مضى قرن تقريباً منذ ترسيخ مفهوم الموطن في قانون ضرائب المملكة المتحدة. ونظر وزراء مالية، يمتدون حتى نايجل لوسون في 1988، في إصلاح هذه المسألة.
لذلك، كانت خطوة جيريمي هانت لإلغاء الإعفاءات المبنية على الموطن، التي تفيد كل الذين يقع موطنهم الدائم خارج البلاد، جذرية حقاً. وتنطوي هذه الخطوة على بعض المخاطر، تتمثل في أن المملكة المتحدة ستصبح أقل جاذبية للأثرياء الأجانب، بيد أنها فرصة للمجيء بإعفاءات أقل كلفة يمكن توجيهها لأهداف أفضل.
إن الخطوة التي اتخذها هانت سياسية تماماً، ومع ذلك، فهناك حُجج تدفع في اتجاه الإصلاح. أولاً، يتجاوز مفهوم الموطن الجنسية والإقامة والعِرق، ولا يفهمه سوى عدد ضئيل من الناس، وثانياً، ثمة آثار سلبية ناجمة عن فنيات نظام غير المقيمين. ويعتمد الأمر على التحويلات المالية، وهو مفهوم يعود إلى بدء العمل بالضريبة على الدخل في العام 1799، للإبقاء على الدخل والمكاسب الأجنبية خارج المنظومة الضريبية، ما لم تدخل حدود المملكة المتحدة.
لكن إحدى العواقب الصعبة تتمثل في أن التأهل للحصول على ميزة قواعد غير المقيمين يتطلب إبقاء الناس على صلة ما ببلادهم، مما يجعل رحيلهم اللاحق عن بريطانيا أكثر ترجيحاً. وهناك جانب سلبي إضافي، هو تشجيع القواعد للأثرياء على إقامة منزل في بريطانيا مع الإبقاء على ثرواتهم خارج البلاد. وتجدر الإشارة هنا إلى أن قرار الإعفاءات الاستثمارية للشركات الذي أُعلن في 2012 لا يُستخدم كثيراً.
وتعد إصلاحات هانت في هذا الصدد تحسيناً للوضع حيث سيكون الوافدون الجدد معفيون من دفع الضرائب البريطانية على مكاسب الدخل الأجنبي طيلة أربعة أعوام، بما في ذلك المكاسب المُحوّلة إلى المملكة المتحدة. هناك أيضاً حافز لغير المقيمين الحاليين غير المؤهلين للنظام الجديد، يمكنهم بموجبه جلب أصولهم إلى البلاد.
ويُعد الإبقاء على شكل من أشكال الإعفاءات الضريبية للوافدين الجدد معقولاً، بالنظر إلى أن دولاً أخرى مثل إيطاليا وهولندا وإسبانيا لديها حوافز مماثلة. لكن النظام الذي أفصح عنه هانت يُعد أقل سخاءً من البرنامج الذي يحل محله، إذ تشير التقديرات إلى أن 5500 شخص من المقرر أن يكونوا مطالبين بدفع ضرائب المملكة المتحدة على دخلهم ومكاسبهم الأجنبية اعتباراً من 2025.
وهنا، من شأن الترتيبات الانتقالية أن تخفف من وطأة الأمر. ومن المُرجح أن وزير المالية حصل على بعض الطمأنة من البحوث التي تفيد بحدوث تداعيات ضئيلة منذ الإصلاحات التي أُقِرَت في 2017 ورفعت الضرائب على الذين يعيشون في المملكة المتحدة لأكثر من 15 عاماً. لكن لا مفر من ردود الفعل السلبية، إذ يتمثل الخطر في تسبب الإصلاحات في إبعاد عدد أكبر من المتوقع من أصحاب الدخل المرتفع.
وينطوي الأمر على الكثير من التخمينات، حيث يتوقع مكتب مسؤولية الموازنة مغادرة ما يتراوح بين 10% و20% من غير المقيمين الحاليين ممن هم غير مؤهلين للاستفادة من النظام الجديد للمملكة المتحدة. وهناك درجة عالية من عدم اليقين بشأن ما إذا كانت المبادرة الجديدة ستجمع 2.7 مليار إسترليني سنوياً.
تجدر الإشارة أيضاً إلى إمكانية تسبب المبادرة الجديدة في نفور العمالة والمستثمرين ورواد الأعمال الذين ترغب المملكة المتحدة في اجتذابهم والإبقاء عليهم. وقد تشعر المدينة المالية بالقلق من ذلك. فقد استفاد أكثر من واحد من بين خمسة مصرفيين من ذوي الدخل المرتفع، ويُقصد بهم نسبة 1% الأعلى دخلاً على المستوى الوطني، من وضع غير المقيم في مرحلة ما، بحسب بحث أجرته كلية لندن للاقتصاد بالاشتراك مع جامعة وارويك.
وكان مثل هذا التغيير آتياً لا محالة، فقد تعهد حزب العمال، الذي يحظى بتقدم كبير في استطلاعات الرأي، بإعلان نظام أقل سخاء. وسيكون من الجيد التوصل إلى إجماع بين الأحزاب على الإصلاحات. وبعد أعوام من الاضطرابات السياسية، يتطلب اجتذاب الأفضل والألمع أيضاً استعادة المملكة المتحدة لسمعتها بكونها مستقرة.