عام وفق ما ذكره المصرف المركزي. مؤكداً أن هذا الارتفاع عكس بشكل كبير القوة الكامنة للاقتصاد الوطني، مشيراً أن دبي جاءت في المرتبة الأولى بين إمارات الدولة من حيث قوة الطلب على القروض الشخصية.
وتوقع المصرف المركزي استناداً لنتائج استبيانه الدوري حول «توجهات الائتمان في دولة الإمارات خلال الربع الأول من عام 2016»، وشمل ثلاثة قطاعات جغرافية رئيسية هي، أبوظبي ودبي والإمارات الشمالية، توقع نمو الطلب بصورة أقوى خلال الربع الثاني من العام الحالي، وفق تقديرات نسبة كبيرة من المقترضين وطالبي الائتمان بالسوق المحلي، مشيراً إلى أن توقعات الائتمان للأعمال التجارية لا تزال صلبة في دولة الإمارات.
قروض
وأوضح المصرف المركزي أن نتائج الاستبيان أرجعت النمو الكبير في حجم القروض التجارية خلال الربع الأول من عام 2016 إلى زيادة عوامل الطلب مدفوعة بقوة مبيعات العملاء واستثمارات الأصول الثابتة والتوقعات الإيجابية بنمو وانتعاش سوق العقارات، مشيراً إلى أن جزءاً من النمو في الطلب على الائتمان التجاري يعود كذلك للنمو القوي في الطلب على القروض الممنوحة للشركات الصغيرة والمتوسطة بالإضافة إلى التخفيف الملحوظ في معايير الائتمان.
وأشارت نتائج الاستبيان إلى زيادة الطلب على القروض التجارية والشخصية خلال الربع الأول من عام 2016 حيث حدث تعافٍ ملحوظ بالقطاع الائتماني المحلي بعد التباطؤ النسبي خلال الربع الأخير من عام 2015 موضحة أنه لايزال هناك بعض التشدد في شروط منح الائتمان بالقطاع التجاري وتراجع سعي المؤسسات المالية لتمديد القروض التجارية مما يعكس جزئياً الآثار المترتبة على الانخفاض بأسعار النفط.
وأكدت النتائج وجود تحسن كبير في الطلب على الائتمان خلال الربع الأول من العام الحالي في جميع قطاعات السوق والصناعات مع ارتفاع المعايير الائتمانية، مما يشير إلى درجة أعلى من السعي لتجنب المخاطر من قبل البنوك والمؤسسات المالية العاملة بالدولة.
وتوقع المشاركون في الاستبيان ارتفاع الطلب على القروض التجارية بالدولة خلال الربع الثاني من العام الحالي مع زيادة مستوى الشروط المطلوبة لمنح الائتمان من قبل البنوك والمؤسسات المالية الأخرى بالدولة لتقليل نسب المخاطرة.