الخطاب السنوي للرئيس التنفيذي لـ «بلاك روك» يتبنّى «براغماتية الطاقة» وسط هجمات إثر موقفها من المناخ
حذر لاري فينك، الرئيس التنفيذي لدى «بلاك روك»، من مواجهة العالم «أزمة تقاعد» تلوح في الأفق، تتطلب إعادة تفكير في المعاشات التقاعدية وأنماط العمل، في ضوء الطفرات الطبية التي تعزز إطالة العمر. وتأتي تحذيرات فينك، في سياق خطابه السنوي الذي يوجهه للرؤساء التنفيذيين والمستثمرين، ويحظى بمتابعة دقيقة.
وسلط فينك، الذي ساعدت خطاباته السابقة في تعزيز الاهتمام برأسمالية أصحاب المصلحة والتغير المناخي، الضوء على تقرير صادر عن الأمم المتحدة توقع تخطي عمر شخص من كل 6 سن الـ65 بحلول عام 2050، بارتفاع من 1 بين كل 11 شخصاً في 2019، ودعا فينك إلى زيادة عالمية في استغلال أسواق رأس المال لمساعدة الموظفين على الادخار للشيخوخة.
كما حذر رئيس «بلاك روك»، من أن ارتفاع خطط المعاشات التقاعدية المحددة الاشتراكات قد اقترن بالضغط المتزايد على برنامج التقاعد الحكومي للضمان الاجتماعي، ليترك الولايات المتحدة غير مستعدة بشكل خاص للزيادة الهائلة في عدد المتقاعدين.
وقال فينك: «نركز قدراً مهولاً من الطاقة في مساعدة الأشخاص على عيش حياة أطول، لكن لا يتم إنفاق حتى جزء بسيط من هذا الجهد لمساعدة الأشخاص على تحمل تكاليف تلك الأعوام الإضافية». وتابع: «واليوم في أمريكا، تتمثل رسالة التقاعد التي تبعث بها الحكومة والشركات لموظفيها فعلياً في الآتي: أنت مسؤول عن نفسك».
وصف فينك عدم التوافق بين ما يدخره الأمريكيون وما سيحتاجون إليه بأنه مشكلة كبيرة وماسة، تحتاج فيها الحكومة وقادة الشركات إلى التوقف عن إنجاز الأعمال المعتادة، والخروج من عزلتهم للجلوس إلى الطاولة ذاتها وإيجاد حل لها.
يشار إلى أن أكثر من نصف الأصول البالغة قيمتها 10 تريليونات دولار وتديرها «بلاك روك» تتألف من مدخرات، تشمل صناديق معاشات تقاعدية للمؤسسات وخطط المعاش التقاعدي مُعرفة الإسهامات التي يطلق عليها «401 (ك)»، إلى جانب حسابات شخصية.
يأتي التركيز الحديث لفينك على التقاعد إلى جانب جهود رامية لإيجاد حل وسط الحروب السياسية بشأن الاستثمار المستدام، وهو نهج أطلق عليه «براغماتية الطاقة».
تسببت خطابات فينك السابقة في استهداف «بلاك روك» في نقاشات عن التغير المناخي ومسؤوليات الشركات في الاستجابة له. كما فقدت الشركة تفويضات الاستثمار في الولايات التي يهيمن عليها الحزب الجمهوري، بدعوى أن الشركة «عدائية» تجاه الوقود الأحفوري، فيما تعرضت لانتقادات من نشطاء ينتمون للحزب الديمقراطي لعدم بذلها المزيد في الابتعاد عنه (أي الوقود الأحفوري).
وفي إيماءة إلى رحلاته التي أجراها إلى 17 دولة العام الماضي، أشار فينك إلى ازدياد تخطيط الساسة وأصحاب الأعمال حول العالم للاستثمار في النفط والغاز لأغراض أمن الطاقة، والطاقة الخضراء من أجل انتقال الطاقة.
وأضاف الرئيس التنفيذي: «يؤمن هؤلاء القادة بحاجة العالم لكليهما، إنهم أكثر برغماتية بشأن الطاقة وليسوا عقائديين». وأسهب: «لن يدعم أحد إزالة الكربون إذا كان يعني التخلي عن تدفئة المنازل في الشتاء، أو تكييفها في فصول الصيف، أو إذا كانت تكلفة إنجاز هذا مفرطة الزيادة».
وفينك ليس بمفرده في مخاوفه بشأن التقاعد، فقد مرر الكونغرس الأمريكي حزمتي إصلاح في الأعوام الخمسة الماضية، ترمي إلى أن تكون خطة 401 (ك) وخطط تقاعد أخرى أكثر شمولاً وفاعلية.
كما دأبت ثازوندا براون داكيت، الرئيسة التنفيذية لدى تي آي إيه إيه لخدمات التقاعد، لأعوام عدة على الحديث عن فجوة تبلغ 4 تريليونات دولار بين ما يحتاجه الأمريكيون لسن الشيخوخة وما يدخرونه بالفعل. وتحدثت داكيت، عن وجوب إلحاق الشركات موظفيها بخطة ادخار من شأنها توليد صندوق معاشات تقاعدية كبير، بدلاً من ترك مسألة الاستفادة من البرنامج وفق رغبة الأشخاص.
حوى خطاب لاري فينك حديثاً عن مشكلات أكثر ما طرح حلولاً عملية لها، لكنه أشار إلى إيجاد اليابان سبلاً لتشجيع الأشخاص على البقاء في العمل لمدة أطول، وكذلك إلى نظام مدخرات التقاعد الوطني الأسترالي، المعروف بضمان التقاعد الإلزامي، معتبراً إياهما ذوي تأثير كبير في خلق برامج معاشات أكبر حجماً يستفيد منها عدد أكبر من الموظفين.
وباعتباره جداً، وأمريكياً أيضاً، أكد لاري فينك وجوب فعل المزيد لمعالجة ارتفاع مستويات الإحباط في صفوف الشباب. وأضاف: «إذا لم يساور أجيال المستقبل أمل في هذا البلد ومستقبلهم به، فلن تفقد الولايات المتحدة القوة التي تغري الأشخاص بالاستثمار فحسب، بل ستفقد البلاد أيضاً ما يجعلها أمريكا».