الأزمات ذات الصلة بالديون والتغير المناخي تزيد الحاجة لمساعدات المؤسسة الدولية للتنمية

يسعى صندوق البنك الدولي للدول الأكثر فقراً على مستوى العالم، إلى جمع تمويل قياسي لمواجهة تنامي أزمات الديون والتغير المناخي، حسب ما قال مدير تعبئة موارد في البنك، ديرك راينرمان.

وقال راينرمان لـ«فايننشال تايمز» إن المؤسسة الدولية للتنمية تحتاج إلى «أكبر عملية تجديد لمواردها على الإطلاق»، لتقديم قروض ومنح رخيصة إلى 75 دولة نامية.

ولم يحدد راينرمان مستهدفاً، لكن المؤسسة الدولية للتنمية جمعت 23.5 مليار دولار من الدول المانحة في آخر جولة لجمع التمويلات في عام 2021. وازداد الإجمالي إلى 93 مليار دولار بعد طرق أبواب أسواق رأس المال.

وقال محللون إن موجة أزمات الديون السيادية والتكاليف المرتبطة بتخفيف آثار التغير المناخي تتطلب زيادات كبيرة في تمويل التنمية. في الوقت نفسه، تحد الانتخابات وتقليص ميزانيات المعونات شهية الإنفاق في أكبر الدول المانحة لمؤسسة التنمية الدولية، مثل الولايات المتحدة والمملكة المتحدة.

وقال تشارلز كيني، أحد قدامى الزملاء في مركز أبحاث التنمية العالمية إن «بعضاً من أكبر المانحين التقليديين لديهم أمور حادثة تجعل من الصعب عليهم تقديم مبالغ أكبر» للمؤسسة الدولية للتنمية.

وتنظر حكومات ومجموعات سياسية إلى مؤسسة التنمية الدولية، التي تتمتع بإجمالي أصول قدره 235 مليار دولار، باعتبارها واحداً من أكثر مقدمي المعونة فاعلية في المعركة العالمية ضد الفقر. ويرجع ذلك إلى قدرتها على الاستفادة من أسواق رأس المال ومضاعفة أرباحها السنوية بثلاثة أضعاف، وتوفير التمويل للدول الفقيرة بموجب شروط ميسرة أو هامشية.

وقالت أناليسا بريتزون، الباحثة الرئيسة في معهد التنمية فيما وراء البحار، إن التمويل «يقدم قيمة ممتازة مقابل المال للدول المانحة، أكثر من التسهيلات الأخرى القائمة على المنح».

ويجب على مؤسسة التنمية الدولية الاتجاه للدول الأكثر ثراء لجمع رأس المال مرة كل ثلاثة أعوام، لأن مساعداتها لا تدر إلا عائداً مالياً ضئيلاً.

وسيكون على العديد من الدول التي تواجه أزمة ديون أن تسدد للمقرضين وحاملي السندات الحاليين أكثر مما تحصل عليه من الديون الجديدة. وتراجعت الصين، وهي دائن رئيس للحكومات، عن الإقراض، ما أدى إلى تقليص مصدر آخر لتمويل الدول المستفيدة من المؤسسة الدولية للتنمية.

وقال راينرمان إن «عدداً أكبر من الدول يمر بأوضاع اقتصادية صعبة بسبب بيئة الاقتصاد الكلي، ما يعني أنها ستحصل على تمويل من المؤسسة الدولية للتنمية بفوائد ميسرة، ما يتطلب من المؤسسة ضخ المزيد من رأس المال الاستراتيجي».

وأضاف إنه من المقرر أن تدفع زيادة خط التمويل، المؤسسة الدولية للتنمية، إلى الوصول لسقف الرافعة المالية التي يفرضها تصنيفها الائتماني AAA، في وقت أبكر من المتوقع.

وأوضح أن المؤسسة جمعت التمويلات من المانحين في 2021، وكان التوقيت المحدد الذي تستطيع فيه الاستفادة الكاملة من رأس مالها في ضوء تصنيف AAA هو عام 2034. لكن بسبب المستويات الأعلى من أزمة الديون وتسديدها، أصبح التوقيت الآن في 2030، أي قبل أربع سنوات من الموعد المحدد.

ودعا مسؤولون في بعض الحكومات المانحة، البنك الدولي، إلى استخدام المزيد من النفوذ للاستفادة من الموارد الحالية للمؤسسة الدولية للتنمية، إلى حد التضحية بتصنيفها الائتماني AAA. لكن على أية حال، كان البنك حذراً بشأن التحركات التي قد تؤدي إلى خفض تصنيفه الائتماني.

وقال تشارلز كيني «في الوقت الحالي، يخلق عدم اليقين السياسي والاقتصادي تحديات جديدة أمام أكبر أربعة مانحين للمؤسسة»، وهم: الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وألمانيا واليابان. وعلى المؤسسة الاعتماد بشكل أكبر على «زيادات مثيرة للإعجاب من المانحين الصغار التقليديين، إضافة إلى ممارسة ضغوط كبيرة على المانحين الأكبر لتحقيق مستهدفاتها».

كما أن المنافسة في الحصول على تمويلات تمثل أيضاً مزيداً من الضغوط. وحسب تقديرات مركز التنمية العالمي، فإنه خلال الفترة من الربع الثاني من عام 2024 وحتى نهاية 2025، ستطلب 8 منظمات تنموية كبيرة، بما في ذلك منظمة الصحة العالمية وتحالف اللقاحات العالمي من الحكومات المانحة ما يقدر بـ80 مليار دولار.

وكانت الصين والهند وكوريا الجنوبية من بين المتلقين السابقين لمساعدات المؤسسة الدولية للتنمية، لكنها صارت مانحة بارزة في الأعوام الأخيرة. ومن المقرر أن تعزز دول الخليج الغنية بالنفط، مثل المملكة العربية السعودية، مساهماتها هذا العام. ومع ذلك، حذر محللون من أن هذه المصادر الجديدة لن تكون كافية لتلبية الطلب الأكبر على المِنَح خلال الأعوام المقبلة.

ويمكن للبنك الدولي أن يزيد تدفق الأموال من خلال خفض الحصة النسبية من المنح المقدمة للدول الأقل عرضة لخطر التخلف عن السداد. لكن قد يكون هذا أمراً غير مرحب به بين الدول المتلقية للتمويلات، خاصة التي تجابه مخاطر التغير المناخي وتسعى المؤسسة الدولية للتنمية إلى دعمها.

وهناك أفكار أخرى أشارت إليها إيمي دود، مديرة السياسات الاقتصادية للتنمية في منظمة «وان كامبين» غير الهادفة للربح، مثل بيع أشكال من رأس المال الهجين إلى المستثمرين، لكن من غير الواضح ما إذا كانت أدوات مثل الديون الثانوية ستؤتي ثمارها، في ضوء التعقيد الذي تتسم به.

وقالت إيمي دود: «مؤسسة التنمية الدولية أداة سهلة حقاً، إذ يتبرع المانحون بالمال، فتأخذه المنظمة وتضاعفه من خلال مواردها والمال المُسدد». وأضافت: «ثمة قيمة في هذه البساطة».