مع الإعلان عن مشروع الممر الاقتصادي العملاق بين الهند وأوروبا عبر الشرق الأوسط، بدأت الدول المشاركة في هذا المشروع بإعداد العدة للمراحل العملية التي من المقرر أن تبدأ قريباً.
خلال الإعلان الذي تم في نيودلهي على هامش قمة مجموعة الـ 20 ، لم تتضمن تصريحات القادة عن أسماء كافة الدول المشاركة في الممر الاقتصادي، إلا أن تقارير صحافية استندت إلى مصادر رسمية حددت خارطة هذا الممر الاقتصادي.
ووفق وكالة أسوشيتد برس، فإن المشروع ينطلق من الهند بحراً إلى دولة الإمارات ثم براً في السعودية، ومنها إلى الأردن وإسرائيل عبر خط سكة حديد، ثم بحراً وصولاً إلى اليونان ومنها إلى أوروبا براً. وبالتالي فإن دول الشرق الأوسط المشاركة في هذا الممر هي الإمارات والسعودية والأردن وإسرائيل. ورغم أن الولايات المتحدة طرف رئيس في الاتفاق، إلا أنها طرف راعي ومستثمر ولا يشملها الممر الاقتصادي. وقال الرئيس الأمريكي جو بايدن خلال الإعلان: "هذه صفقة كبيرة. إنها صفقة كبيرة حقاً".
وتهدف الخطة إلى ربط دول الشرق الأوسط بالسكك الحديدية وبالهند عبر خطوط ملاحية من موانئ المنطقة. وهو بذلك يتضمن شقين في البنية التحتية، الملاحة البحرية والسكك الحديدية.
كيف سيعمل المشروع؟
يتألف المشروع من ممرين منفصلين هما "الممر الشرقي" الذي يربط الهند مع الخليج العربي و "الممر الشمالي" الذي يربط الخليج بأوروبا. ووفق خرائط أولية غير رسمية، فإن الممر الشرقي يبدأ من موانئ الهند إلى الإمارات العربية المتحدة، ثم يشق طريقه داخل السعودية عبر خطة سكة حديد تعبر الأردن ومنها إلى إسرائيل حتى ميناء حيفا. ثم يستكمل الممر طريقه إلى أوروبا بحراً حتى اليونان.
وسيعمل المشاركون على تقييم إمكانية تصدير الكهرباء والهيدروجين النظيف لتعزيز سلاسل الإمداد الإقليمية كونه جزءاً من الجهود المشتركة لخفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري ودمج جوانب الحفاظ على البيئة في المبادرة.
دور محوري للإمارات
ويعكس تعاون دولة الإمارات في هذه المبادرة ودورها المحوري فيها، جهودها لتعزيز شراكاتها الدولية والإسهام في تحقيق مستقبل مستدام، لاسيما قبيل استضافتها مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ "كوب 28 " خلال شهر نوفمبر المقبل.
ودعماً لهذه المبادرة تتطلع الدول المعنية بكل ممر إلى العمل الجماعي لتنفيذ المبادرة وإنشاء كيانات تنسيقية لمعالجة مجموعة كاملة من المعايير التقنية والتصميمية والتمويلية والقانونية والتنظيمية ذات الصلة.
ما هو الجدول الزمني؟
لم تحدد الولايات المتحدة جدولاً زمنياً حتى الآن، ولم تقدم أي تفاصيل عن تكلفة المشروع أو تمويله. إلا ان عاموس هوشستين، منسق بايدن للبنية التحتية العالمية وأمن الطاقة، وضع جدولاً زمنياً تقريبياً للمشروع خلال العام المقبل.وفي الستين يومًا المقبلة، ستقوم مجموعات عمل بوضع خطة
وتحديد جداول زمنية. ووفق مصادر تحدثت لوكالة أسوشيتد برس، ستتضمن المرحلة الأولى تحديد المجالات التي تحتاج إلى الاستثمار وحيث يمكن ربط البنية التحتية المادية بين الدول. وقال هوشستاين إنه يمكن وضع الخطط موضع التنفيذ خلال العام المقبل حتى يتمكن المشروع من الانتقال إلى التنفيذ الفعلي.
متى ظهرت فكرة الممر؟
يتم الإعداد للمشروع منذ يوليو 2022 حيث تحدث بايدن عن الحاجة إلى مزيد من التكامل الاقتصادي الإقليمي من دون أن يفصح عن شيء.
وفي يناير الماضي، بدأ البيت الأبيض بإجراء محادثات مع الشركاء الإقليميين، في مقدمتهم دولة الإمارات، حول هذا الطرح. وبحلول الربيع، كانت تتم صياغة الخرائط والتقييمات المكتوبة للبنية التحتية الحالية للسكك الحديدية في الشرق الأوسط. وقام مستشار الأمن القومي الأمريكي جيك سوليفان، وكبار مساعديه في البيت الأبيض هوشستاين وبريت ماكغورك، بجولة في مايو للقاء نظرائهم الإماراتين والسعوديين والهنود.
وعملت جميع الأطراف منذ ذلك الحين على وضع اللمسات الأخيرة على تفاصيل الاتفاق الذي أُعلن عنه اليوم.
البنية التحتية
إن جزءاً من البنية التحتية لهذا الممر الاقتصادي جاهز عملياً في العديد من الدول، حيث أن دولة الإمارات من أكثر الدول جاهزية نظراً لاستثمارها المبكر في تطوير البنية التحتية بكافة القطاعات، وستقوم الدول بتطوير خطوط سكك حديدية قائمة بالفعل وتوظيفها لتكون ملائمة لأخذ دور جديد في نقل البضائع عبر القارات.
ووصفت رئيسة المفوضية الأوروبية فون دير لاين، المشروع بأنه "تاريخي" وباعتباره "ممراً اقتصادياً بين الهند والشرق الأوسط وأوروبا من شأنه أن يجعل التجارة بين الهند وأوروبا أسرع بنسبة 40%.
مزايا المشروع
يهدف المشروع إلى تيسير عملية نقل الكهرباء المتجددة والهيدروجين النظيف عبر كابلات وخطوط انابيب وكذلك إنشاء خطوط للسكك الحديدية.
ويهدف أيضًا إلى تعزيز أمن الطاقة، ودعم جهود تطوير الطاقة النظيفة، إضافة إلى تنمية الاقتصاد الرقمي عبر الربط والنقل الرقمي للبيانات من خلال كابلات الألياف البصرية، وتعزيز التبادل التجاري وزيادة مرور البضائع من خلال ربط السكك الحديدية والموانئ.
فرصة للازدهار
وقال جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي الأمريكي، إن البنية التحتية المتطورة ستعزز النمو الاقتصادي وتساعد على جمع دول الشرق الأوسط معًا وترسيخ المنطقة كمركز للنشاط الاقتصادي بدلاً من أن تكون مصدرًا للتحدي أو الصراع أو الأزمة كما كانت في التاريخ الحديث.