أعلنت المملكة المتحدة أنها بصدد إلغاء الحد الأقصى لمكافآت المصرفيين؛ أحد موروثات الاتحاد الأوروبي، كجزء من مساعيها بعد الخروج من الاتحاد، لتعزيز جاذبية لندن كعاصمة مالية. وتأتي هذه الخطوة في أعقاب مشاورات هذا العام، حول ما إذا كان سيتم إلغاء قاعدة تم فرضها عام 2014، تقصر المكافآت على ضعف الأجر الأساسي لموظفي البنوك ومؤسسات البناء وشركات الاستثمار.
وقد اعترض كبار خبراء السياسات المالية في المملكة المتحدة ضد هذا القيد، عندما بدأ تنفيذه، ومنذ مغادرة الاتحاد الأوروبي، قالت الحكومة إن إزالته ستزيد من القدرة التنافسية للمدينة بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، من خلال جعل لندن مكاناً أكثر جاذبية للمصارف لاتخاذها مقراً لموظفيها.
وفي تقرير لها، ذكرت هيئة التنظيم الاحترازية التابعة لبنك إنجلترا، والتي أجرت المشاورات مع هيئة السلوك المالي، أن سقف المكافآت لا يتم فرضه بشكل روتيني في المراكز المالية الدولية الرائدة الأخرى خارج الاتحاد الأوروبي، وأضافت الهيئة أن الحد الأقصى تم تحديده كعامل للحد من انتقال العمالة، وأن التغيير من شأنه أن يعزز الاستقرار المالي، من خلال السماح للشركات بتخفيض الأجور بشكل أسرع خلال فترات الركود. بينما صرحت هيئة السلوك المالي بأن التغييرات ستساعد في محو الآثار غير المقصودة للحد الأقصى للمكافآت، من خلال منح الشركات مرونة لخفض الأجور، في حالة ضعف الأداء أو سوء السلوك.
وتسري القواعد الجديدة اعتباراً من 31 أكتوبر، وتطبق اعتباراً من السنة المالية الحالية. وقد علقت آن سامون، الشريكة في شركة المحاماة «بينسنت ماسونز»، بأن الموظفين الذين تمت زيادة أجورهم الأساسية عند تطبيق الحد الأقصى للمكافآت «سيكون لهم الحق بموجب عقودهم في الحصول على الرواتب الأعلى، وبالتالي، سيتخلون فقط عما يُعرض عليهم كبعض الحوافز».
وقد رحب المسؤولون الماليون بتحفظ بإعلان المستشار السابق كواسي كوارتينج، في سبتمبر الماضي، بأن المملكة المتحدة ستلغي هذا الإجراء، خوفاً من رد فعل شعبي عنيف، حيث إنهم عارضوا في الأصل الحد الأقصى للمكافآت، لأنه أجبرهم على رفع الأجور الثابتة للاحتفاظ بالموظفين.
وعندما طُرحت فكرة إلغاء الحد الأقصى في يونيو من العام الماضي، قال زعيم حزب العمال، السير كير ستارمر، إن خطة المحافظين تتمثل في «زيادة أجور المصرفيين، وتخفيض أجور أطقم التمريض بالأحياء». ومنذ ذلك الحين، شرع حزب المعارضة في شن هجوم بالغ للفوز بالحي المالي، قبل الانتخابات العامة المتوقعة العام المقبل، ولكن دارين جونز، السكرتير بوزارة الخزانة في حكومة الظل العمالية، قال إن قرار إلغاء الحد الأقصى «في وقت تعاني فيه الأسر من تكاليف المعيشة، وترتفع فيه الرهون العقارية»، هو دلالة واضحة على أولويات حكومة المحافظين المنعزلة عن الواقع.
ومن جانبه، انتقد بول نواك، الأمين العام لمؤتمر نقابات العمال، وهو الهيئة الممثلة للحركة العمالية في المملكة المتحدة، القرار، ووصفه بأنه «قرار مشين». وقال: «هذه إهانة في الوقت الذي يكافح فيه ملايين العاملين في جميع أنحاء البلاد لتغطية نفقاتهم»، مضيفاً أن مسألة إلغاء الحد الأقصى تنضم إلى قضية «الحوار حول فرض الضرائب على الثروة». وكان تطبيق الحد الأقصى للمكافآت في الاتحاد الأوروبي، قد تم إقراره لإنهاء حقبة المكافآت غير المحدودة، التي أعطت حافزاً للعاملين في القطاع المالي للمخاطرة، وهو ما كان يُنظر إليه على أنه تهديد للاستقرار المالي، في أعقاب الأزمة المالية 2008-2009.
جدير بالذكر، أن المملكة المتحدة لديها قواعد أخرى بشأن الأجور، بما في ذلك اشتراط دفع نسبة مئوية من المكافآت على مدار عدد من السنوات، والسماح باسترداد المكافآت في حالات سوء السلوك، وضعف الأداء الفردي، وأحياناً ضعف أداء الشركة. وذكر مقررو السياسات المالية في المملكة المتحدة، أنه لا يزال يتعين على الشركات التأكد من أن الأجور الأساسية والمكافآت «متوازنة بشكل مناسب»، وأن المكافآت ليست كبيرة لدرجة أنها تحد من قدرة الشركة على تعزيز قاعدتها الرأسمالية.