Al Bayan

الإمارات.. إدارة لوجستية ذكية للهدر الغذائي

 الإمارات الأولى إقليمياً بالمؤشر العالمي للأمن الغذائي 2022 | أرشيفية

نجحت دولة الإمارات في تعزيز أمنها الغذائي عبر استراتيجيات وتدابير مدروسة ومبتكرة، إذ باتت الدولة مركزاً رئيساً لتجارة الأغذية في المنطقة وشمال أفريقيا، مواصلة جهودها الطموحة، لتكون رائدة في مؤشر الأمن الغذائي العالمي بحلول عام 2050، كما أصبحت من أكثر الدول، التي تقود المبادرات المبتكرة لتقليل الفاقد من الغذاء.

وتشير الإحصاءات الرسمية في الدولة إلى أن الهدر الغذائي -غير المسؤول- يكلف الدولة أكثر من 10 مليارات درهم سنوياً، فيما يهدر الفرد الواحد سنوياً 179 كيلوغراماً من الطعام، وعليه تدير الإمارات الدفة نحو رؤى وطنية وإدارة لوجستية أكثر فعالية لمواجهة هذا التحدي العالمي، وبحسب ورقة بحثية حديثة، أعدها مركز «إنترريجونال للتحليلات الاستراتيجية» في أبوظبي نشرت مؤخراً، فإن الإمارات باتت تمتلك استراتيجيات عدة لمواجهة أية أزمات تتعلق بأمنها الغذائي وتحديات الفاقد من الغذاء، بل أصبحت أحد أهم شرايين التوريد والشحن والارتباط بسلاسل التوريد، وهمزة وصل بين الإنتاج الغذائي والأسواق العالمية وقيادة الرؤى الطموحة، لتقليل الهدر الغذائي الناجم عن هذا التوسع.

تحديات خليجية

وأشار التقرير الصادر عن القمة العالمية للحكومات «هدر وفقدان الغذاء: حلول دول الخلج لمواجهة التحدي العالمي»، إلى بعض التحديات التي تواجه دول مجلس التعاون الخليجي وهي: عدم كفاية البيانات الداعمة لوضع السياسات، الحاجة إلي تقدير كمي لفقد الغذاء عبر سلسلة الإمداد، وعدم وجود سياسات وأنظمة فعالة، إذ أن غياب هذه السياسات قد ينتج عنه فائض في الإنتاج الزراعي، وهذا بدوره يؤدي إلى تفاقم مشاكل الهدر.

وناقش التقرير أيضاً إشكالية محدودية الوعي والثقافة، إذ تؤدي محدودية الوعي والإرشاد بالقيمة الحقيقية للمنتجات الغذائية إلى شراء المستهلك لأغذية تفوق ما يحتاج إليه، ويتمثل التحدي الأخير في القيود المفروضة على القدرة الفنية، إذ إن عدم كفاية القدرات الفنية يعيق الجهود الرامية إلى الحد من فقدان الأغذية، وهدرها في مختلف مراحل سلسلة الإمداد.

ورغم هذه التحديات أشاد التقرير بجهود الإمارات على الصعيد الوطني والإقليمي للبحث عن حلول مستدامة للحد من فقد الغذاء، وما ينتج عنه من تحديات بيئية ومناخية، حيث تتكاتف المساعي الوطنية لاجتثاث خطر زيادة الانبعاثات الناتجة عن نفايات الطعام، بجهود مبتكرة مستدامة، إذ تستهدف الدولة خفض هدر الغذاء للنصف بحلول 2030، بعدما وصلت التكلفة الاقتصادية السنوية للظاهرة 6 مليارات درهم، كما تستهدف المساعي اعتبار النفايات موارد، يمكن من خلالها توفير قيمة مضافة للاقتصاد المحلي.

ويعتبر إطلاق المبادرة الوطنية للحد من فقد الغذاء وهدره «نعمة» إضافة نوعية لملف الأمن الغذائي في الدولة خاصة أن كبح معدلات الاستهلاك المفرط للمواد الغذائية بات يشكل ضرورة ملحة، لضمان استدامة الموارد الغذائية في كل دول العالم.

استهلاك

وتبرز أهمية المبادرة من خلال توجهها إلى كافة الأطراف المعنية بعملية الحد من هدر الطعام في المجتمع، حيث تعمل المبادرة على تنسيق جهود الهيئات الحكومية والقطاع الخاص والمنظمات غير الحكومية والمجتمع تحت مظلة مشتركة، للحد من فقد الغذاء وهدره عبر سلسلة الإمداد الغذائية، ابتداء من عملية الإنتاج إلى الاستهلاك، والتي تشمل المزارع، الشركات، الموزعين، بائعي التجزئة حتى الأفراد.

ونجحت المبادرة في تحويل مليون كيلوغرام من الغذاء عن مكبات النفايات، نجم عنها قيمة اقتصادية مهمة تمثلت في توفير 3.2 ملايين درهم، كما أسهمت المبادرة في خفض 2.4 مليون كيلوغرام من الانبعاثات الكربونية، وإنتاج ما يزيد على 76600 كيلوغرام من السماد العضوي لما يقارب من 30635 متراً مربعاً من الأراضي الزراعية، فضلاً عن توعية أكثر من 6 ملايين شخص على مواقع التواصل الاجتماعي، والتعاون مع 935 خبيراً دولياً ومحلياً.

مؤشرات

وحققت «استراتيجية الإمارات في الأمن الغذائي» و«تشجيع أنماط الغذاء المستدام» نتائج عالمية، حيث جاءت الإمارات ضمن قائمة ضمت 4 دول فقط على مستوى العالم، يمتلك جميع سكانها دون استثناء قدرة تحمل كلفة النمط الغذائي الصحي، وذلك وفقاً لمنظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (الفاو)، كما تصدرت الإمارات دول منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بالمؤشر العالمي للأمن الغذائي 2022 الصادر عن «إيكونوميست إيمباكت»، مقارنة بالمرتبة الـ 3 على المؤشر للعام 2021، وجاءت بحسب تصنيفات المؤشر في المرتبة الأولى بين دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في المؤشر الإجمالي الرئيسي للأمن الغذائي، واحتلت المرتبة الأولى في المؤشر الفرعي لتوافر الغذاء، والمرتبة الثانية في مستوى جودة وسلامة الغذاء.

تطوير

وركزت الاستراتيجية الوطنية للأمن الغذائي 2051 على تطوير إنتاج محلي مستدام، وتكريس التقنيات الذكية في إنتاج الغذاء، وتفعيل المبادرات لتعزيز قدرات البحث والتطوير، والاستفادة من البنية التحتية واللوجستية ذات المواصفات العالمية في الدولة لتنويع مصادر الغذاء، وبناء جيل يمتلك الرغبة والمعرفة في اختيار غذاء صحي ومناسب، مع ضرورة العمل على مواجهة جميع أنواع الهدر وسوء استغلال الموارد الطبيعية، حيث تشير الإحصاءات إلى أن العالم يهدر 1.3 مليار طن من الأغذية سنوياً.

منصات

ولتسهيل وصول أفراد المجتمع بشكل سريع وآمن إلى احتياجاتهم، التي تخدم منظومة استدامة الغذاء، تم إطلاق العديد من المنصات الإلكترونية في مجالات مختلفة، حيث أطلق مكتب الأمن الغذائي والمائي في الدولة منصة «أبحاث الغذاء الإلكترونية» المفتوحة عبر موقعه الإلكتروني الرسمي، والتي تعد الأولى من نوعها في المنطقة، وتتيح المنصة تعريف الأفراد ومختلف الجهات على أحدث نتائج جهود البحث والتطوير، وتطبيق التقنيات الحديثة في مجال الأمن الغذائي وتقليل الهدر، وكذلك تشجيع الاستثمار في آليات إنتاج الغذاء المستدام، لضمان توافر سبل التنمية والازدهار للأجيال الحالية والمستقبلية.