أجبر نقص خيارات التخارج من الاستثمارات بعض المسؤولين التنفيذيين على إعادة النظر في المزيد من الاستراتيجيات الأكثر جرأة. وحتى بمعايير شركة بلاكستون، كان ذلك بمثابة مكاسب كبيرة غير متوقعة، بعدما قامت مجموعة رأس المال الخاص أخيراً ببيع آخر استثماراتها الضخمة في «ريفنيتيف» وهي شركة البيانات المالية التي استحوذت عليها من تومسون رويترز.

ويعتبر هذا الاستثمار أحد أنجح الصفقات في تاريخ بلاكستون، وينافس مكاسبها من مجموعة فنادق هيلتون العالمية. فقد استحوذت الشركة على ريفينتيف في عام 2018 من تومسون رويترز عن طريق شراء حصة 55% في الشركة وترك 45% من الملكية مع شركة الإعلام الكندية.

لقد اقتربت مكاسب بلاكستون من 12 مليار دولار وضاعفت استثماراتها في الأسهم بأكثر من ثلاثة أضعاف، وفقاً لأشخاص مطلعين على الصفقة. كما تلقت تومسون رويترز مليارات الدولارات نقداً، مما ساعد على إنعاش سعر سهمها الذي كان متراجعاً.

ورغم أنها لافتة للنظر، إلا أن المكاسب غير المتوقعة تحولت إلى حالة شاذة في وول ستريت لسبب أكثر واقعية، فقد خرجت شركة بلاكستون بالكامل من واحدة من أكبر عمليات الاستحواذ منذ الأزمة المالية في أقل من 6 أعوام، وهو الإطار الزمني الذي كان في السابق روتينياً في صناعة الأسهم الخاصة التي تزيد قيمتها على 4 تريليونات دولار، لكنه الآن لا مثيل له تقريباً من حيث سرعته. واستحوذت بلاكستون على «ريفينيتيف» في خريف عام 2018 بتقييم 20 مليار دولار، ثم وضعت خطة منظمة للتخارج. أولاً، قامت بفصل أعمال التداول الإلكتروني «تريد ويب» القيمة التابعة لشركة ريفينتيف، ثم باعت الشركة إلى بورصة لندن في عام 2021، وهذا العام، باعت «بلاكستون» بهدوء آخر أسهمها في بورصة لندن.

يعتبر الخروج في الوقت المحدد هو الاستثناء بعد موجة قياسية من صفقات الأسهم الخاصة الكبرى التي حدثت في حقبة ما بعد الأزمة المالية عندما كانت تكاليف التمويل منخفضة وحلقت تقييمات الاستحواذ على الشركات إلى آفاق جديدة. وقد تسبب ارتفاع أسعار الفائدة في السنوات الأخيرة في انخفاض التقييمات وتوقف نشاط الطرح العام الأولي. وفي مواجهة ارتفاع تكاليف التمويل، تراجع المشترون المدعومون من الأسهم الخاصة والشركات عن عمليات الاستحواذ القوية.

في المقابل، تكافح شركات الأسهم الخاصة التي تعول على رهانات كبيرة لإيجاد مخرج وتمديد الجداول الزمنية لاستثماراتها إلى فترات غير مسبوقة تقريباً. واليوم، تواجه صناعة الاستحواذ تحدي بيع مخزون قياسي يزيد على 3 تريليونات دولار من الاستثمارات القديمة.

وخلال العام الماضي، شهدت صناعة الأسهم الخاصة عجزاً في توزيعاتها النقدية على المستثمرين مقابل مقدار الأموال الملتزم بها التي اُستدعيت للاستثمارات لتصل إلى مستوى مرتفع لم نشهده منذ الأزمة المالية عام 2008، وفقاً لشركة باين آند كومباني. وأشارت شركة الاستشارات كذلك إلى أن نسبة الشركات القديمة في محافظ الاستحواذ كانت ترتفع بسرعة، ولم تكن بهذا الحجم منذ سنوات بعد الأزمة.

وأحد الأسباب الرئيسية وراء هذه المعضلة هي عمليات الاستحواذ الكبيرة التي تمت عندما كان الاقتراض رخيصاً، ولكنها تواجه الآن صعوبات كبيرة في تحقيق التخارج. ويتردد المسؤولون التنفيذيون في هذا المجال في طرح الشركات للاكتتاب العام، خوفاً من تعثر صفقاتهم في أسواق الأسهم، كما قد يؤدي إلى عمليات شطب محرجة.

وأُثيرت المخاوف حيال حالة عدد من الشركات الكبيرة مثل علامة الأحذية دكتور مارتينز وتطبيق بامبل، التي طرحتها شركات الاستحواذ للاكتتاب العام في السنوات الأخيرة وشهدت أسهمها انخفاضاً كبيراً. وهناك اتجاه نحو قيام مجموعات الأسهم الخاصة بشطب شركات المحافظ الكبيرة العالقة في الأسواق العامة، بما في ذلك شركة إنديفور المملوكة لشركة سيلفر ليك، وشركة خدمات المختبرات سينلاب المدعومة من سينفن.

ثمّة خيار آخر، مؤقتاً على الأقل، وهو البقاء كشركة خاصة. وخلال الأسبوع الماضي، سحبت شركة بيرميرا إدراجها لمتاجر التجزئة جولدن جووز في اللحظة الأخيرة؛ بسبب مخاوف من استقبال فاتر في السوق. ويشعر العديد من صانعي الصفقات بالإحباط بسبب ما يرونه ندرة في منتقي الأسهم الأساسيين في أسواق الأسهم العامة، ويلقي آخرون باللوم على صعود المستثمرين ذوي التوجه الكمي.

وفي مؤتمر صناعي أقيم مؤخراً، قال أحد المسؤولين التنفيذيين في شركة أبولو غلوبال إن صناديق التحوط الكمية ترفض الإدراجات المدعومة بالأسهم الخاصة؛ بسبب المخاوف من أن المالكين يبيعون الأسهم بسرعة، مما يضغط على التقييمات.

وأجبر نقص خيارات الخروج بعض مديري الأسهم الخاصة على إعادة النظر في صفقات الاستحواذ الضخمة بشكل كامل، وقد اعترف أحد المسؤولين التنفيذيين في مجال الاستحواذ مؤخراً بأنه سيحول تركيزه إلى صفقات أصغر تتمتع بمجموعة أوسع من المشترين المحتملين عند الخروج. وقال آخر إنهم إذا تابعوا صفقة كبيرة، فإنهم سيطبق «خصماً على عدم السيولة». ومن المرجح أن تتزايد في السنوات المقبلة التساؤلات حيال جدوى عملية الاستحواذ الضخمة على الأسهم الخاصة، إذ لم يكن هناك تغيير في البيئة وانخفاض في أسعار الفائدة.

بين عامي 2020 ومنتصف عام 2022، أبرمت مجموعات الأسهم الخاصة موجة من عمليات الاستحواذ الجريئة بما في ذلك مزودة السجلات الصحية الطبية أثينا هيلث، ومجموعة تقييمات التلفزيون نيلسن، ورائدة الأمن السيبراني مكافي، وشركة الإمدادات الطبية ميدلاين، وأعمال مصاعد تيسين كروب. وتتقدم هذه الصفقات بسرعة. كما يبدأ العد التنازلي للعديد من مجموعات الأسهم الخاصة.