يشعر مصرفيو النفط والغاز الأوروبيون بكثير من الحنق، في حين تقف الشركات الأوروبية مكتوفة الأيدي، بينما نظراؤهم بالولايات المتحدة يحصّلون الرسوم من موجة عملاقة من عمليات الدمج، التي يعتبر أحدث أمثلتها استحواذ كونوكو فيليبس مقابل 22.5 مليار دولار على ماراثون أويل. وهنا قد يتساءل المرء: أين هي صفقات النفط والغاز الأوروبية العملاقة؟
من الصعب جداً على كبرى شركات النفط والغاز الأوروبية أن تلعب لعبة الدمج والاستحواذ، لسبب واحد، هو أن جزءاً كبيراً من الفورة في الولايات المتحدة يتعلق بضم مزيد من الأراضي في حوض برميان، وهي منطقة برية توفر فرصة سانحة لخفض التكاليف، وهو الأساس المنطقي الذي استند إليه استحواذ «إكسون موبيل» على «بيونير»، وشراء «دياموند باك» لشركة «إنديفور» وانقضاض «كونوكو» على «ماراثون».
لا يوجد مثل هذه الفرص أمام الشركات الأوروبية الكبرى، فلقد مرّت أحواض النفط المحلية بهذه الدورة. ويسيطر المشغلون الثلاثة الأكبر في النرويج على 60 في المئة من الإنتاج حالياً على سبيل المثال، حسبما قال كريس ويتون، محلل قطاع النفط والغاز لدى «ستيفل». ويظل بحر الشمال في المملكة المتحدة أكثر تجزّؤاً، لكنه مع ذلك خضع لحالات ضم كثيرة للمناطق منذ 2014.
علاوة على ذلك، تتمتع كبرى الشركات الأوروبية في هذا القطاع ببصمة عالمية، من دون منطقة مشتركة تتركز فيها أعمالها مثل حوض برميان. وعلى سبيل المثال، فإننا حتى إن جمعنا معاً أنشطة «شل» و«بريتيش بتروليوم، فلن يؤدي ذلك إلى تداخل جغرافي كبير بين أعمالهما. وثمة طريقة للالتفاف على ذلك، تتمثل في جمع الأصول في دول منتجة بعينها، مثلما فعلت «إيني» و«بريتيش بتروليوم» في أنغولا.
رغم ذلك، لا تستند كل الصفقات الضخمة في أمريكا إلى مسألة الترشيد، فقد كانت غنيمة معركة «شيفرون» الشاقة للاستحواذ على «هيس» هي حصتها الضخمة منخفضة التكلفة بمنطقة «ستابروك» الواقعة قبالة سواحل غويانا. ألا يمكن أن تجتذب مثل هذه الاستراتيجية الشركات الأوروبية الكبرى، التي تواجه نمواً أبطأ وتقلصاً في الاحتياطي في كثير من الأحيان؟
وتواجه الشركات الأوروبية عراقيل حتى في هذا الشأن، فشركات النفط والغاز الأوروبية متوسطة الحجم التي تحظى بمجموعة جذابة من الموارد قليلة من حيث العدد ومتباعدة، وسيكون من الصعب على الشركات ذات التصنيف المنخفض طرح أسهم لتمويل مثل هذه الاستحواذات.
وقد تكون شركات التنقيب الأصغر التي تُتداول أسهمها بخصم على صافي قيمة الأصول خياراً أكثر قابلية، لكن كبرى الشركات الأوروبية كافحت للعثور على مستثمرين يدعمون استراتيجية تمديد أعمالها في قطاع النفط والغاز. وفي الواقع، لا تزال «بريتيش بتروليوم» تتبنى مستهدفاً لخفض الإنتاج بين عامي 2019 و2030.
إن ندرة الصفقات في قطاع النفط تترك كبرى الشركات الأوروبية في وضع غير مواتٍ استراتيجياً مقارنة بنظيراتها الأمريكية. ومن الصعب معرفة كيف ستخرج الشركات الأوروبية نفسها من دورة النمو البطيء والعوائد المنخفضة وانخفاض أسعار الأسهم، إن لم تبدأ رهاناتها على أنواع الطاقة منخفضة الكربون في أن تؤتي ثمارها. وربما يجدر بهذه الشركات تكثيف جهودها في هذا المجال.