لا يزال رجل الأعمال وقطب التقنية الصيني الأشهر، جاك ما، الشريك المؤسس في مجموعة «أنت» للتقنية ومؤسس «علي بابا» للبيع بالتجزئة عبر الإنترنت، يتجرع تبعات خلافه مع السلطات الصينية، إثر انتقاده لبعض سياساتها الاقتصادية، إلا أن ثمة تطورات أخيرة تشير إلى قرب انتهاء هذه المعاناة، بحسب تقرير نشره موقع «بزنس انسايدر» الشبكي البريطاني.
لكن انتهاء المعاناة لن يكون دون خسارة مالية هائلة تتمم سلسلة الخسائر التي تكبدها «ما»، منذ بداية خلافه مع بكين، فقد أفاد التقرير أن «البنك المركزي الصيني» أعلن أول من أمس عن فرض غرامة بقيمة 7.12 مليارات يوان صيني «985 مليون دولار» على مجموعة «أنت»، والتي تدير التطبيق الذكي «أليباي» لسداد المدفوعات.
وقد أدت حملة التضييق المستمرة منذ سنوات ضد «ما» وشركاته، والتي تخوضها حكومة بكين كنوع من التأديب له بعد انتقاده إياها، إلى خسائر فادحة، سواءً في قيمة ثروته الشخصية، أم في القيمة السوقية للشركات التي يمتلك حصصاً فيها.
وعلى سبيل المثال، شهدت «علي بابا»، الشركة الشهيرة للتسوق الإلكتروني، وهي الشركة الرئيسة التي شارك في تأسيسها ضمن مجموعة «أنت»، انخفاضاً هائلاً في قيمتها السوقية بلغت 45 %، أو 620 مليار دولار، منذ أن بلغت قيمة أسهمها ذروتها في 2020، وفقاً لحسابات نشرتها وكالة «بلومبرغ» للأنباء.
وتقدر قيمة مجموعة «أنت» الآن بنحو 78.5 مليار دولار، مما يعني أنها عانت تدهوراً حاداً في قيمتها السوقية، بلغت 75 %، بالمقارنة مع 315 مليار دولار، وهي قيمتها السوقية في الاكتتاب العام الأولي الذي أجرته المجموعة لأسهمها قبل حملة بكين التنظيمية التي انطلقت في 2020.
ويعني ذلك أن القيمة السوقية لمجموعة «أنت» وللشركة الرئيسة بها «علي بابا» قد فقدتا معاً ما يتجاوز 850 مليار دولار منذ بدء بكين لإجراءاتها المتشددة ضد «ما» وشركاته. وترتب على ذلك تراجع في قيمة الثروة الشخصية التي يمتلكها «ما» من 61 مليار دولار في أكتوبر 2020 إلى 34.1 مليار دولار، وفقاً لأحدث بيانات أظهرها «مؤشر بلومبرغ للمليارديرات».
وبجانب التراجع في قيمة ثروة «ما» الشخصية والتدهور الحاد في القيم السوقية لشركاته، فقد تراجع أيضاً مستوى نشاطه في الحياة العامة على نحو ملموس منذ ما يزيد على عامين.
لقد أغضب «ما» السلطات الصينية بعد إلقاء خطاب في أكتوبر 2020 انتقد فيه النظام الصيني للوائح المالية، إذ ادعى في سياق خطابه أن البنوك الصينية تعمل بعقلية «وكيل رهونات». ولم يتأخر رد الفعل الغاضب من جانب بكين، إذ سرعان ما أطلقت حملة تدقيق تنظيمي مكثف لأعماله، بما في ذلك مجموعة «أنت» وشركة «علي بابا»، فضلاً عن حملة تضييق صارم أوسع نطاقاً ضد شركات التقنية في الصين عموماً.
وقد شوهد «ما» في شوارع العاصمة بانكوك يناير الماضي، حيث زار مطعماً يقدم طعام الشوارع وحائز نجمة «ميشلين»، ثم شاهد مباراة في لعبة «مواي تاي» القتالية، ثم ظهر في هونغ كونغ في الشهر ذاته. وفي مارس الماضي، زار «ما» مدرسة أسسها في مسقط رأسه «هانغتشو» شرق الصين.
وفي أبريل، نال لقب أستاذ فخري في «جامعة هونغ كونغ». وفي مايو، تولى «ما» منصباً تدريسياً في اليابان، وهو أحد المناصب العامة الأولى التي شغلها منذ اختفائه من دائرة الضوء عام 2020. وفي الشهر الماضي، حضر «ما» نهائيات مسابقة «علي بابا» العالمية للرياضيات في «هانغتشو»، حيث يقع المقر الرئيسي للشركة.