كشفت دراسة أعدتها غرفة تجارة وصناعة دبي بالتنسيق مع وزارة الاقتصاد ومجلس المشاريع والمنشآت الصغيرة والمتوسطة وشركة «رولاند بيرجر» عن تحديات رئيسية تواجه رواد الأعمال في دولة الإمارات والشركات الناشئة في بداية أعمالهم أهمها الخدمات المصرفية والتمويل، داعية إلى اتخاذ الإجراءات المناسبة التي تسهل حصول الشركات الناشئة على الخدمات المصرفية الملائمة، بما فيها تسهيل عملية فتح الحساب المصرفي، واتباع إجراءات تتسم بالبساطة والشفافية والسرعة وتلبي في الوقت نفسه متطلبات الامتثال للقوانين واللوائح.
وأشارت الدراسة، التي تأتي ضمن سلسلة تقارير دعم وتعزيز ريادة الأعمال في دولة الإمارات التي تطلقها غرفة دبي بالتعاون مع شركائها الاستراتيجيين، إلى أن فتح الحساب المصرفي والتمويل هو من التحديات التي تواجه رواد الأعمال.
حيث تستغرق إجراءات فتح حساب مصرفي للشركات الناشئة وقتاً طويلاً قد يصل إلى قرابة 3 أشهر، فضلاً عن صعوبة الإجراءات وطول مدتها، وعدم كفاية التوجيه من قبل المصرفيين طوال هذه العملية.
ورجحت الدراسة أن تكون أسباب مثل هذه التحديات مزيجاً من عاملين هما الضغوط على البنوك للامتثال للمعايير التنظيمية التي تزداد في صرامتها لمحاربة الأنشطة غير القانونية، وشعورها بأن الشركات الناشئة ليست جذابة تجارياً مثل شرائح العملاء الأخرى.
مقترحات للتحسين
وأشارت الدراسة إلى مجالات كبيرة للتحسين والتطوير في هذا السياق، بما في ذلك توفير حسابات مصرفية أساسية تلبي الاحتياجات الضرورية للشركات الناشئة مثل «رقم الحساب المصرفي الدولي» وخدمات التحويل الأساسية (على سبيل المثال، وضع حد أقصى على مبالغ المعاملات، أو حتى السماح بالتحويلات المحلية فقط)، وهو ما من شأنه أن يساعد على تقليل المستندات الخاصة بالامتثال وتسريع العملية.
ولفتت الدراسة إلى أن توافر التوجيهات التفصيلية الواضحة والبسيطة يحقق الشفافية فيما يخص الإجراءات، والمدد الزمنية، والمستندات المطلوبة، بالإضافة إلى توفير موظفين مصرفيين على قدر جيد من التدريب والتفاعل سيحدث فرقاً حقيقياً في مستوى الخدمات المصرفية المقدمة لرواد الأعمال.
وطالبت بضرورة الاستفادة من التكنولوجيا لتحسين الإجراءات وتخفيض تكاليفها عبر تحويل العمليات المصرفية، بما فيها فتح الحسابات بأكملها إلى الصورة الرقمية، وهو ما سيؤدي إلى إحداث تغيير كبير فيما يتعلق بتجربة المتعامل وتخفيض التكاليف، فضلاً عن أن تكاتف جهود مختلف الأطراف المعنية الرئيسية، بما في ذلك البنوك التجارية.
والمصرف المركزي، والجهات الفاعلة الأخرى في المنظومة، مثل جهات إصدار الرخص التجارية للمساهمة سيساهم في صياغة خارطة واضحة لكيفية معالجة القضايا المطروحة والتحديات وفق أسس عالمية تقوم على تطبيق أرقى المعايير وأفضل الممارسات في هذا المجال.
استطلاعات ومقابلات
وأشارت الدراسة التي تضمنت استطلاعات ومقابلات مع الشركات الناشئة إلى أن 65% من رواد الأعمال يرون بأن الخدمات المصرفية هي التحدي الأول الذي يواجههم بداية تأسيس أعمالهم، بينما أشار 61% منهم إلى أن التمويل هو التحدي الثاني، في حين رأى 53% منهم أن توافر المساحات المكتبية بأسعار معقولة هو التحدي الثالث الذي يواجههم.
وذكرت الغالبية العظمى من رواد الأعمال وأصحاب المشاريع الناشئة أن عملية فتح حساب مصرفي تستغرق ما لا يقل عن شهر - وفي كثير من الحالات فترة أطول بكثير، وهذا يتناقض بشكل كبير مع الوقت المستغرق للحصول على الموافقة، الذي تشير إليه البنوك في الإمارات على مواقعها الإلكترونية.
وألمحت إلى أن الوقت يعني المال خاصة بالنسبة لرواد الأعمال الذين يعانون من قلة السيولة المالية خلال سعيهم لتحقيق أرباحهم الأولى من أعمالهم. وترتفع مستويات التوتر لديهم إلى أقصى درجاتها عندما يشعرون بعدم تحكمهم في العملية ومدتها.
وقد ذكر مؤسسو الشركات أن الأسباب الشائعة التي تؤدي إلى هذه المستويات المرتفعة من التوتر تتمثل في عدم التوافق بشأن المستندات المطلوبة وعدم كفاية التوجيه من قبل المصرفيين خلال عملية فتح الحساب، في حين يبرز عامل عدم إلمام رواد الأعمال بالمتطلبات المطلوبة ونقص الوعي فيما يخص هذه المتطلبات أحد أبرز التحديات للمصارف.
أما المشكلة الثانية فهي تتمثل في صعوبة الإجراءات نظراً لعدم كفاية التوجيه ناهيك عن عدم وجود إرشادات تفصيلية مبسطة بما فيها (الإجراءات، والمدة الزمنية، والمستندات المطلوبة).
وفضلاً عن عدم الوضوح والذي يظهر من خلال الطلبات المتكررة، والمزيد من المستندات أو إجراءات التحقق، بالإضافة إلى عدم قدرة موظفي البنوك على فهم وضع رواد الأعمال وانخفاض كفاءتهم (فهم بشكل عام، لا يتمتعون بالقدر الكافي من التفاعل أو المعرفة)، ناهيك عن المتطلبات المرهقة للتحقق من المستندات، على سبيل المثال، وجوب الحضور الشخصي للتحقق من الهوية بدلاً من «البصمة الرقمية».
دعوة للتطوير
وقالت الدراسة: إن المشاكل التي أثارها رواد الأعمال في غاية الأهمية، وينبغي أن يكون هذا بمثابة دعوة لاتخاذ إجراء لتحسين الوضع الراهن تحسيناً جذرياً. فعلى سبيل المثال، تعاني هونغ كونغ في السنوات الأخيرة من تصور متزايد عنها بأن الشركات فيها تواجه صعوبات في فتح حسابات مصرفية، ويرى الكثيرون أن هذا يضر بسمعة هونغ كونغ كوجهة جاذبة للأعمال في آسيا.
وذكرت أن الضغوط التنظيمية ترتفع بشكل عام على البنوك، وإضافة إلى ذلك، لا تُعتبر الشركات الناشئة بالضرورة الشريحة الأكثر جاذبية، نظراً لانخفاض حجم الأعمال الأولي المقترن بقدرة عدد قليل من الشركات الناشئة على البقاء والتوسع.
حيث يعمل هذا على الحد من الرغبة التجارية لدى البنوك في جذب الشركات الناشئة وتقديم الخدمات لها، وأخيراً، أضف إلى هذا المزيج تكبد عدة بنوك في الإمارات خسائر بسبب القروض المتعثرة الممنوحة للشركات الصغيرة والمتوسطة في الماضي.
فعلى سبيل المثال، تطبق البنوك في الإمارات ممارسات متباينة فيما يتعلق بإجراءات التقصي عن العملاء عند فتح حسابات الشركات، وهذا يشير إلى احتمالية تطبيق البنوك نهجاً أكثر صرامة من الحد الأدنى للمتطلبات التنظيمية.
إجراءات
أكدت الدراسة أنه يتعين على البنوك الالتزام بالمتطلبات التنظيمية، مثل سياسة معرفة العميل، ولكن في إطار هذه القيود، يجب عليها القيام بعمل أفضل فيما يخص الإجراءات المصرفية للشركات الناشئة والمساهمة في بناء منظومة تساعد على الابتكار. ويمكن للهيئات التنظيمية، أن تلعب دوراً في تقديم توجيهات إضافية للبنوك حول التوازن المناسب الذي ينبغي تحقيقه فيما يتعلق بالتقصي عن العملاء.