إن حلاوة شيك الاسترداد ليست كافية لتُنسي دافعي الضرائب مُعاناتهم السنوية في ملء الإقرار الضريبي. ولا يجعل الإجراء أقصر بكثير أو أقل استخداماً للمُصطلحات الفنية لإدارة الإيرادات والجمارك الملكية. لم لا يتم تقليص الإجراءات، في جميع الدول الغنية، لتصبح بوابة إلكترونية، لا تتطلب منك سوى خمس دقائق، أو حتى نظام دفع تلقائي حسب الدخل في تطبيقات البنوك؟ وباستثناء عدم الاضطرار إلى إرساله بالبريد، هل يختلف الإقرار الضريبي جوهرياً عمّا كان عليه في عام 1980؟ كيف يُمكن تفسير الحاجة المُستمرة للمُحاسبين في حالات بسيطة مثل حالتي؟.
ربما يعود السبب إلى تخلف القطاع العام، إلا أن آخر مرة قُمت فيها بتسجيل الدخول في فندق، أمضيت ثماني دقائق في صف الانتظار، وبضع دقائق أُخرى عند الاستقبال. كيف لم تختفِ مثل هذه المُعاملات المُزعجة من الوجود عبر الرقمنة؟ كيف لم يقُم أحد مُنظمي الأمور النابليونيين، إن لم يكن بإلغاء النقد، فعلى الأقل إلزام المزيد من المُؤسسات التُجارية بالاستغناء عنه؟.
والقائمة تطول. فهناك أيضاً «الواي فاي» على متن الطائرة، والتوقيع على وثيقة بصيغة «بي دي إف»، ومرحلة كلمة المرور في طلب البيع بالتجزئة عبر الإنترنت، والاضطرار إلى شراء الفيلم ذاته أكثر من مرة عبر المنصات والأقاليم المُختلفة، وهكذا، فإن نطاق التذمر ليس له حدود.
إن شيئاً ما قد فُقد وسط حالة الهلع الأخلاقي، في ما يخص الذكاء الاصطناعي. وهكذا، فإن الشيء المُذهل في ما يتعلق بالعصر الرقمي، ليس في تقدُمه المحموم للأمام، بل تباينه: مدى ضآلة ما مسته التكنولوجيا لا مدى كثرته. ومع أن الحياة أصبحت سلسلة، إلا أنها ينبغي أن تكون أكثر سلاسة. أنا لا أستند هنا على أطروحة بيتر ثيل عن الركود، فهو مُحق في أن جنسنا يبتكر باستخدام «البتات» أكثر من «الذرات». لكن هناك أسباب نيوتونية جيدة لذلك. فتسريع رحلة طائرة ركاب، أصعب من تحميل فيديو.
لا، القصة الحقيقة تكمن في عدم اتساق التقدم حتى في مجال البتات. ففي ظل عصر القياس الحيوي، لا يزال الشخص العادي عند دخول بيته، أغلى سلعة اشتراها في حياته، يحتاج إلى أن يُدخِل قطعة نحاسية مُتعرجة في فتحة ويُديرها.
ربما تكمُن القصة فيَّ أنا، فأنا هُنا على جانب الطلب لا العرض. فقد استغرق الأمر حتى مُنتصف العُمر لاستيعاب شيء هام، وهو أنه كلما قلّت الضغوط في حياة المرء، أصبح الشخص أكثر تحسُساً تجاه تلك الضغوط التي لا تزال موجودة. هذا ما قد نُطلق عليه «مُعضلة العازب». فالإزعاج الذي قد يتجاهله شخص آخر بسهولة، لأنه مُقارنةً بضرورة توصيله لطفله في كل مكان، يُعتبر تافهاً، لا أستطيع أنا تجاهُله. البرجوازي المُروَّض، الذي مهما كان ما ينقصه، فهو يُطور مجموعة من العوازل تجاه المُضايقات الروتينية للحياة.
بالنسبة له، شخص يتلكأ في أمن المطار، هو مُجرد شخص يتلكأ في أمن المطار. أما بالنسبة إليّ في تلك اللحظة، فهو الحدث المحوري في العالم. ولأنه بالغ قليلاً في العُنف، لم ينل بريت إيستون إليس الثناء الذي يستحقه لتجسيده هذه الحالة الذهنية، الحاجة المُلحة إلى السُرعة، من خلال شخصية باتريك بيتمان في فيلم «المختل الأمريكي».
في الوقت نفسه، لا يُمكن للنرجسية تفسير كل شيء. ففي وسط ضجة الذكاء الاصطناعي، بالتأكيد هناك آخرون يشتكون بشكلٍ أساسي من أن العصر الرقمي لم يتقدم بما فيه الكفاية بعد. فلا تزال المدفوعات الصغيرة فاشلة، حتى بعد جيلين من ظهور الإنترنت. ولا تزال خدمة المُساعدة عن طريق المُحادثة الآلية لا تُقدم أفضل مما كانت تُقدمه في عام 2018. سأقرأ مقالاً آخر عن روبوتات الأندرويد القاتلة، عندما يحاول أحدهم تفسير استمرار وجود هذه المُضايقات البسيطة.
غالباً ما يقرأ مشجعو كرة القدم في المملكة المُتحدة، على تلفزيوناتهم، شيئاً مُتوَقَعاً ومُحبطاً، مثل التعليمات لتقديم الإقرار الضريبي. «يبدو أنه ليس لديك اتصال بالإنترنت في الوقت الحالي». إلا أنك في الغالب دائماً ما يكون لديك اتصال بالإنترنت. إنها ثغرة بسيطة في شبكة سكاي، تُكلف بضع دقائق كُل مرة؟ وكما تعلمون، فإن هذه الأمور تتراكم. وأصبح الاضطرار إلى الانتظار، ولو للحظة، حالياً فِعلاً دنيئاً. أحياناً، في ساعات الليل الباردة، عندما تدور في رؤوسنا أحلك الأفكار، أبدأُ بالشك فيما إذا كنت أنا في مركز الكون!