بالنسبة للكثير من الحركات الاحتجاجية، يمثل سحب الدعم المالي من الصناعات والبلدان التي يعتبرونها غير أخلاقية، واجباً أخلاقياً وطريقة لفرض التغيير. فقد دعا النشطاء في ثمانينيات القرن الماضي، المستثمرين إلى قطع الصلات بجنوب أفريقيا بسبب نظام الفصل العنصري.

ومنذ العقد الأول من القرن الحالي، تعرضت الاستثمارات في الوقود الأحفوري للهجوم مع تنامي الوعي فيما يتعلق بالتغير المناخي. وعلى مدى الشهور الأخيرة، دعا الطلاب في أنحاء العالم الجامعات لقطع الصلات مع إسرائيل جراء عملياتها العسكرية وسلوكها في قطاع غزة.

ومنطق النشطاء وراء هذا بسيط، إذ ستضعف قوى الفاعلين غير الأخلاقيين إذا سحب ما يكفي من المستثمرين أموالهم. لكن سجل مثل هذه الحملات متباين للغاية. فقد قادت بعض الحملات بالفعل إلى سحب الاستثمارات، لكنها كانت أقل نجاحاً في تنفيذ التغيير الاجتماعي والاقتصادي الفعلي المنشود. وقد تخاطر الحملات في بعض الحالات بتقويض القضية التي تدافع عنها بنفسها.

يشهد يومنا الحاضر توظيف رأس مال مؤسسي هائل من خلال مديري صناديق يبلغ حجم أعمالها تريليونات الدولارات، وكثيراً ما يوظفون رؤوس المال في استراتيجيات سلبية في سلاسل توريد دولية وعملاء. وثمة حدود لمحاولة تطبيق مبادئ عدالة واسعة النطاق على مثل هذا النظام العالمي المعقد.

بادئ ذي بدء، توجد عقبات عملية في هذا الصدد. إن التخلي عن حصص مباشرة، مثلاً، في شركات فحم حراري ملوثة ممكن تماماً إذا ما كان هناك استعداد لذلك.

لكن إذا كانت مؤسسة ما تستثمر في صندوق مرتبط بمؤشر مثل «إم إس سي آي وورلد»، أو «إس آند بي 500» كما هو شائع، فستضطر إذن إلى سحب كامل استثماراتها من الصندوق لإلغاء كامل انكشافها. ويعد فك ارتباط الاستثمارات عن طريق شركات الأسهم الخاصة وصناديق التحوط أكثر صعوبة.

كذلك، يمثل تحديد نطاق الحملة تحدياً كبيراً، خصوصاً إذا ما كان الهدف دولة بأسرها. ففي هذه الحال، توجد ارتباطات اقتصادية وسياسية وثقافية معقدة يجب فكها، وليس ثمة خطوط واضحة.

وقد دعا الطلاب المحتجون في الولايات المتحدة خلال الآونة الأخيرة، جامعاتهم لسحب استثماراتها من الشركات التي تتمتع بروابط أعمال مع إسرائيل، وتشمل «أمازون»، و«غوغل»، و«مايكروسوفت»، لكن سحب الاستثمارات من هؤلاء العمالقة العالمين من المحافظ الاستثمارية لن يدع مجالاً لتحقيق هذه المحافظ مكاسب تذكر.

وفي نهاية المطاف، يضطلع مديرو الأصول بمسؤولية إدارة المخاطر والعوائد لعملائهم، ما يحد من المجال المتاح أمامهم للمناورة.

وفوق كل ذلك، تحتاج الأوقاف الجامعية إلى ضمان قدرتها على تمويل الأجيال المستقبلية من الطلاب أيضاً. كما تعد العواقب غير المقصودة مشكلة أخرى، حيث يتطلب بيع أصل ما وجود مشترٍ له.

وهناك الكثير من المشترين غير الواعين اجتماعياً المستعدين للاحتفاظ بالاستثمار، خصوصاً إذا ما اشتروه بخصم. ويعني التخلي عن الحيازات فقدان المستثمرين للحق في فرض التغيير باعتبارهم مساهمين.

وأشارت دراسة صدرت أخيراً عن المعهد الأوروبي لحوكمة الشركات، إلى أن الاحتفاظ بأسهم شركات اتخذت إجراءات تصحيحية، مثل تقليل التلوث، بإمكانه تشجيع هذه الشركات على إجراء مزيد من التغييرات الإيجابية.

ونادراً ما يمكن تصنيف الأهداف في فئتي «الطيب»، و«الشرير»، فقد تخلى مهرجانا «هاي»، وإدنبرة الدولي للكتاب، عن شركة بيلي غيفورد لإدارة الأصول باعتبارها راعياً، ما يعزى جزئياً إلى انكشافها على قطاع النفط.

ومع ذلك، فقد راهنت المجموعة الاستثمارية بشدة على شركات تدعم التحول الأخضر وتستثمر بدرجة أقل في شركات ذات صلة بالوقود الأحفوري مقارنة بالكثير من المنافسين. ومع ذلك، تلعب مثل هذه الدعوات إلى سحب الاستثمارات دوراً في مجابهة أوجه الإجحاف وتسلط المزيد من الضوء على محافظ المستثمرين.

وتكون هذه الدعوات أكثر فاعلية عندما تكون جزءاً من جهود منسقة أوسع نطاقاً، تشمل العقوبات وسحب مصادر التمويل الأخرى. وهناك أيضاً مجال أمام تنفيذ استراتيجيات الاستثمار الاستباقية المستندة إلى مبادئ و«حسابات إدارة منفصلة»، ما يسمح للمستثمرين بتخصيص محافظهم الاستثمارية على نحو أفضل.

ومن شأن مزيد من البيانات التفصيلية عن استثمارات الصناديق وتحسين الشفافية أن يساعد في إطلاع المستثمرين بشأن الوجهات المحددة التي تذهب إليها أموالهم. لكن مهما كان الاحتفال بالبيع الإجباري أو انخفاض سعر السهم مرضياً للنشطاء، فإن تعقيدات عالم الاستثمار بمثابة تذكير بأن التغيير نادراً ما يمكن تحقيقه بالسلوك الطيب وحده.