ارتفعت كلفة التأمين على ديون الحكومة البريطانية وسط مخاوف المستثمرين من الارتفاع السريع في أسعار الفائدة، الأمر الذي يؤدي إلى زيادة الضغط على المالية العامة.
وقفز التأمين ضد التخلف عن السداد، كما ينعكس في مقايضاته، بنسبة 106 % في العام المنتهي نهاية مايو الماضي، وهو ارتفاع لم تتغلب عليه سوى باكستان والإكوادور المنكوبتين بالديون، وفقاً لبيانات جمعتها وكالة التأمين «تشوسر».
وتعد مقايضات التخلف عن السداد أدوات مالية مصممة للدفع في حالة التخلف عن سداد الديون السيادية أو الشركة، وفي العصر الحديث لم تتخلف بريطانيا أبداً عن التزاماتها، وهو ما ينعكس في السعر المنخفض الذي دفعته تاريخياً.
في حين تجاوزت الزيادات في أسعار مقايضة التخلف عن سداد الائتمان البريطانية ارتفاعات الولايات المتحدة، إذ ارتفعت كلفة التأمين ضد التخلف عن السداد في أعقاب مواجهة واشنطن لسقف ديون هذا العام، في حين ارتفع متوسط أسعار مبادلة التخلف عن سداد الائتمان في الولايات المتحدة بنسبة 85 % خلال العام الماضي.
وقال كبير المحللين في «تشوسر» جوناثان بنت لصحيفة «التايمز»، إن أخطار التخلف عن السداد لا تقتصر على البلدان النامية فقط، إذ يواجه اللاعبون الاقتصاديون العالميون بشكل متزايد احتمال استمرار الصعوبات الاقتصادية.
وأضاف: على رغم أن احتمالية تخلف دول مثل المملكة المتحدة أو الولايات المتحدة عن السداد منخفضة بالفعل، فإن هذا لا يعني أنه لا يوجد خطر على الدائنين.
وقفز سعر التأمين ضد التخلف عن السداد في بريطانيا بعد الميزانية المصغرة لوزير الخزانة السابق كواسي كوارتنغ في سبتمبر الماضي، عندما ارتفعت كلفة التأمين على سندات الضمان لمدة خمس سنوات إلى أعلى مستوى منذ عام 2020، وضرب الاضطراب سوق السندات مرة أخرى هذا الشهر، إذ وصلت عائدات الديون القياسية لمدة عامين إلى أعلى مستوياتها منذ عام 2008.
كما رفع المستثمرون كلفة الاقتراض في المملكة المتحدة وسط مخاوف من استمرار التضخم أكثر من الاقتصادات الكبيرة الأخرى.
وقبل هذا الأسبوع، كانت أسواق المال تراهن على قيام بنك إنجلترا برفع أسعار الفائدة إلى ما يصل إلى 6.25 %، وهو أعلى مستوى منذ ديسمبر 1998، وارتفعت السندات في الأيام الأخيرة على خلفية البيانات التي تظهر أن تضخم أسعار المستهلكين انخفض إلى أدنى مستوى له في 13 شهراً في يونيو الماضي.
ويؤدي التضخم المرتفع إلى تآكل قيمة القسائم المدفوعة لحاملي السندات الحاليين، مما يؤدي إلى انخفاض الأسعار، لكن ارتفاع أسعار الفائدة يدفع العوائد على إصدار سندات جديدة للارتفاع ويجذب المستثمرين الجدد.
من جانبها، باعت وزارة الخزانة البريطانية هذا الشهر سندات لأجل عامين بقيمة أربعة مليارات جنيه استرليني (5.14 مليارات دولار) بمعدل زيادة 5.68 %، وهو أعلى عائد منذ الأزمة المالية.
وتجاوزت نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي في المملكة المتحدة 100 % الشهر الماضي للمرة الأولى منذ عام 1961، مما يعكس كيف أضر ارتفاع كلف خدمة الدين والإنفاق على دعم الطاقة بالمالية العامة للبلاد.
وفي الشهر الماضي، حافظت وكالة التصنيف الائتماني «فيتش» على توقعاتها السلبية في شأن ديون الحكومة البريطانية، محذرة من أخطار خلفية الاقتصاد الكلي الصعبة، بما في ذلك ضعف النمو وخطر استمرار التضخم، وارتفاع كلف الاقتراض، وضغوط الإنفاق بسبب أزمة كلفة المعيشة وقرب الانتخابات العامة.
وتقدر وكالة «فيتش» أن الدين الحكومي البريطاني سيبلغ ذروته عند أقل بقليل من 105 % من الناتج المحلي الإجمالي العام المقبل، كما تمثل السندات المرتبطة بالتضخم ربع إجمالي الديون الحكومية المستحقة.