أغلقت أسعار الذهب على ارتفاع للأسبوع الثالث على التوالي على الرغم من الهبوط الذي سيطر على حركة الذهب خلال النصف الثاني من الأسبوع بسبب تعافي الدولار، لكن بقي المستثمرون في حالة ترقب لما سيسفر عنه الاجتماع المقبل للبنك الفيدرالي الأمريكي.

وارتفعت الأونصة خلال التعاملات الفورية 0.4 % بعد أن سجلت خلال الأسبوع أعلى مستوى منذ 9 أسابيع عند 1987 دولاراً للأونصة ليغلق الأسبوع تداولاته عند المستوى 1961 دولاراً للأونصة.

وكشف التقرير الفني لجولد بيليون، السبب الرئيسي وراء الارتفاع الكبير في أسعار الذهب خلال الأسبوع الماضي، حيث كشفت بيانات مبيعات التجزئة الأمريكية عن شهر يونيو ارتفاعاً بـ0.2 % بأقل من التوقعات والقراءة السابقة عند 0.5 %، الأمر الذي يدل على تراجع إنفاق المستهلكين وبداية ظهور التأثير السلبي لعمليات رفع الفائدة الأمريكية على مستويات الإنفاق.

وذكر أن تقرير الوظائف لشهر يونيو، بالإضافة لبيانات مبيعات التجزئة وبيانات التضخم خلال الأسبوع الماضي، كلها أمور قد زادت من التوقعات في الأسواق بشكل كبير أن البنك الفيدرالي سيلجأ إلى وقف دورة رفع الفائدة بعد اجتماعه المقبل.

وأشار تقرير جولد بيليون إلى أن سوق الذهب يترقب نتائج اجتماعات البنك الفيدرالي الأمريكي والمركزي الأوروبي والمركزي الياباني، بالإضافة إلى بيانات مؤشر نفقات الاستهلاك الشخصي الجوهري عن الولايات المتحدة الذي يعد مقياس التضخم المفضل للبنك الفيدرالي.

وأكدت التوقعات بدرجة تصل إلى اليقين أن البنك الفيدرالي الأمريكي سيقوم برفع الفائدة 25 نقطة أساس قبل أن يتوقف عن دورة رفع الفائدة والتشديد النقدي، وهو ما لم يصرح به البنك من قبل، لتترقب الأسواق تقرير البنك والمؤتمر الصحافي لرئيسه لحسم هذه التوقعات.

بيانات التضخم خلال شهر يونيو في الولايات المتحدة أظهرت تباطؤاً حاداً للتضخم، حيث ارتفع مؤشر أسعار المستهلكين بـ3 %، وهي أبطأ وتيرة للتضخم منذ عامين، كما ارتفع مؤشر أسعار المستهلكين الأساسي الذي لا يشمل أسعار المواد الغذائية والطاقة المتقلبة بـ 4.8 % وهو أبطأ ارتفاع منذ عام 2021.

الانخفاض الملحوظ في التضخم والتراجع التدريجي المتوقع في سوق العمل خلال النصف الثاني من العام قد يقنع البنك الفيدرالي أن يكتفي برفع الفائدة مرة واحدة خلال اجتماعه المقبل وينهي التشديد النقدي خلال النصف الثاني من العام.

البنك الفيدرالي أشار في أكثر من مناسبة إلى أن قراراته ستعتمد على البيانات، وأن الاقتصاد الأمريكي قادر على تخطي هذه الأزمة دون الوقوع في ركود اقتصادي، وفي ظل البيانات التي تظهر تباطؤاً في معدلات نمو وإنفاق المستهلكين وقد ينهي البنك سياسات التشديد التي استمرت منذ العام الماضي ودفعت الفائدة لأعلى مستوياتها منذ أكثر من 15 عاماً، وهذا السيناريو يدعم الذهب بشكل كبير، لكون التحدي الأول للذهب هو رفع الفائدة التي تجذب الاستثمارات بعيداً عن أسواق الذهب التي لا تقدم عائداً لصالح أسواق السندات التي تقدم عائداً يرتفع بارتفاع أسعار الفائدة.

الذهب سيواجه أسبوعاً مهماً قد يؤثر على تحركاته على المدى القصير، فتمسك «الفيدرالي» بسياسة التشديد النقدي قد يدفع الذهب إلى التراجع بشكل ملحوظ، وتوقف البنك عن التشديد وإنهاء دورة رفع الفائدة قد يدفع الذهب إلى استكمال الارتفاع وتخطي المستوى النفسي 2000 دولار للأونصة.

 

دعم مانع للهبوط الحاد

في حالة اختلاف تحركات البنك الاحتياطي الفيدرالي مع توقعات الأسواق واستمراره في التشديد النقدي ورفع الفائدة لمرة أخرى بعد اجتماعه الأسبوع المقبل، سنشهد تأثيراً سلبياً كبيراً بالطبع على أسعار الذهب، وقد يدفعه هذا إلى فقدان الكثير من مكاسبه السابقة والابتعاد مجدداً عن المستوى 2000 دولار للأونصة.

ولكن لدى الذهب الدعم الكافي الذي يمنعه من الانهيار الحاد، ويتمثل هذا الدعم في الطلب على الذهب الفعلي من قبل البنوك المركزية العالمية. عمليات الشراء المستمرة للذهب من قبل البنوك المركزية العالمية يعتبر الداعم الأول والأساسي للذهب خلال العام الجاري.