محاولة التكهن بما سيفعله إيلون ماسك الملياردير الأمريكي ومؤسس ومالك شركة صناعة السيارات الكهربائية تسلا من يوم لآخر أشبه بمحاولة الإمساك بشعاع ضوء القمر باليد.  

لكن يبدو أن قواعد اللعبة تغيرت بعد أن أعلن ماسك أمس رغبته في شراء شركة منصة التواصل الاجتماعي تويتر بنفس السعر الذي عرضه قبل شهور وهو 20ر54 دولار للسهم الواحد رغم أن السهم فقد نحو ثلث قيمته منذ تراجعه عن صفقة الشراء في يوليو الماضي.

ويتساءل مارك جونجلوف المحلل الاقتصادي في بداية تحليل نشرته وكالة بلومبرغ للأنباء عما تعنيه هذه الخطوة سواء بالنسبة لماسك أو بالنسبة لشركة تويتر؟ وما إذا كان استعداد ماسك لإنهاء النزاعات القانونية وشراء الشركة التي ظل ينتقدها خلال الشهور الماضية نبأ جيدا أو سيئا بالنسبة لأي طرف من الطرفين؟

ويقول جونجلوف إن الإجابة على هذه الأسئلة تتوقف على ما يمكن أن يراه ماسك غدا أو بعد غد أو بعد بعد غد، وهكذا. بل إنه ربما كانت إعادة البيضة إلى قشرتها المكسورة أسهل من توقع تصرفات ماسك.

 ويبدو أن قرار ماسك الذي أعلنه منذ ستة أشهر كان مدروسا أكثر من قراره نشر تغريدة عبر موقع تويتر قبل سنوات عن اعتزامه شطب أسهم تسلا من البورصة مما سبب له أزمة قانونية كبرى مع هيئة الأوراق المالية والتداول الأمريكية، أو قراره بالسخرية من جسم بيل غيتس مؤسس شركة البرمجيات العملاقة مايكروسوفت، أو ادعاء قدرة مركبة الفضاء التي يطورها على أن تصبح قاربا.

فمثل هذه الأشياء لا يفعلها عادة الرؤساء التنفيذيون، بحسب جونجلوف مدير التحرير السابق لموقع مجلة فورتشن الاقتصادية الأمريكية.

لكن إعلان قراره شراء شركة تويتر منذ ستة أشهر أدى إلى ارتفاع كبير لسعر سهمها، وورطه في أزمة قانونية صعبة يحاول الخروج منها.

وفي الشهر الماضي صوت مساهمو تويتر على قبول عرض الشراء المقدم من ماسك رغم أن الأخير سحب هذا العرض في يوليو الماضي. ويعتبر نبأ تجدد استعداد ماسك لشراء تويتر سارا لهؤلاء المساهمين حيث ارتفع سعر سهم تويتر بنحو 18% مع إعلان ماسك رغبته.

في الوقت نفسه فإن موظفي تويتر أقل سعادة باحتمال استحواذ ماسك على الصفقة. في الوقت نفسه قد يكون ماسك يلاعب الجميع قبل أن يعلن بعد وقت قصير اضطراره للتراجع عن صفقة شراء تويتر مقابل 44 مليار دولار، في الوقت الذي لا تعرف فيه الشركة حتى الآن كيفية جني الأموال من منصة التواصل الاجتماعي.

 وربما يكون سبب تراجع ماسك عن إلغاء صفقة شراء تويتر هو احتمال خسارته للنزاع القانوني مع الشركة.

ومن المحتمل في وقت ما من المستقبل أن يكون ماسك روشتة علاج أوضاع تويتر، أو على الأقل المحافظة على سعر سهمها مستقرا في السوق. فقد كانت تركيبته الشخصية عنصرا أساسيا في التركيبة السرية لنجاح شركة صناعة السيارات الكهربائية تسلا ووصول قيمتها السوقية إلى 760 مليار دولار رغم أنها لا تحقق أرباحا كبيرة تتناسب مع هذه القيمة. ولكن قد تكون فترة صلاحية هذه التركيبة الشخصية اقتربت من نهايتها.

وبدأ انصراف المشترون المحتملون للسيارات الكهربائية عن تسلا بسبب تصرفات ماسك عبر الإنترنت، بما في ذلك اشتباكه المتكرر مع القضايا السياسية التي يتجنبها عادة الرؤساء التنفيذيون للشركات.

وتراجع سعر سهم تسلا أمس بسبب فكرة احتمال بيع ماسك لكمية من أسهمها لجمع سيولة نقدية لتمويل صفقة شراء تويتر. ثم جاء التغيير المفاجئ لموقفه وإعلانه العودة لشراء تويتر، والتخلي عن كل الاتهامات التي وجهها لها ليوجه ضربة إلى مصداقيته. كما أن هناك كتلة حرجة تهدد ماسك تتمثل في مشروعاته الجنوبية مثل تصنيع صواريخ وبناء أنفاق وصولا إلى مفاوضات السلام بين روسيا وأوكرانيا، مما يثير الشكوك في قدرته على إدارة كل من تسلا أو تويتر أو كلتيهما.

 وبالنسبة لمستخدمي تويتر والرأي العام ككل، فقد عادت الأمور إلى المربع رقم واحد، وأصبح الجميع يتساءل عن كيفية ممارسة ماسك للرقابة على منصة تويتر بعد الاستحواذ عليها؟ وهل سيسمح بعودة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب إلى المنصة، قبل الانتخابات الرئاسية الأمريكية المقبلة في عام 2024؟  بعد حظر حسابه عليها.

وهناك أيضا مسألة استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي في تشغيل ملايين الحسابات الوهمية على منصة تويتر والتي يبدو أنها مازالت حاضرة في عقل ماسك الذي قال إن خطته للسلام في أوكرانيا تعرضت لهجوم من جانب جيش من حسابات تويتر الآلية.