أعلن الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي (البنك المركزي) أن البنوك الكبرى في الولايات المتحدة تملك سيولة كافية لمقاومة «ركود حاد»، مع الاحتفاظ بالقدرة على منح قروض، في ختام اختبار الإجهاد، الذي يجريه كل سنة، في حين أكد جيروم باول رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي أن البنك المركزي قد يضطر لتشديد رقابته على نظام التمويل الأمريكي في أعقاب إخفاق ثلاثة من أكبر البنوك الأمريكية مؤخراً، وهي بنوك سيليكون فالي وسيغنتشر وفيرست ريبابليك.
وقال نائب رئيس الاحتياطي الفيدرالي لشؤون الإشراف مايكل بار في بيان: «النتائج تؤكد أن النظام المصرفي لا يزال قوياً وقادراً على الصمود»، لكنه شدد على أن الاحتياطي الفيدرالي يجب أن يواصل العمل للتثبت من أن «المصارف قادرة على مواجهة مختلف أنواع السيناريوهات والصدمات».
وقال روب نيكولز رئيس رابطة المصرفيين الأمريكيين في بيان: إن نتائج الاختبار أظهرت صلابة البنوك الأمريكية، مشيراً إلى جمع المصارف احتياطات تسمح لها بمواصلة الإقراض، «في ظل أشد الظروف الاقتصادية».
وشمل اختبار الإجهاد 23 من المصارف الأمريكية الكبرى، وكان الهدف منه تقييم مستوى رأسمالها، وحجم خسائرها وعائداتها في حال حصول انكماش كبير، يترافق مع انهيار السوق العقارية، وارتفاع نسبة البطالة إلى 10%.
وذكر الاحتياطي الفيدرالي أن «المصارف الـ23 ستحتفظ بسيولة تفوق الحد الأدنى المطلوب بالرغم من خسائر إجمالية، تقدر بـ541 مليار دولار»، بينها 100 مليار نتيجة متأخرات أقساط القروض العقارية لمساكن أو مكاتب، وسيؤدي مثل هذا الوضع إلى تراجع نسبة أسهم رأس المال بمقدار 2,3 نقطة مئوية مع بقائها رغم ذلك فوق 10%.
وبين المصارف المعنية بهذه الاختبارات بنك أوف أمريكا وسيتيغروب وغولدمان ساكس وجاي بي مورغن تشيس، إضافة إلى الفروع الأمريكية لمصرفي كريدي سويس، ويو بي إس السويسريين، اللذين هما في طور الاندماج.
وأتت هذه الاختبارات في أعقاب الأزمات المصرفية، التي شهدتها الولايات المتحدة وأوروبا في وقت سابق هذا العام، بعد الانهيار السريع لبنك «سيليكون فالي» في كاليفورنيا.
ولا تشمل اختبارات الإجهاد البنوك المحلية الصغيرة والبنوك المناطقية المتوسطة في وقت يجري نقاش حول مسألة تطبيق قواعد الحيطة على هذه الفئة أيضاً في بلد يعد أكثر من 4500 مؤسسة مصرفية.
صرامة
وقال جيروم باول في تصريحات معدة سلفاً، ألقيت خلال مؤتمر مصرفي في مدريد: إن قواعد أكثر صرامة تم وضعها بعد الأزمة المالية في عامي 2007 و2008 جعلت البنوك الكبيرة متعددة الجنسيات أكثر مرونة في مواجهة التخلف عن سداد القروض على نطاق واسع، مثل انفجار فقاعة الإسكان التي أدت إلى تلك الأزمة، لكن انهيار مصرف سيليكون فالي وبنك سيغنتشر وبنك فيرست ريبابليك، كشف عن نقاط ضعف مختلفة، والتي من المرجح أن يعالجها البنك الفيدرالي، خلال اقتراحات جديدة، بحسب باول.
ولم يقدم باول أي تفاصيل، لكن مسؤولين آخرين في الاحتياطي الفيدرالي قالوا: إن البنوك ينبغي أن تحتفظ برأس مال أكبر كاحتياطي للحماية من خسائر القروض.
مثل هذه الاقتراحات قد تواجه معارضة من الصناعة المصرفية وبعض أعضاء الكونغرس الجمهوريين، الذين يجادلون بأن الاحتياطي الفيدرالي كانت لديه الأدوات اللازمة لمنع الانهيار البنكي، لكنه فشل في استخدامها.
وقال باول: «إن أحد أسباب تغافل المنظمين عن التهديدات للبنوك الثلاثة هو الميل البشري الطبيعي لخوض الحرب الأخيرة».
وحدثت الأزمة المالية في عام 2008 بسبب التخلف الواسع النطاق عن سداد الديون بعد انفجار فقاعة الإسكان، لكن بنك سليكون فالي أخفق لأسباب مختلفة، فقد تسببت الزيادة السريعة في معدلات الفائدة في انخفاض حاد في قيمة حيازاته من السندات، لأنه دفع معدلات فائدة أقل من السندات الجديدة. وأضاف باول: هذه الأحداث تشير إلى أن هناك حاجة لتعزيز إشرافنا وتنظيمنا للمؤسسات بحجم بنك سيليكون فالي، مضيفاً: أتطلع لتقييم الاقتراحات لمثل هذه التغييرات وتطبيقها حينما يكون ذلك مناسباً.
وفي جلسة أسئلة وأجوبة أشار إلى أن القواعد بحاجة إلى التحديث لمراعاة السرعة، التي يمكن أن يحدث بها تشغيل البنك.
وقال رئيس الاحتياطي الفيدرالي: تم الاعتياد على أن يكون السحب من البنك عبر أشخاص يقفون في طابور أمام ماكينة الصراف، لكن هذا مختلف للغاية عما شاهدناه في بنك سليكون فالي، حيث استخدم المودعون الهواتف الذكية في تحويل الأموال على الفور. وأردف: إن مشرفي الاحتياطي الفيدرالي رصدوا نقاط ضعف في البنوك، بما في ذلك التعرض لارتفاع أسعار الفائدة، لكنهم كانوا يعملون في إطار نظام، يتحرك ببطء شديد لتجنب المشاكل.