انتقِ خياراً بين هذين: «إتش بي» أو «سيلزفورس». فقد أصدرت كل من شركة «إتش بي»، التي تعد ربما الأكثر تحفظاً والأبطأ نمواً بين شركات التكنولوجيا الأمريكية، وشركة «سيلزفورس»، إحدى الشركات الأكثر جاذبية والأسرع نمواً، نتائجهما الفصلية منذ أيام، بعد إغلاق السوق.

وشهد اليوم التالي للإعلان زيادة بنسبة 17 % في أسهم شركة التكنولوجيا بطيئة النمو، ما يشير إلى تحسن في دورة مبيعات أجهزة الكمبيوتر الشخصية. على العكس من ذلك، انخفضت أسهم الشركة سريعة النمو بنسبة 20 %، بعد أن استهدفت نمواً بنسبة 8 % فقط خلال الربع الحالي.

وتتخصص شركة «إتش بي» في تصنيع منتجات عتيقة، أو بالتحديد، الحواسيب الشخصية والطابعات وخراطيش الطباعة. ومنذ أن انشقت عن شركة «إتش بي إنتربرايز» في أواخر عام 2015، نما معدل النمو بنسبة 1.5 % سنوياً، وارتفعت الأرباح بنسبة 3 %.

خلال نفس الفترة، شهدت شركة «سيلزفورس»، التي تبيع برامج مصممة لإدارة علاقات العملاء القائمة على شبكة الإنترنت، ارتفاعاً في الإيرادات بنسبة 3 % سنوياً، والأرباح بنسبة 44 %. وحققت شركة «إتش بي» عائداً سنوياً يزيد على 16 %، فيما كان عائد «سيلزفورس» أقل من 13 %.

أذكر هذا الفارق الكبير في النمو والاختلاف في العائدات، لتوضيح نقطة شديدة البساطة، وهي أنه حتى في عصر تفوقت فيه أسهم النمو كمجموعة على أسهم القيمة كمجموعة، فإن السعر المدفوع مقابل السهم يظل حاسماً.

ولطالما تم تداول أسهم شركة «إتش بي» منذ فترة طويلة بمضاعفات أرباح مكونة من رقم واحد، ولم يخطر على بال أحد أن تصبح أجهزة الكمبيوتر المحمولة والحبر باهظ التكلفة منتجات واعدة في المستقبل. على الجانب الآخر، تعد «سيلزفورس» واحدة من أهم الشركات التي تقدم حلولاً برمجية مبتكرة. ورغم ذلك، كان سهم شركة «إتش بي» الأفضل أداءً.

الأهم من ذلك، يتم تداول أسهم «إتش بي» حالياً بما يعادل 11 ضعف أرباحها المقدرة لهذا العام، وهو أمر مكلف، مقارنة بتقييماتها التاريخية، أما «سيلزفورس»، التي تتداول بأرباح تعادل 21 ضعفاً، فهي أرخص مما كانت عليه في أي وقت مضى.

إذن، أيهما ستشتري الآن؟ بالنسبة لي، يحظى نموذج أعمال «إتش بي» باحترامي المتجدد، كلما اشتريت خرطوشة حبر باهظة الثمن لطابعتي.

وفي الفقرات الافتتاحية لمقالة مميزة عن نفيديا، جادل زميلي السابق جيمس ماكينتوش، بأن إحدى السرديات التي روج لها المستثمرون المتفائلون في سوق الأسهم الأمريكية، حول زيادة اتساع السوق، قد تهاوت أخيراً، قائلاً: هل تذكرون في وقت سابق من هذا العام، عندما كان المستثمرون المتفائلون متحمسين لأن الارتفاع كان يتسع ليشمل ما هو أبعد من أسهم «السبع الرائعة»، وكيف تم النظر إلى المكاسب الأوسع كعلامة على ارتفاع مستدام في السوق؟ لم يعد هذا هو الحال.

وهذا الشهر، مع تحقيق المؤشرات مستويات قياسية جديدة، أضافت 4 أسهم تكنولوجية عملاقة فقط، قيمة سوقية أكبر من بقية أسهم مؤشر «ستاندارد آند بورز 500» مجتمعة، ويبدو أن طفرة تفوق الأداء الوجيزة قد تلاشت مرة أخرى. فقد أضافت كل من نفيديا وميكروسوفت وأبل وألفابت مجتمعة، أكثر من 1.4 تريليون دولار من القيمة في شهر، متجاوزة الأسهم الصاعدة الـ 296 الأخرى. وجاءت نصف هذه الزيادة من شركة واحدة فقط، وهي شركة نفيديا، المصنعة للرقائق.

هذا أمر مقلق إلى حد ما بالنسبة لي، باعتبار أنني كنت من أولئك الذين أشاروا إلى تحسن اتساع السوق. وفي أواخر فبراير، كتبت أن الشركات الكبرى لم تكن وحدها تدفع الأسواق في اتجاه صعودي.

وبينما كانت الشركات الكبرى، بحكم حجمها الهائل، تسهم بحصة كبيرة من إجمالي الزيادة في القيمة السوقية، فإن بقية السوق كانت ترتفع بنسب جيدة، كما ذكرت، وركزت على الفترة منذ أن بلغت السوق الحضيض في أكتوبر 2023.

وخلال الفترة من أكتوبر 2023 حتى فبراير 2024، تفوقت أسهم شركات التكنولوجيا الكبرى على بقية السوق بنسبة طفيفة، واستمر هذا الاتجاه حتى ما يقرب من شهر مضى، عندما بدأت شركات التكنولوجيا الكبرى في التقدم مرة أخرى، كما أوضح ماكينتوش. وكانت هيمنة شركات التكنولوجيا الكبرى هي النمط الطبيعي، باستثناء فترات قصيرة، لمدة عام ونصف تقريباً الآن.

والآن يبرز سؤالان: الأول (وقد سألنا هذا السؤال من قبل)، إلى أي مدى يجب أن تثير قلقنا مثل هذه السوق المركزة؟ هذا العام، 87% من المكاسب الدولارية في مؤشر ستاندرد آند بورز 500، تأتي من 10 أسهم فقط. وفي الماضي، لم تكن محدودية السوق نذير شؤم.

ثانياً، لماذا بدأت أسهم شركات التكنولوجيا الكبرى إحراز تقدم مرة أخرى الآن؟ يكمن جزء من التفسير في أداء أرباح نفيديا القوية، ولكن أشك أن هذا يلخص الأمر برمته.