أجريت منذ فترة محادثة مع امرأة قالت إنها ستتوقف عن حضور فصل مسائي اعتادت أن تستمتع به سابقاً.

ويأتي التوقف لسبب محبط، فقد انضمت إلى الفصل امرأة أخرى لا تكف عن الثرثرة، تتحدث باستمرار، عادة عن نفسها، بغض النظر عن الموضوع أو الوقت أو المحاولات المهذبة أحياناً لوقف ثرثرتها التي لا تهدأ، لقد جعلت ثرثرتها تلك الفصل بأكمله في حالة من الفوضى والملل، سألت: «لماذا لا يطلب منها المدرب الصمت؟» فأجابت: «لا يستطيع، يبدو أنه لا يعرف كيف يقوم بذلك».

عند الاستماع إلى هذه القصة، كان أول ما تبادر إلى ذهني هو أن المدرب لا يملك أي خبرة في إدارة أي نوع من الاجتماعات، لكن كان ذلك أيضاً بمثابة تذكير بأن القدرة على مقاطعة الثرثرة التي تجعل اجتماعات العمل بائسة هي مهارة لا يتم تقديرها حقاً.

إذا كنت تعتقد أن هذه مشكلة غير مهمة، فأنت مخطئ حيث تشير تقديرات الباحثين إلى أن العمال والموظفين حضروا نحو 55 مليون اجتماع يومياً في الولايات المتحدة وحدها في عام 2015، وأكثر من 80 مليوناً في عام الإغلاق 2020. وبحلول عام 2022، يُعتقد أنه كان لا يزال هناك 62 مليون اجتماع على الأقل. ومن الصعب حساب عدد الاجتماعات التي أفسدها المتحدثون الثرثارون على وجه التحديد.

وكما كتب خبير الاجتماعات الأمريكي، البروفيسور ستيفن روجيلبيرج، فإن قادة الاجتماعات يقيمون اجتماعاتهم باستمرار بشكل أفضل من غير القادة، وإذا كنت تتحدث كثيراً في اجتماع (كما يفعل القادة غالباً) فأنت أكثر عرضة للاعتقاد بأن كل شيء سار على ما يرام.

ومع ذلك، أظهرت دراسات روجيلبيرج، أن 15% من الموظفين والعمال بشكل عام يعتبرون اجتماعاتهم «ضعيفة أو سيئة للغاية»، هناك العديد من عوامل الإزعاج التي يمكن أن تفسر ذلك: المتأخر باستمرار، والصامت السلبي، والناقد القامع للأفكار، والأكثر مللاً الاجتماع الروتيني الذي لم تكن هناك حاجة إليه في المقام الأول.

ولكن، حتى لو كان جزء صغير فقط من نسبة الـ 15% يرون ذلك لأن اجتماعاتهم غارقة في ثرثرة مفرطة أو جانبية، فإن هذا لا يزال يُترجم إلى عدة آلاف من الاجتماعات التي أفسدتها ثرثرة غير ضرورية أو انحرفت عن مسارها، وربما يساعد ذلك في تفسير سبب استمرار تزايد عدد الكتب حول كيفية عقد اجتماع، إذ تقدم أمازون عناوين تشمل «كيفية ترأس اجتماعاً فعالاً» لعام 2022، و«عقد اجتماعات ناجحة» لعام 2021، و«الاجتماعات القاتلة» لعام 2024.

وكان قد صدر كتاب روجيلبيرج الشامل «العلم المدهش للاجتماعات» في عام 2019 وأتبعه هذا العام بدليل للاجتماعات الفردية بعنوان «يسعدنا أن التقينا».

تجعلني هذه الكتب دائماً ممتنة لأنني أعمل في صحيفة، حيث تجعل مواعيد تسليم العمل النهائية الضيقة الاجتماعات قصيرة وتجعل الحياة صعبة لأي ثرثار محتمل. أيضاً، يُطلب من الصحفيين في كثير من الأحيان إدارة حلقات نقاش، حيث يتم صقل مهارات المقاطعة اللبقة. ويحب أحد زملائي الصعود إلى المسرح، معلناً أن لديه إنذاراً هاتفياً صاخباً وبغيضاً، سينطلق بمجرد تجاوز أي عضو في الفريق الوقت المخصص له للتحدث، وهي حيلة يقول إنها تعمل بشكل جيد للغاية. ويعتذر آخرون ببساطة للمتحدثين مقدماً عن حقيقة أنهم سيقاطعون كلامهم بحسم إذا استمروا لفترة طويلة، وعلى نحو يسبب ضيقاً للجمهور ويسرق الوقت من البقية.

وبالعودة إلى العمل، ثمّة حاجة إلى أساليب أكثر دقة، فأفضل قادة الاجتماعات هم يفعلون شيئاً يتجنبه الكثيرون: تحديد موعد نهائي محدد لانتهاء الاجتماع، ومعرفة ما إذا كان المتحدثون المهيمنون يمنعون الآخرين من المساهمة، إذ يجعل هذا من السهل مقاطعة الثرثارين من خلال تذكيرهم بأن الوقت يمر ثم قول شيء مثل «هذه نقطة رائعة، ولكنني أود أن أسمع رأي أليكس».

ويفضل بعض القادة ما يسمى بقاعدة قنديل البحر، حيث يمكن لأي شخص في الاجتماع المقاطعة إذا شعر أن المناقشة تخرج عن مسارها أو تنجرف، كما تفعل قناديل البحر.

ويزعم البعض أن هذا ممتع وفعال لكنه يذكرني بمشهد من مسلسل «ذا أوفيس» ومن الواضح أنه لا يناسب الجميع.

ومع ذلك، هناك استراتيجيات أخرى كثيرة للمقاطعة، حتى لغير القادة، يمكنهم أن يسألوا بأدب: «عذراً، هل يمكنني التأكد من أنني أفهم ذلك؟» أو «هل يمكنني المشاركة لأضيف شيئاً ما إلى ذلك؟»، من الواضح أن كل هذا يصبح أكثر صعوبة إذا كان قائد الاجتماع هو أيضاً الثرثار الرئيسي، هنا، يلزم قدر من المكر، إذ يجب على الحاضرين توضيح الأمر مسبقاً بأن عليهم التواجد في مكان آخر قريباً، وهذا يتيح لهم التحقق من ساعاتهم، والتنهد ونطق تلك الكلمات المرحب بها بشدة في الاجتماع: «آه، انظر إلى الوقت، هل هناك شيء آخر نحتاج إلى تغطيته؟».