قامت شركات التكنولوجيا المالية بعملٍ رائع بتجاوز عقبات قطاع المدفوعات، بل كانت ناجحة جداً في نظر بعض المُستثمرين. وتعمل شركات مثل بلوك وسترايب - اللتين تتمتعان بتمويل جيد - على مواصلة خفض التكاليف للتجار وتقليل هوامش الربح لمُقدمي خدمات الدفع. ومع ذلك فإن الخندق المُحيط بشبكات البطاقات يثبت أنه عريض وكبير للغاية؛ لدرجة أن هذه الشركات التقنية ليس بمقدورها القفز من فوقه وتجاوزه.
وببساطة، الدفع تحويل بين حسابين مصرفيين. وتتشابك في المنتصف مجموعة من الوصلات المالية التي تجعل العملية ممكنة الحدوث. وحتى الآن، فقد نجحت تطورات التكنولوجيا المالية في بداية هذه السلسلة في مُساعدة التجار على تسلم مدفوعاتهم بتكلفة أقل وبشكلٍ أسهل كما أن الجزء القابع في المنتصف، أو الشبكة التي تُتيح للبنوك التواصل مع بعضها البعض، يعتبر أكثر مرونة. وهذا الجزء تتحكم به إلى حد كبير شركتان، وهما فيزا وماستركارد.
وقد تُمكّن المبادرات المصرفية المفتوحة في المملكة المتحدة شركات التكنولوجيا المالية من أن تقتطع جزئياً من هذا الاحتكار الثنائي. وسيكون التقدم في هذا المجال بطيئاً، ولكنه يعد غنيمة كبيرة تنتظر أي مُنتصر.
وحققت شركة ماستركارد إيرادات صافية تُعادل 28 نقطة أساسية من حجم المعاملات في الربع الثالث من هذا العام. وتكاليف شركتي فيزا وماستركارد الهامشية تقارب الصفر في واقع الحال.
وبلغ متوسط هوامش التشغيل 62 % عام 2022، ولكن قوة الشبكات قد تُصبح نقاط الضعف بالنسبة للشركتين، فهم تعتمدان على بطاقات الدفع الفعلية. ويتمثل التهديد الوحيد لاستخدامها في المدفوعات المباشرة من بنك إلى آخر. ولكي تتحقق انطلاقة كبيرة، يجب أن تتحول المدفوعات إلى العالم الرقمي بصورة أكبر.
وتهدف تقنيات مثل رموز الاستجابة السريعة وتقنيات التعرف إلى الوجه، وبصمات الأصابع إلى جعل عمليات الدفع المتاحة عبر الهواتف النقالة أسرع وأكثر أماناً وأرخص. وفي أوروبا، تقود شركة «تروليير» هذه المهمة.
وتتولى المجموعة التي تتخذ من لندن مقراً لها مُعالجة ثلث المدفوعات المصرفية المفتوحة في المملكة المتحدة وأيرلندا وفرنسا وإسبانيا بقيمة تُقدر بـ35 مليار دولار، في حين تُعالج فيزا وماستركارد أحجام تعاملات سنوية بقيمة 25 تريليون دولار.
ومن المُفترض أن تواصل مدفوعات البطاقات الاستحواذ على ما يقرب من نصف إجمالي مدفوعات المملكة المتحدة بحلول 2026. وتُدرك الشبكتان ما يحمله التطور الجديد من تهديد، ولذا، تبذل الشبكتان جهودهما للتحول إلى الدفع المُباشر، إن هناك معركة قائمة بالفعل، لكن يبدو أنها ستطول.