قلص المستثمرون رهاناتهم على خفض أسعار الفائدة هذا العام، بعد أن صبت البيانات الاقتصادية وتحذيرات مسؤولي البنوك المركزية الماء البارد على السوق الذي كان قد «تفوَّفت على نفسها بشكلٍ كبير» في نهاية العام الماضي.

وغَيّر المتداولون في أسواق عقود المبادلات رهاناتهم على تخفيض أسعار الفائدة المُقدمة من الاحتياطي الفيدرالي، لتُصبح بمقدار خمس أو ست نقاط بدلاً من ست أو سبع وربع نقطة. لقد بدأوا الآن بتقدير احتمال بنسبة 75% لأول تخفيض في مارس، بعد أن كانوا قد قدروا بالكامل مثل هذه الخطوة في نهاية العام الماضي.

وجاء هذا الرأي الأقل تفاؤلاً حول خفض الفائدة في الوقت الذي أظهرت فيه بيانات الوظائف الأمريكية، التي جاءت أقوى من المتوَقَع هذا الأسبوع أن الحُجة لبدء الاحتياطي الفيدرالي بخفض الأسعار قريباً قد ضعفت. وقدم محضر اجتماع السياسة الأخير للاحتياطي الفيدرالي، الذي نُشر منذ أيام، صورة أكثر تشدُداً وحزماً من تعليقات رئيسه جيروم باول، في المؤتمر الصحفي المُصاحب له.

وقال فلوريان إلبو، رئيس الاقتصاد الكُلي في بنك لومبارد أوييه: «التقرير الأخير عن الوظائف هو جزء من البيانات التي كنا نفتقدها لرؤية بعض الاعتدال في الأسواق»، مُضيفاً أنه بعد اجتماع السياسة النقدية الأخير للاحتياطي الفيدرالي «ذهب تسعير خفض الفائدة إلى ما هو أبعد بكثير من ذلك، أبعد حتى مما كان يوصله الاحتياطي الفدرالي في بياناته».

وخلال الأسابيع الأخيرة من عام 2023، كَثَف المستثمرون رهاناتهم على أن البنوك المركزية على جانبي الأطلسي ستقوم بتخفيض سريع لأسعار الفائدة هذا العام، مما أدّى إلى أكبر ارتفاع للسندات العالمية لشهرين متتاليين منذ عدة سنوات.

وجاء ذلك في أعقاب بيانات تشجيعية عن التضخم، وموقف الاحتياطي الفيدرالي المتساهل غير المتوَقَع، الذي نشر في ديسمبر توقُعات جديدة أظهرت مسؤوليه يُشيرون إلى خفض بقيمة 75 نقطة أساس خلال العام المُقبل.

وقال كريج إنشيز، رئيس قسم أسعار الفائدة في شركة رويال لندن لإدارة الأصول: «لا تزال أسواق العمل مقيدة، ولا تزال تسويات الأجور قوية، والضغوط التضخمية تتزايد؛ بسبب التوترات في الشرق الأوسط، في حين يستمر تيسير الظروف المالية»، كما يعتقد أيضاً أنه من غير المُحتمل أن يُنفذ الاحتياطي الفيدرالي ما يقرُب من 6 تخفيضات للفائدة هذا العام.

وأضاف: «هذا بمثابة صداع للبنوك المركزية، ومع عدم توَقُع الكثيرين لحدوث ركود عالمي واسع النطاق، أجد صعوبة في فَهم سبب خفض أسعار الفائدة بهذه السرعة».

وقلّد المُستثمرون في أوروبا المُستثمرين في الولايات المُتحدة في خفض أسعار السندات، حيث قلّصوا توقعاتهم بخفض البنك المركزي الأوروبي، وبنك إنجلترا أسعار الفائدة هذا العام.

وعزَزَت هذا الرأي بيانات أظهرت أن التضخم في منطقة اليورو قد ارتفع إلى 2.9% في ديسمبر، ليعكس بذلك ستة أشهر من الانخفاضات المتتالية، بينما أشارت التعديلات التصاعدية لقراءات النشاط التجاري إلى أن الاقتصاد كان أقوى مما كان يُعتقد سابقاً، ما يُثير التساؤلات حول متى سيبدأ البنك المركزي الأوروبي في خفض أسعار الفائدة.

وقال توماش ويلاديك كبير الاقتصاديين في شركة تي رو برايس: «في ضوء أحدث بيانات مؤشر مُديري المشتريات وبيانات التضخم، أعتقد أن البنك المركزي الأوروبي سيخفض أسعار الفائدة في اجتماعه في يونيو القادم على أقرب تقدير».

وتُراهن الأسواق على أن البنك المركزي الأوروبي سيخفض أسعار الفائدة 1.46 نقطة مئوية هذا العام، منخفضة عن 1.64 في بداية الأسبوع، مع انخفاض احتمالية التخفيض الأول في مارس إلى حوالي النصف. كما أعاد المُستثمرون التفكير حول المسار المُستقبلي لبنك إنجلترا، حيث يتوقعون انخفاض أسعار الفائدة في المملكة المُتحدة إلى 4% بحلول نهاية العام، بانخفاض عن الرهان على نسبة 3.5% في نهاية العام الماضي. كما نُقِحَت قراءة الأنشطة التُجارية للمملكة المُتحدة منذ أيام.