قال فينود خوسلا، الذي كان من أوائل داعمي شركة «أوبن أيه آي» (OpenAI)، الشركة الناشئة التي طوّرت تكنولوجيا شات جي بي تي (ChatGPT)، إن ثمّة مبالغة في تقدير قيمة الشركات الناشئة في مجال الذكاء الاصطناعي، وتوقع أن العديد من هذه الشركات سيفشل في جني الأموال، وذلك في تحذير للمستثمرين الذين يضخون مليارات الدولارات في هذا القطاع.
فمنذ إطلاق شركة «أوبن أيه آي» لروبوت الدردشة شات جي بي تي، سارع المستثمرون لضخ أموالهم في الشركات الناشئة في مجال الذكاء الاصطناعي، بما في ذلك شركات تصنيع روبوتات الدردشة المنافسة «انفليكشن» Inflection، و«أنثروبيك» Anthropic، و«كوهير» Cohere، وهو ما أدى إلى قفزة بتقييمات هذه الشركات بشكل كبير.
وفي تصريحات لخوسلا في حوار له مع جريدة فاينانشيال تايمز، على هامش مؤتمر «تيك لايف» الأخير الذي عقدته صحيفة وول ستريت جورنال في لاجونا بيتش، كاليفورنيا، توقع أن معظم الاستثمارات في الذكاء الاصطناعي اليوم، أي استثمارات رأس المال المجازف، ستخسر المال. وقارن بين الضجة المثارة في الوقت الراهن حول الذكاء الاصطناعي وجنون الاستثمار العام الماضي في الشركات الناشئة في مجال العملات المشفرة، وانهيار بورصة «إف تي إكس».
وقال إن العديد من المستثمرين المتأخرين في مجال الذكاء الاصطناعي يستثمرون لأن الجميع يستثمر في هذا المجال، وخلال العام الجاري، استثمر أصحاب رأس المال المغامر 21.5 مليار دولار في شركات الذكاء الاصطناعي على مستوى العالم، مقارنة بـ 5.1 مليارات دولار في عام 2022 بأكمله، وفقاً لشركة بيتش بوك.
وأردف أن الكثير يأملون أن تؤتي رهاناتهم على الشركات ذات القيمة العالية ثمارها، لأن الآخرين سيستثمرون لاحقاً بتقييمات أكبر - وهي ظاهرة تُعرف باسم «نظرية الأحمق الأكبر»، مؤكداً أن الذكاء الاصطناعي سيغير العالم جذرياً بسبب قدرته على تحمل 80% من أعباء العمل في 80% من جميع المهام البشرية خلال العقدين المقبلين، علاوة على القيمة الاقتصادية الضخمة التي سيخلقها. وكانت شركة «خوسلا فينتشرز» واحدة من أولى الشركات الاستثمارية التي راهنت على شركة «أوبن أيه آي»، حيث استثمرت 50 مليون دولار في الشركة الناشئة في أوائل عام 2019، في جولة قُدرت الشركة الناشئة خلالها بمبلغ مليار دولار، وفقاً لأشخاص مطلعين على ذلك الاستثمار، بينما تسعى شركة «أوبن أيه آي» الآن إلى الحصول على تقييم بنحو 86 مليار دولار.
ورفضت شركة خوسلا فينتشرز، التعليق على التقييم الحالي لشركة «أوبن أيه آي»، مشيرة إلى أن الشركة لم تؤكد هذا الهدف، في الوقت الذي ارتفعت فيه تقييمات شركات الذكاء الاصطناعي المنافسة هذا العام، حيث قُدرت قيمة شركة «أنثروبيك» بمبلغ 5 مليارات دولار، في صفقة في وقت سابق من هذا العام، وذلك قبل أن تُعلن أمازون استثمارها في «أنثروبيك» بمبلغ أكبر، في حين قدرت قيمة «كوهير» بمبلغ 2.1 مليار دولار هذا الصيف، بينما بلغت «انفليكشن» 4 مليارات دولار، كما حصلت شركات وليدة أخرى على مبالغ مغرية.
في يونيو، جمعت شركة الذكاء الاصطناعي الجديدة الناشئة «ميسترال إيه آي» مبلغ 105 ملايين يورو في أكبر جولة تمويل أولية في أوروبا بعد شهر واحد فقط من إطلاق الشركة. ونوّه خوسلا أنه سيمتنع عن المشاركة بجولات التمويل في مرحلة لاحقة، حيث تخاطر التوقعات بتجاوز القيمة الأساسية للشركة، قائلاً: «نحن نشيطون للغاية، ولكننا في الوقت نفسه ندقق جيداً في اختياراتنا». وتضم الاستثمارات الأخرى لشركة خوسلا فينتشرز، شركات توصيل البقالة عبر الإنترنت إنستاكارت ودور داش، بالإضافة إلى شركات التكنولوجيا المالية «سترايب» و«بلوك» و«أفيرم». وأضاف: «نحن نستثمر في الأساسيات»، وهو ما يختلف عن الاستثمار في الزخم، وما يفعله معظم أوساط الإدارة الأخرى، مسلطاً الضوء على المخاوف من إمكانية استخدام التكنولوجيا القوية للذكاء الاصطناعي لتقويض الانتخابات الرئاسية الأمريكية العام المقبل، مشيراً إلى أنه سيكون هناك الملايين من الروبوتات التي تتدخل في انتخابات الرئاسة الأمريكية. وقال إن الدول القومية - وهو ما يعني الصين في المقام الأول – قد تؤثر على الانتخابات العام المقبل في محاولة لتعطيل العملية الديمقراطية.
وأشاد خوسلا، بجهود إدارة الرئيس الأمريكي جون بايدن والكونجرس، لوقف تدفق رأس المال والخبرات الأمريكية إلى الشركات الصينية العاملة في مجال الذكاء الاصطناعي أو أشباه الموصلات أو الحوسبة الكمية. وكان الرئيس بايدن أصدر أمراً تنفيذياً في أغسطس الماضي، من شأنه أن يحد من قدرة أصحاب رؤوس الأموال المغامرة في الولايات المتحدة الأمريكية على الاستثمار في هذه القطاعات، وتقوم لجنة تابعة للكونجرس بالتحقيق في الاستثمارات السابقة لشركات أمريكية بارزة كان لها وجود في الصين، بما في ذلك سيكويا كابيتال.
وشدد على أهمية استغلال الولايات المتحدة جميع الوسائل المتاحة لها للفوز بسباق الذكاء الاصطناعي مع الصين، بما في ذلك استقطاب الباحثين الموهوبين من روسيا، واستقطاب رأس المال من الشرق الأوسط، وخلق بيئة تنظيمية جذابة. ولفت إلى أن أدوات الذكاء الاصطناعي المحلية بإمكانها أن توفر أطباء مجانيين أو مدرسين خاصين للأطفال في جميع أنحاء العالم، موضحاً أن القدرة على تقديم الخدمات للأشخاص الذين هم في أمس الحاجة إليها، هي المفتاح الرئيسي للظفر بهذا السباق، سواء فازت القيم الغربية أو كانت الصين هي الفائزة.