تراخت سيطرة كبرى شركات التكنولوجيا المعروفة باسم مجموعة «السبع الرائعة» على أسواق الأسهم الأمريكية، مع تركيز المستثمرين على النتائج الملموسة، عوضاً عن إمكانات الذكاء الاصطناعي وحده.

وكانت أكبر سبع شركات تقنية- مايكروسوفت، وأبل، وأمازون، وألفابيت، وميتا، وتسلا، وإنفيديا- أغلب مكاسب سوق الأسهم في العام الماضي، حيث كان المتداولون يراهنون على أن هذه الشركات ستكون رابحة من نمو الذكاء الاصطناعي، ومع ذلك فقد اتسعت الفجوات، مع إعلان الشركات كافة باستثناء شركة واحدة عن نتائجها المالية، خلال الأسابيع القليلة الماضية.

وقال جيم تيرني، مدير محفظة تركز على نمو الأسهم في شركة «أليانس بيرنشتاين»: «إن تداولها ككتلة واحدة بات أمراً من الماضي، فخلال العام الفائت استفاد الجميع من تأثير هالة الذكاء الاصطناعي، أما الآن فقد بدأت السوق في التركيز على الإمكانات الفردية لكل شركة من «السبع الرائعة» على حدة بدلاً من معاملتها كضمانة واحدة».

وبينما استمرت أربع من الشركات السبع في تجاوز أداء سوق الأسهم الأوسع نطاقاً تخلفت شركة «ألفابت» عن مؤشر «مؤشر ستاندرد آند بورز 500»، وباتت «تسلا» و«أبل» أكبر شركتين خاسرتين على المؤشر، وتراجعت شركة تسلا بشدة حتى أنها الآن تناضل من أجل الاحتفاظ بمكانتها، ضمن أكبر 10 شركات من حيث القيمة في الولايات المتحدة.

ومن جانبها تواصل شركة «إنفيديا»، التي ستعلن عن نتائجها للربع الرابع في أواخر فبراير، اتجاهاً مباشراً يركز على الذكاء الاصطناعي منذ العام الماضي، وارتفعت أسهمها بنسبة 34 % إضافية، بتشجيع من خطط الاستثمار في الذكاء الاصطناعي للشركات الأخرى.

وتعد «ميتا» و«ميكروسوفت»و«أمازون» من بين الشركات التي ضاعفت الرهان على استثمارات الذكاء الاصطناعي، لكن أسهمها كانت مدعومة بعوامل أكثر واقعية، مثل المبيعات القوية، وبالنسبة لشركة «ميتا» أعلنت عن أول توزيع أرباح على الإطلاق.

في المقابل يشعر مستثمرو شركة «أبل» بالخوف من ضعف المبيعات في الصين، وحذرت «تسلا» من تباطؤ النمو، وقال فواز شودري، رئيس قسم الأسهم في شركة «فولكروم لإدارة الأصول»: «يأخذ الناس التفاصيل بعين الاعتبار. أعتقد أنه بالنسبة إلى «تسلا» على الأقل لم يكن التألق مستحقاً فيما يخص الذكاء الاصطناعي، ولم تكن شركة «أبل» واضحة حول كيفية الاستفادة مالياً من البيانات، التي تمتلكها بواسطة الذكاء الاصطناعي».

وبحلول نهاية عام 2023 أعطت اتجاهات الاقتصاد الكلي دعماً إضافياً لأسهم الشركات الضخمة والصغيرة على حد سواء، ولكن البيانات الاقتصادية الأخيرة، وتحديثات «المركزي» زادت من حدة الضغط على الشركات لتحقيق الأداء المطلوب.

وبث انخفاض معدلات التضخم آمالاً بأن أسعار الفائدة على مقربة من مستويات ذروتها، مما دفع إلى ارتفاع واسع في أواخر العام، لكن في الأسابيع الأخيرة خفض المستثمرون من توقعاتهم بشأن مدى سرعة انخفاض أسعار الفائدة. كما تؤدي المعدلات المنخفضة إلى زيادة القيمة، التي يرغب المستثمرون في دفعها مقابل الأصول ذات المخاطر العالية مثل الأسهم.

ومن المتوقع أن يبدأ الاحتياطي الفيدرالي في خفض أسعار الفائدة لاحقاً خلال العام الجاري، ولكن مع احتساب الكثير من الفوائد لا يعتقد معظم المستثمرين أن نسب السعر إلى الأرباح يمكن أن ترتفع إلى حد كبير، وهذا ما يزيد من أهمية الأرباح لتحقيق المزيد من المكاسب في أسعار الأسهم.

وقال فيشال فيفيك، الخبير الإستراتيجي في مكتب تداول الأسهم بمجموعة سيتي: «مع اقتراب موسم الأرباح يشعر المستثمرون بالتفاؤل بشأن بعض الأسماء، التي تحظى برأس مال ضخم، لذا كان سقف الأداء مرتفعاً. لقد كانت الشركات هي التي خلقت تحفيزاً إضافياً للمستثمرين الذين أقدموا على التداول».

وقد أدى التحول الأخير في اللهجة إلى تفوق شركة «بيركشاير هاثاواي» المملوكة لوارن بافيت، وشركة الأدوية «إيلي ليلي» على شركة تيسلا من حيث القيمة السوقية، ويسلط الأداء القوي لشركة «إيلي ليلي» تحديداً - حيث تضاعفت أسهمها تقريباً خلال العام الماضي بفعل الطلب القوي على أدوية فقدان الوزن الجديدة- الضوء على حقيقة أن ثمة موضوعات إلى جانب الذكاء الاصطناعي قد أثارت حماس المستثمرين. كما ارتفعت أسهم شركة «نوفو نورديسك»، المنافس الدنماركي لشركة «إيلي ليلي»، ومع ذلك أصيب المستثمرون، الذين كانوا يأملون في تعزيز نطاق مكاسب السوق بخيبة أمل حتى الآن.

وفي هذا السياق قالت كبيرة مسؤولي الاستثمار في شركة «بي إن سي» للخدمات المالية، أماندا أجاتي: «تمثلت أمنيتنا في عيد الميلاد في عودة ظهور الأسهم الـ 493 المتبقية في مؤشر إس آند بي 500».

وقد ارتفع مؤشر ستاندرد آند بورز 500 بنسبة 4 % حتى تاريخه هذا العام، وتغيرت أقوى محركات المكاسب قليلاً، فـ«أبل» و«تسلا» و«ألفابيت» تم استبدالها أخيراً بشركات «إيلي» و«بيركشاير» ومنافسة انفيديا «إيه إم دي»- ولكن وفقاً لبعض المقاييس، كان تقدم السوق أكثر تركيزاً مما كان عليه في عام 2023، وصعد الوزن المكافئ لمؤشر ستاندرد آند بورز 500 بنسبة 0.2 % فقط، مقارنة بمكاسب المؤشر القياسي البالغة 4 %.

وخلال العام الماضي كانت«السبع الرائعة» المحرك لنحو 60 % من مكاسب السوق، وأسهمت هذه الشركات، منذ بداية العام وحتى الآن، في دعم أكثر من 80 % من هذه الزيادة، وقالت أجاتي: «إن هناك آمالاً لمساهمة موسم أرباح الربع الرابع في زيادة الثقة في بقية السوق، ولكن مع قيام ما يقرب من نصف الشركات الآن بتقديم تقاريرها، يبدو أن النتائج حتى الآن متباينة».

ووفقاً لشركة «فاكت ست» يسير مؤشر ستاندرد آند بورز 500 على الطريق الصحيح لتحقيق زيادة في الأرباح على أساس سنوي بنسبة 1.6 % للربع الرابع من عام 2023، ولكن حال تم استبعاد «السبع الرائعة» ستنخفض الأرباح بأكثر من 8 %.

وقال مايكل جرانت، رئيس قسم الإستراتيجيات الطويلة والقصيرة في شركة «كالاموس» للاستثمارات: «سترون المزيد من التفاوت بين الشركات الضخمة، ويمكن القول إننا في هذه المرحلة، لكن دعونا لا ننسى سبب هيمنة هذه الشركات، وبعيداً عن هذه الأسماء فإن توقعات الأرباح الأوسع نطاقاً في عالم الأسهم تبقى محدودة».