يعد الإسمنت من أهم مواد البناء، إذ لا يمكن الاستغناء عنه، حتى الآن على الأقل، في إنشاء البنى التحتية والمباني والجسور والسدود.
ووفقاً للدراسات، تم إنتاج نحو ستة مليارات طن من الإسمنت في جميع أنحاء العالم في العام 2020، لكن هذه المادة الأساسية مسؤولة عن نحو 8% من انبعاثات غاز ثنائي أوكسيد الكربون، ولذلك يسعى الباحثون إلى إيجاد بديل أفضل.
وقد تمكن باحثون في جامعة هاله الألمانية بالتعاون مع آخرين من "الجامعة الفيدرالية" في مدينة بيليم البرازيلية، من التوصل إلى بديل جديد للإسمنت، يمتاز بأنه "متماسك تماماً" و"صديق للبيئة"، كما جاء في دراسة نشرتها جامعة هاله.
وباستخدام مادة شبيهة بالبوكسيت (الخام الطبيعي الذي يصنع منه معظم معدن الألمنيوم)، يساهم البديل الجديد للإسمنت في تقليل انبعاثات غاز ثنائي أكسيد الكربون بنسبة تصل إلى الثلثين، كما نشر الباحثون.
ويوضح هربرت بولمان، الأستاذ في معهد علوم الأرض والجغرافيا في جامعة هاله، بالقول: "في الإنتاج التقليدي للإسمنت البورتلاندي (الشائع)، يتم حرق العديد من المواد الخام، بما في ذلك الحجر الجيري، وتحويلها إلى ما يسمى الكلنكر (مادة صلبة تنتج في صناعة الأسمنت البورتلاندي كمنتج وسيط)".
ويضيف: "في هذه العملية ، يتم تحويل كربونات الكالسيوم إلى أكسيد الكالسيوم ويتم إطلاق الكثير من ثنائي أكسيد الكربون".
يعتبر إسمنت ألومينات الكالسيوم، الذي يتم فيه استبدال جزء كبير من الجير بالبوكسيت، واعداً جداً. ومع ذلك، يعد البوكسيت منتجاً أساسياً لبدء إنتاج الألمنيوم ولا يتوفر بكميات كبيرة. لكن الباحثين توصلوا الآن إلى طريقة مختلفة، فهم لا يستخدمون البوكسيت النقي، ولكن مادة أخرى تسمى "طين بيلتيرا"، بحسب قناة "دي دبليو" الألمانية.
ويقول بولمان: "تغطي هذه الطبقة الطينية، التي يصل سمكها إلى 30 متراً، رواسب البوكسيت في الحزام الاستوائي للأرض، على سبيل المثال في حوض الأمازون"، ويتابع: "يحتوي على ما يكفي من المعادن المحتوية على الألمنيوم للحصول على جودة جيدة، وهو متوفر بكميات كبيرة ويمكن استخدامه بدون معالجة إضافية".
ورغم أن إنتاج الأسمنت غير ممكن بدون كربونات الكالسيوم، يمكن استبدال ما لا يقل عن 50 إلى 60 في المائة من كربونات الجير بـ"طين بيلتيرا"، وفقاً للدراسة.
وتمتاز هذه العملية بميزة أخرى ذات صلة بالبيئة، إذ إن 1250 درجة مئوية كافية لعملية الحرق، أي 200 درجة مئوية أقل من الإسمنت البورتلاندي.
يقول بولمان: "طريقتنا لا تطلق كمية أقل من ثنائي أكسيد الكربون أثناء التحويل الكيميائي فحسب، بل عند تسخين الأفران الدوارة أيضاً". وأشار العلماء إلى أنهم يواصلون البحث لمعرفة ما إذا كانت هناك مصادر أخرى مناسبة لإنتاج الإسمنت في ألمانيا.