توقع بنك «جيه بي مورغان للخدمات الخاصة» أن يسجل الناتج الإجمالي المحلي للإمارات نمواً بنسبة 3.6 % خلال العام الجاري، لتقود بذلك الدولة قاطرة النمو الاقتصادي في دول مجلس التعاون الخليجي.

وقالت تارا سميث، المديرة التنفيذية، ورئيسة أسواق الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وتركيا لدى بنك «جيه بي مورغان للخدمات الخاصة»، في حوار مع «البيان»، إن البنك يتوقع استقرار أسعار النفط ضمن نطاق 80 إلى 85 دولاراً للبرميل على المدى المتوسط، إلا أن التحدي الأبرز يكمن في تحديد سعر النفط اللازم لتحقيق التوازن في الميزانية والحفاظ على خطط التنمية الاقتصادية الطموحة.

وأضافت: نعتقد أننا بلغنا ذروة دورة رفع أسعار الفائدة أو في مرحلة قريبة جداً منها، ولا نتوقع أن يقوم الفيدرالي الأمريكي بالمزيد من الزيادات في المستقبل القريب. وبالتالي، نرجح أن تبدأ أسعار الفائدة بالانخفاض، وأن تسير دول مجلس التعاون الخليجي على خطى خفض أسعار الفائدة.

وأكدت أن هناك العديد من المقومات التي تجعل من دبي والإمارات وجهة جذابة لأصحاب الثروات، وأبرزها أن المنطقة تفتخر بامتلاكها لبنية تحتية مبتكرة وحديثة، كما أن الحكومة تمتلك رؤى واضحة وشفافة لتحقيق التنمية الاقتصادية المستقبلية، فضلاً عن الحوافز الضريبية الجذابة. وفيما يلي نص الحوار:

توقعات النمو

ما توقعات النمو لدولة الإمارات خلال العام الجاري؟ وكيف يمكن وصف الأوضاع الاقتصادية الحالية في دول مجلس التعاون والإمارات بالتزامن مع تباطؤ النمو الاقتصادي العالمي؟

أظهر اقتصاد الإمارات، وكذلك اقتصادات دول مجلس التعاون الخليجي، بشكل عام، مرونة عالية في مواجهة التقلبات الأخيرة التي شهدتها الأسواق العالمية، وقد أظهرت الإمارات، بشكل خاص، قدرة عالية على التكيف مع تقلبات الأسواق بفضل مزيج من العوامل كارتفاع عائدات النفط والانتعاش القوي للأنشطة الاقتصادية إثر قيادة الإمارات لمسار الانتعاش الاقتصادي لمرحلة ما بعد الجائحة.

وخلافاً للضغوط التضخمية المتزايدة في الولايات المتحدة وأوروبا، فقد كانت الآثار التضخمية أقل وطأة على دول مجلس التعاون، وقد رسم صندوق النقد الدولي آفاقاً إيجابية لاقتصاد الإمارات خلال عام 2023، ومن المتوقع أن يسجل الناتج الإجمالي المحلي نمواً هذا العام بنسبة 3.6 %، لتقود بذلك الدولة قاطرة النمو الاقتصادي في دول مجلس التعاون الخليجي.

وعلى الرغم من الاختلاف الكبير عن توقعات النمو للعام السابق والتي قدرت بنحو 7.4 % إلا أنه عند مقارنتها بمعدل النمو العالمي البالغ حوالي 3.5 % لعام 2022، نجد أن هناك اختلافاً كبيراً بين الأداء الاقتصادي لدول الشرق الأوسط والاقتصادات الأخرى في العالم.

ويرجح زملاؤنا في بنك الاستثمار لدى «جي بي مورغان» استقرار أسعار النفط ضمن نطاق 80 إلى 85 دولاراً للبرميل على المدى المتوسط، إلا أن التحدي الأبرز يكمن في تحديد سعر النفط اللازم لتحقيق التوازن في الميزانية والحفاظ على خطط التنمية الاقتصادية الطموحة.

أسعار الفائدة

ما مدى تأثير أسعار الفائدة المرتفعة على اقتصاد المنطقة؟

إن رفع الفيدرالي الأمريكي لأسعار الفائدة ينعكس بتداعيات مباشرة على دول مجلس التعاون الخليجي، فعلى الرغم من النمو الاقتصادي القوي وانعدام مشكلة التضخم لدول المنطقة، إلا أن الزيادات الكبيرة في أسعار الفائدة من قبل الولايات المتحدة دفعت دول مجلس التعاون الخليجي إلى أن تسير على خطى المركزي الأمريكي في رفع أسعار الفائدة نظراً لارتباط معظم عملات المنطقة بالدولار الأمريكي.

ومع ذلك، نعتقد أننا بلغنا ذروة دورة رفع أسعار الفائدة أو في مرحلة قريبة جداً منها، ولا نتوقع أن يقوم الفيدرالي الأمريكي بالمزيد من الزيادات في المستقبل القريب. وبالتالي، نرجح أن تبدأ أسعار الفائدة بالانخفاض، وأن تسير دول مجلس التعاون الخليجي على خطى خفض أسعار الفائدة.

وعلى الرغم من التحديات المختلفة التي تفرضها أسعار الفائدة المرتفعة، إلا أنها توفر في الوقت ذاته فرصاً كبيرة لتحقيق عائدات أعلى.

أسواق المال

كيف ترون أداء أسواق المال في الإمارات خلال العام الجاري؟

حققت معظم الأسواق المالية في الإمارات أداءً جيداً، وسجلت زيادة بلغت 22 % منذ بداية العام، وعلى الرغم من تحقيق مؤشر «ناسداك» الأمريكي لمكاسب قوية، وارتفاعه بنسبة 33 %، إلا أنه من المهم أن نذكر أن هذا المؤشر يمثل قطاع التكنولوجيا في المقام الأول، ولا يعكس الأداء الاقتصادي العام. بالمقابل سجلت الإمارات أداءً اقتصادياً استثنائياً وقوياً، وقد استفاد عملاؤنا بشكل كبير من هذا الأداء الإيجابي.

كيف تنصحون المستثمرين في المنطقة، لا سيما مع التوقعات بوصول أسعار الفائدة إلى ذروتها؟

أحد مجالات التعاون المهمة مع عملائنا تتمحور الآن حول آليات تطوير محافظ الدخل الثابت لديهم، حيث إن العقد الماضي شهد أسعاراً متدنية للفائدة ابتعد المستثمرون فيها عن الاستثمار في السندات ذات العوائد المتدنية، أما الآن فقد أصبحت السندات أكثر جاذبية، لذلك نرى فرصاً عدة في الأسواق المختلفة لتنويع المحافظ الاستثمارية، وتعزيز إيراداتها.

خدمات مصرفية

كيف تمكنت صناعة الخدمات المصرفية وإدارة الثروات في الإمارات من التكيف مع المشهد الاقتصادي المتطور؟

شهدت صناعة الخدمات المصرفية وإدارة الثروات في الإمارات تطوراً لافتاً عَكَسَ حيوية المشهد الاقتصادي في الدولة، وعزز من جاذبيتها أمام العديد من المؤسسات المالية العالمية التي قامت بتوسعة عملياتها وتأسيس مكاتبها في الإمارات، والتي باتت تستقطب معها كيانات اقتصادية أخرى مثل البنوك، والشركات، وصناديق التحوط، وشركات الأسهم الخاصة، والمكاتب العائلية، والشركات الاستثمارية، ورواد الأعمال من مختلف أنحاء العالم.

وضربت الإمارات نموذجاً فريداً في التعامل مع المشهد الاقتصادي خلال فترة ما بعد الجائحة، وقد عاد هذا النموذج بفوائد كبيرة على الشركات والكيانات المختلفة، لا سيما تلك التي واجهت تحديات وصعوبات اقتصادية خلال هذه الفترة.

وقد حرصت حكومة الإمارات على تقديم العديد من الحوافز والمزايا لاستقطاب المزيد من الاستثمارات الأجنبية، والتي كان لها الدور الكبير في الازدهار الذي يشهده قطاع البنوك وإدارة الثروات حالياً.

والذي لم يقتصر على الشركات المحلية، بل امتد ليشمل المؤسسات العالمية أيضاً، وتعمل الإمارات بشكل متزايد على ترسيخ مكانتها كمركز عالمي رائد في مجال صناعة الخدمات المصرفية وإدارة الثروات، ويسعدنا أن نكون جزءاً من مسيرة التطور والازدهار هذه.

إدارة الثروات

ما توجهات العملاء في الإمارات في مجالات مثل الاستشارات الخاصة بإدارة الثروات؟

هناك عدد من الاتجاهات التي شهدناها، لا سيما في مجال حوكمة الشركات العائلية، ووفقاً لتقرير صادر عن وزارة الاقتصاد، فإن 90 % من الشركات الخاصة في الإمارات هي شركات مملوكة للعائلات، ويسعى العديد من عملائنا للحصول على المساعدة في تصميم وتطوير أطر قوية لحوكمة الشركات العائلية، والعديد منهم يتواصلون معنا للحصول على استشارات لإنشاء هيكل الحوكمة المناسب لشركاتهم.

إذا كان هناك شركة عائلية تم تناقلها عبر الأجيال على سبيل المثال، فإن قياداتها باتت تحرص على ضمان عملية انتقال سلسة إلى الجيل التالي بهدف استدامة مستقبلها، وتتمحور الأسئلة حول كيفية إدارة الشركة في المستقبل، ودور أفراد العائلة في تعاقب الإدارة، وهيكل الأصول المناسب، وآليات فصل أصول الشركات العائلية عن ثروة العائلة الخاصة.

ما الفرص التي توفرها الإمارات أو المنطقة للأفراد من أصحاب الثروات؟

هناك العديد من المقومات التي تجعل من دبي والإمارات وجهة جذابة لأصحاب الثروات والتي يمكن حصرها في 8 مقومات هي:

امتلاكها بنية تحتية مبتكرة وحديثة، رؤى حكومية واضحة وشفافة لتحقيق التنمية الاقتصادية المستقبلية، حوافز ضريبية جذابة، بيئة آمنة للعيش والعمل والاستثمار، توفر الخدمات الأساسية المتميزة في قطاعات رئيسية مثل الرعاية الصحية والتعليم، منح سلس التأشيرات وتصاريح العمل للأفراد والمستثمرين الذين يمكنهم المساهمة في مسيرة التنمية والازدهار، تشريعات قوية ونصوص قانونية واضحة وشفافة، وتبني سياسة الحياد الإيجابي، وقد أسهمت جميع هذه العوامل في تكريس مكانة الإمارات كوجهة جذابة للعديد من عملائنا الباحثين عن فرص واعدة وفريدة.

استراتيجيات الاستثمار

ما استراتيجيات الاستثمار التي يوصي بها البنك المستثمرين في الإمارات ودول مجلس التعاون الخليجي؟

من الضروري أن نفهم الظروف الخاصة لكل عميل إذا ما أردنا تقديم توصيات أو استراتيجيات ذات مغزى وقيمة حقيقية، ومع ذلك، فإن المبدأ الأهم الذي نشدد عليه دائماً هو أهمية تنويع الاستثمارات، من حيث كل من المناطق الجغرافية وفئات الأصول. فبالنظر إلى الطبيعة الحيوية والمتغيرة للأسواق، فقد يتفوق أداء بعض الأصول والاستثمارات عن غيرها، لذلك، فإن وجود محفظة استثمارات متنوعة بشكل دائم تعتبر من الاستراتيجيات الأساسية والمهمة.

نقوم في بنك «جيه بي مورغان للخدمات الخاصة» بمساعدة العملاء على تقييم أصولهم الحالية مقارنة بأهدافهم المالية طويلة الأمد، فقد نقوم على سبيل المثال بتصميم «مجموعة النمو»، والتي تركز على الأصول التي يتوقع أن تزداد قيمتها مع مرور الوقت، و«مجموعة الإيرادات الآمنة» والتي تعطي الأولوية للاستثمارات المستقرة والمولدة للإيرادات.

وتعتبر عملية التخطيط الاستراتيجي هذه من العمليات المهمة جداً، حيث إن تخصيص الأصول بشكل صحيح يمثل نسبة 90 % من النجاح الكلي للاستراتيجية المالية.

ونسعى في «جيه بي مورغان للخدمات الخاصة» بشكل أساسي إلى بناء المحافظ التي تمكن العملاء من مواءمة استثماراتهم مع قيمهم الشخصية ومعالجة أهدافهم طويلة الأجل، وذلك باعتبار أن العديد من عملائنا لديهم مخصصات عالية للاستثمار في المنطقة ونهدف إلى مساعدتهم على تحقيق التنوع العالمي.

8 مقومات تجذب أصحاب الثروات إلى الإمارات:

1 - بنية تحتية مبتكرة وحديثة

2 - رؤى حكومية واضحة وشفافة

3 - حوافز ضريبية جذابة

4 - بيئة آمنة للعيش والعمل والاستثمار

5 - توفُّر الخدمات الأساسية المتميزة

6 - منح سلس للتأشيرات وتصاريح العمل

7 - تشريعات قوية ونصوص قانونية واضحة

8 - تبنّي سياسة الحياد الإيجابي

تارا سميث:

اقتصاد الدولة أظهر مرونة عالية في مواجهة تقلبات الأسواق العالمية

تطور صناعة الخدمات المصرفية وإدارة الثروات أسهم في جذب كيانات اقتصادية عالمية إلى الدولة

أسواق المال المحلية حققت أداءً جيداً خلال العام الجاري

توقعات باستقرار أسعار النفط ضمن نطاق 80 إلى 85 دولاراً للبرميل على المدى المتوسط

دورة رفع الفيدرالي الأمريكي أسعار الفائدة بلغت ذروتها ولا نتوقع زيادات قريبة