ذات يوم، التقيت زميلة أتواصل معها في إطار العمل لتناول القهوة. لم أكن قد التقيتها شخصياً قط. لذلك، صُدِمتُ قليلاً عندما اكتشفت أنها تكبر صورة ملفها الشخصي بـ 15 عاماً على الأقل. حقيقة، كنت أتوقع أن التقي امرأة أصغر مني سناً، وربما تكون أقل خبرة، لكن حقيقة الأمر، أنها كانت تكبرني بكل ما تحمل الكلمة من معنى. تساءلتُ عما إذا كان شعور الاستغراب متبادلاً. لذلك، نظرت ملياً إلى صورتي الشخصية لدى عودتي إلى المكتب.

لقد تم التقاط الصورة في عام 2016، وهي تعود إلى عصر أكثر براءة، قبل حراك «أنا أيضاً» وتفشي الجائحة، قبل بدء انهيار العالم، والأهم من ذلك، قبلما بدأت صباغة شعري. أبقيت على الصورة جزئياً، لأن الأعوام السبعة الماضية كانت عصفت ومرت كلمح البصر. لكنني مستعدة الآن، مستعدة للاعتراف بأنها قديمة.

لكني تساءلت، هل أسيء لنفسي بالاحتفاظ بهذه الصورة، التي لم تعد تمثلني كلياً، فأنا الآن أكبر وأكثر حكمة، وبشعري الذي لم يعد يستخدم المجفف. وانطلاقاً من حرصي على معرفة ما إن كنت وحيدة في الشعور بهذه المعضلة، استطلعت آراء زملائي وأصدقائي، لاستجلاء مدى قِدَم صور ملفاتهم الشخصية، وما شعورهم تجاهها.

تبين لي، من الناحية الصحافية، وخاصة في «فاينانشال تايمز»، حيث قضى الكثير من الموظفين حياتهم المهنية، أن سبعة أعوام ليست شيئاً. بدا أحد الزملاء في حيرة عندما سألته عن عمر صورته المصاحبة لموضوعاته، فأجاب: «ليست قديمة كلياً»، وتابع: «ربما ثمانية أعوام تقريباً؟». لقد تقدم عمر هذا الزميل كثيراً بكل تأكيد، ومع ذلك ستظل صورته صالحة لخمسة أعوام أخرى على الأقل.

زميل آخر اعترف لي في رسالة بالبريد إلكتروني: «التقطت صورتي الافتراضية المصاحبة لموضوعاتي يوم انضممت لفاينانشال تايمز في عام 2008، بعد ثلاثة أسابيع من انهيار البنك الاستثماري بير ستيرنز، وبعد أسبوعين من ميلاد طفلي الأول. إنها صورة رديئة، إذ أبدو فيها مريضاً (لأني كنت مريضاً بالفعل)، ومرهقاً (لأني كنت مرهقاً حقاً)، ومرتعباً (لأني كنت مرتعباً بالتأكيد)». وسألته متعجبة: «لماذا لَم تغيرها يا ترى؟»، فأجاب: «أشعر في طلب تحديثها غروراً وليس صدقاً، ولذلك لم أطلب تغييرها قط».

وإذا ما نحينا الصحافيين جانباً، هل من المعتاد أن تبدو صور الأشخاص أكثر لمعاناً وأقل عمراً في ملفاتهم الشخصية، سواء على مواقع التواصل الاجتماعي أو في العمل، إلى حد وجود نسبة معينة من خيبة الأمل في تصوراتنا عند لقائهم وجهاً لوجه؟ قالت لي صديقة: «عندما يتعلق الأمر بالمواعدة عبر الإنترنت، يمكنني أن أضع نسبة قدرها 20 % لخيبة الأمل». واعترفت أخرى بشعورها بارتباط معين بصورة ملفها على «لينكد إن»، التي تعود إلى عشرين عاماً مضت.

وأوضحت: «أظل أفكر في وجوب تغييرها، فقد يظن الناس بي أنني مغرورة تماماً، عندما يلقونني في الوقت الحالي، لكني أشعر وكأنها بمثابة كبسولة زمنية صغيرة، أشعر بتردد في التخلي عنها».

لكن الاحتفاظ بالصورة القديمة ينطوي على خطورة أكبر، عندما يتعلق الأمر بـ «الواجهة» الاحترافية، مقارنة بالملفات الشخصية على وسائل التواصل الاجتماعي، ويعود ذلك إلى حد كبير، إلى أنه سيوحي بأنك «غير نشط».

وقال دورين غابرييل، الرئيس التنفيذي لدى «دي جي كوربوريت»، للمصورين المحترفين: «دائماً ما أوصي بتحديث صور الملفات الشخصية على نحو ربع سنوي». وأوضح بالقول إنه مثلما يتعين عليك مواصلة تحديث ملف الشخصي بآخر إنجازاتك، فيجب على صورة ملفك الشخصي أن تعكس تغير الفصول. لا استطيع تصور كيف ترجمة ذلك في الواقع، هل يقصد صورة بحلة بلون أحمر الصدأ، وربما مع ربطة عنق بلون الخردل، في هذا الوقت من العام؟.

وبغض الطرف عما إن كنت تلتقط صورة للقاء عاطفي أو لأجل شركتك، فمن الضروري، حسب غابرييل، أن تبذل جهداً في تقديم النسخة الأحدث من ذاتك. والأسوأ من مبالغتك في تقديم نفسك، هو إساءتك لنفسك بأن تبدو رثاً بشعر غير مصفف. ويصر غابرييل على أن الانطباعات الأولى شديدة الأهمية، مضيفاً: «يستغرق تكوين انطباع عن شخص ما ثانيتين أو ثلاث ثوانٍ فقط».

واليوم، نحن نكوّن انطباعات أولية عديدة على الكثير من المنصات، ما بين «واتس آب» و«إنستغرام»، مروراً بـ «لينكد إند»، وغيرها. وتمثّل كل واحدة منها جانباً مختلفاً عنا، أو تقدم واجهة ما إن أردت. وتُظهر صورة «واتس آب» الخاصة بي، على سبيل المثال، صورة لي وأنا أرقص مع ابنتي في حفل زفاف، ويبدو كلانا وكأننا طائرا فلامينغو ورديان فرحان وغير آبهين. بالنسبة للصورة، هي ذات قيمة كبيرة لي، وشخصية أيضاً، لكنني في بعض الأحيان استخدم «واتس آب» لأغراض العمل. وقد فكرت بتغييرها، لكني لا أطيق حمل نفسي على فعل ذلك من أجل بضع مكالمات مرتبطة بالعمل قد أتلقاها. وقد يكون الأمر أكثر سوءاً، إذا كانت الصورة لي وأنا أرتدي ملابس من الليكرا من رأسي وحتى أخمص قدمي، أو إذا كانت صورة لكلب العائلة.

أياً ما كانت الصورة التي ستختارها، فسوف تكشف أمراً ما عنك، بقصد أو بغير قصد، حتى وإن كنت من المزعجين الذين يتجنبون صور الملف الشخصي تماماً، أو ممن يعتبرون أن صورة افتراضية مخصصة لطيفة ستفي بالغرض. هل بإمكان صورة واحدة أن تفي بالغرض على كافة المنصات؟، هل سيبدو البروز اللامع للشفتين الذي يزين الملف الشخصي على «تيندر» يائساً بعض الشيء على «لينكد إن»؟ أيضاً، الوضعية الصارمة بالبذلة التي التقطتها بمكتب المحاماة الخاص بك، قد لا تجلب لك إعجاباً كثيراً. يبدو، إذن، أن النهج الأكثر منطقية، هو تخصيص صورة ما لكل وضع على حدة. لدي حسابان مختلفان على «إنستغرام»، حساب خاص والآخر عام. الفارق الوحيد بين صورتي الملف الشخصي لكلا الحسابين، هو أنني، وللحظ، أرتدي نظارة شمس في صورة الحساب العام، وهو أمر يرفضه غابرييل تماماً.

ربما، وحسبما أفاد زميلي في الطابق الأعلى، فإنني لن أخرج فائزة في كل الأحوال. قد يكون الإصرار على صورة جديدة مصاحبة لموضوعاتي أمراً أحمق، بافتراض تجاوزنا عنصر الفصول الذي أشار إليه غابرييل. لذا، سأبقي على هذه الصورة لمدة أطول، إن سمحتم لي.