تعاني الأسهم الأمريكية الصغيرة والمتوسطة من وطأة ارتفاع أسعار الفائدة، حيث يهدد تعهد مجلس الاحتياطي الفيدرالي بإبقاء تكاليف الاقتراض مرتفعة لفترة أطول بشكل سلبي على الميزانيات الضعيفة للشركات الصغيرة.
وقد انخفض مؤشر راسل 2000 الذي يقيس أداء أسهم الشركات الصغيرة بنسبة 11 % منذ بلوغه أعلى مستوياته في يوليو، بينما انخفض مؤشر ستاندرد آند بورز500 بنسبة 7 % خلال نفس الفترة.
وهبط مؤشر الأسهم الصغيرة بنسبة 7 % في شهر سبتمبر وحده، ليراوح عند مستوى يقل بنسبة أكثر من 27 % من أعلى مستوى له على الإطلاق في عام 2021، بالمقارنة مع 11 % لمؤشر ستاندرد آند بورز 500.
ويبرز هذا الأداء الضعيف الضرر البالغ الذي لحق بالأسهم الصغيرة من جراء رفع مجلس الاحتياطي الفيدرالي لأسعار الفائدة في الوقت الذي يشكك فيه بعض مراقبي السوق بما يتردد عن أن تأثير أسعار الفائدة على الاقتصاد قد تم احتواؤه.
ويرجح المحللون أن أحد العوامل الرئيسية وراء تراجع أسهم الشركات الصغيرة هو الارتفاع السريع في تكاليف أسعار الفائدة في تلك الشركات، حيث بلغت تكاليف الفائدة لشركات ستاندرد آند بورز 600، وهو مؤشر آخر للشركات ذات القيم السوقية الصغيرة، مستوى قياسياً، طبقاً أحدث تقارير أرباح الربع الثاني من العام، وذلك وفقاً للبيانات التي جمعتها شركة نيد ديفيد لأبحاث السوق.
وصرح إد كليسولد، المحلل الاستراتيجي لأسواق الولايات المتحدة في الشركة بأن هذه تجربة جديدة للشركات الصغيرة، مضيفاً أن تلك الشركات تواجه تبعات احتمال ارتفاع أسعار الفائدة أو دخول الاقتصاد في ركود.
وعادة ما تكون قوائم المركز المالي للشركات الصغيرة أضعف من نظيراتها ذات القيمة السوقية الكبيرة، حيث تراوح نسبة الديون إلى الأرباح فيها عند مستويات أعلى، وتستأثر مدفوعات الفائدة بنسبة أكبر من الإيرادات.
وما يزيد هذا الأمر تعقيداً أن 30 % من ديون الشركات المدرجة في مؤشر راسل 2000 هي ديون ذات معدل فائدة متغير، مما يعرضها للتأثيرات السلبية لارتفاع أسعار الفائدة، هذا بالمقارنة بنسبة 6 % فقط لدى الشركات المدرجة في مؤشر ستاندرد آند بورز 500، وذلك وفقاً لتقديرات شركة غولدمان ساكس.
ويعلق ديك مولاركي، مدير عام شركة الاستثمار «إس إل سي مانجمنت»، بأن هذا الدين ذا المعدل المتغير للفائدة يؤدي إلى زيادة الضغوط على الشركات الصغيرة، ومن المرجح أن يزيد من حالات التخلف على سداد الديون.
وأضاف: «يلجأ المزيد من الشركات الصغيرة إلى الاعتماد على القروض المصرفية، والتي أصبحت مقيدة للغاية، بينما تواجه تلك الشركات منافسة أشد وقدرة أقل على التحكم في الأسعار، مما يقلل من هوامش الربح والعوائد بالتوازي مع ارتفاع التضخم وزيادة الأجور. وفي ظل تباطؤ معدلات النمو، سيتفاقم الضغط على تلك الهوامش أكثر فأكثر».
وبالمقارنة مع مؤشر ستاندرد آند بورز 500، تضم مؤشرات الشركات الصغيرة الكثير من البنوك الإقليمية والشركات الصناعية.
ويشير ريان هاموند، أحد خبراء غولدمان ساكس المتخصصين في استراتيجية إدارة الأسهم الأمريكية إلى أن أسهم هذه المؤسسات تتأثر سلباً من انخفاض توقعات المستثمرون للنمو الاقتصادي كما حدث مؤخراً، وذكر أن مؤشر راسل 2000 أيضاً يضم في معظمه أسهم شركات علوم الحياة أكثر من الأسهم ذات القيمة السوقية الكبيرة.
وأضاف أن عدم ربحية الغالبية العظمى من هذه الشركات يزيد من ضعف قدرتها على النمو والمعاناة من ارتفاع أسعار الفائدة.
وقد شعرت الشركات الكبرى أيضاً بارتفاع تكاليف التمويل، إلا أن قدرتها على احتواء الزيادة كانت أفضل، وهذا يرجع جزئياً إلى انخفاض تكلفة رأس المال لدى الشركات الكبرى والاستفادة من السماح للعديد من الشركات بتأجيل استحقاق مديونياتها أثناء جائحة «كورونا» وقيام البنوك المركزية بخفض تكاليف الاقتراض.
كما تم تغطية تكاليف الفائدة الأعلى من خلال الاحتياطات النقدية الضخمة للشركات الكبيرة، والتي تدر حالياً المزيد من إيرادات فوائد الإيداع بفضل ارتفاع المعدلات. وتعد شركات التكنولوجيا الكبرى، والتي تهيمن على مؤشرات الأسهم الكبيرة في الولايات المتحدة، من بين المستفيدين الرئيسيين من ارتفاع إيرادات الفائدة.
وخلال العام المالي المنتهي في يونيو الماضي، حققت شركات التكنولوجيا السبع الكبرى الملقبة باسم «العظماء السبعة» حصيلة بلغت 13,3 مليار دولار من إيرادات الفائدة مقابل سداد 9.6 مليارات دولار فقط لتغطية تكاليف الفائدة، وذلك وفقاً لتقارير شركة ستاندرد آند بورز لأبحاث أسواق رأس المال.
ومنذ أن بدأ الاحتياطي الفيدرالي في رفع أسعار الفائدة في أوائل العام الماضي، ارتفع دخل الفائدة الربع سنوية لشركة ألفابت بأكثر من الضعف، بينما انخفضت تكاليف الفائدة الربع السنوية الخاصة بالشركة.
ومع ذلك، من المحتمل أن تجذب التقييمات المنخفضة للشركات الصغيرة المشترين في نهاية الأمر. ووفقاً لهاموند، خبير غولدمان ساكس، فإن أهم شرطين تاريخيين تتأثر بهما عوائد مؤشر راسل 2000 هما النمو الاقتصادي والتقييمات الأولية. وأضاف أنه إذا كان الاقتصاد يتجه نحو هبوط سلس، كما تتوقع غولدمان، فإنه يعتقد أن الفرصة لا تزال قائمة لكي تحقق الشركات الصغيرة أداءً جيداً.