منذ نهاية الحرب العالمية الثانية وإقرار اتفاقيات بيرتون وودز المؤسسة لكل من صندوق النقد والبنك الدوليين، احتل الدولار الأمريكي مكانة مسيطرة على صعيد الاقتصاد العالمي، وأصبح عملة الاحتياط النقدي لأغلب الدول. لكن يبدو أن هذه المكانة بدأت تهتز، في ظل اتجاه العديد من الدول المهمة اقتصادياً، وبخاصة روسيا والصين، إلى البحث عن عملات بديلة سواء لاستخدامها في المبادلات التجارية، أو تكوين احتياطات النقد الأجنبي لديها.

وفي يونيو من العام الماضي قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في اجتماع لتجمع دول «بريكس»: «يجرى بحث إيجاد عملة للاحتياط الدولي على أساس سلة عملات دولنا». وأطلقت روسيا والصين محاولة أخرى لتطوير عملة احتياط عالمية، بمعنى أن الدولتين بدأتا الهجوم على الدولار، بحسب المحلل الاستراتيجي الأمريكي جوردون جي تشانج، في تقرير نشره موقع معهد «جيتستون» الأمريكي للبحوث.

ويرى جي تشانج أن سياسات الرئيس الأمريكي جو بايدن الحالية تهدد ثقة العالم بالدولار كعملة احتياط، والتي يجب أن تكون مستقرة وتعتمد على اقتصاد قوي وكبير، مع حرية تحويلها إلى أي عملة أخرى وضرورة استخدامها على نطاق عالمي واسع. ويضيف: إن سياسات الإنفاق الجنونية للرئيس بايدن ستؤدي في ما بعد إلى إضعاف الدولار وبالتالي يفقد جاذبيته مخزناً للقيمة. ويتم تمويل الإنفاق الحكومي من خلال الاستدانة، ليصل إجمالي الدين العام الأمريكي إلى 30.6 تريليون دولار.

ويشعر كثيرون بالتفاؤل بشأن مستقبل العملة الصينية المعروفة باسم «العملة الحمراء» في مواجهة الدولار «العملة الخضراء». على سبيل المثال يتحدث المحلل الاقتصادي ديفيد جولدمان عن الجنوب العالمي الذي تشكله الصين، ويقول إن استخدام اليوان سيتزايد في العالم. ويجب ألا يراهن الأمريكيون كثيراً على استمرار عملتهم عملةَ احتياط عالمية بسبب عدم وجود بديل قادر على منافستها. فالصين وروسيا تحاولان باستمرار إيجاد هذا البديل، ولذلك فهما تضغطان بشدة من أجل تطوير «عملة بريكس» عملةَ احتياط تعتمد على العملات المحلية لدول التجمع.

مدفوعات عالمية

رصدت بكين زيادة في استخدام عملتها في مايو الماضي، حينما شكل نحو 2.15 % من إجمالي المدفوعات العالمية، بحسب بيانات نظام تسوية المدفوعات العالمي المعروف باسم «سويفت»، وهو ما جعل اليوان خامس أنشط العملات في العالم. وكانت حصة اليوان من المدفوعات العالمية في أبريل الماضي 0.01 % فقط.