من المقرر أن تجتمع زمرة من المحامين في قاعة المحكمة بوسط لندن الثلاثاء المقبل، فيما سيكون بمثابة اختبار مهم لكيفية تصدي حكومة حزب العمال الجديدة لمشكلة تغير المناخ.
وسيناقش محامو شبكة «أصدقاء الأرض» ومجموعة بيئية أخرى أمام المحكمة العليا قرار حكومة المحافظين عام 2022 بمنح الموافقة على خطط لتطوير أول منجم فحم عميق جديد في المملكة المتحدة منذ عقود بدعوى أنه غير قانوني. وسيواجهون محاميي مطوري المنجم، الذين يزعمون أن مشروعهم على الساحل الغربي من كمبريا سيوفر ما لا يقل عن 500 فرصة عمل مباشرة لاستخراج ما يصفونه بغرابة أنه «فحم خالٍ من الانبعاثات لصناعة الصلب».
وقبل الفوز الساحق لحزب العمال في انتخابات الرابع من يوليو، كان من المتوقع أيضاً حضور محاميي الحكومة للدفاع عن قرار الموافقة أمام المحكمة.
لكن ماذا عن هذه اللحظة؟ هل ستقضي حكومة وعدت في حملتها الانتخابية باستعادة الريادة العالمية للمملكة المتحدة بشأن تغير المناخ، وعدم منح تراخيص جديدة لمشروعات الفحم، الأسبوع الثاني من توليها مهام منصبها في دعم منجم للفحم؟
وماذا عن وزير الطاقة إد ميليباند، الذي صرح في عام 2022 أنه إذا فاز حزب العمال بالسلطة، فإنه «لن يدخر جهداً لمنع منجم الفحم المضر بالمناخ في كمبريا؟ وعندما سُئلت الحكومة حيال ما إذا كانت تخطط لمواصلة الدفاع عن قرار الموافقة، ردت بقولها :«لا يمكننا التعليق على القضايا القانونية الجارية».
وهذا فقط واحد من بين عدة اختبارات تواجه الحكومة الجديدة، والتي كان نهجها الحذر للتعامل مع مهمة الفوز في الانتخابات سبباً في جعلها تخرج ببرنامج مليء بالثغرات حيال الكيفية التي تخطط بها لجعل المملكة المتحدة«قوة عظمى في الطاقة النظيفة». وهذه ليست مفاجأة كبرى؛ نظراً للقيود الاقتصادية والسياسية السائدة.
ولا ينبغي لخطط حزب العمال، التي تفتقر إلى التفاصيل، لإنشاء شركة مملوكة للقطاع العام تسمى «غريت بريتيش إنرجي»، بهدف تحفيز الاستثمار في الطاقة النظيفة، أن تثير مخاوف ملحة. وكذلك وعودها بإعادة الموعد المحدد للتخلص التدريجي من السيارات الجديدة العاملة بالبنزين أو الديزل بحلول 2030.
ومع ذلك، فإن هدفها المحوري المتمثل في تطوير القدر الكافي من الطاقة الخضراء لضمان توفير كهرباء خالية من الكربون بحلول عام 2030 يطرح سلسلة من التساؤلات. وكتب كثيرون حول إمكانية تحقيق هذا الهدف في دولة أنتجت 32 % من كهربائها من الغاز في عام 2023.
وربما يكون هذا صحيحاً، لكنها ليست المشكلة الأكثر إلحاحاً. فالأهداف الطموحة تصبح نقمة إذا كانت غير واقعية بحيث لا يكلف أحد نفسه عناء محاولة تحقيقها، لكن من خلال تكثيف الجهود، فإنه يمكن تحقيق ذلك.
لقد كان لدى حكومة ريشي سوناك نفس الهدف لعام 2035، لكنها فشلت في السير في المسار الصحيح للوفاء بذلك. لكن راشيل ريفز، وزيرة الخزانة الجديدة، تؤدي دوراً أكثر حسماً، فقد أنهت يوم الاثنين الحظر الفعلي المفروض منذ 9 سنوات على مشروعات طاقة الرياح البرية.
وينبغي لهذه الخطوة أن تطمئن المستثمرين بأن الحكومة جادة حيال خططها لزيادة قدرة طاقة الرياح البرية إلى الضعف، والطاقة الشمسية 3 أضعاف، وطاقة الرياح البحرية 4 أضعاف بحلول عام 2030.
كما تُظهر أن الحكومة تتفهم إصلاحات التخطيط والشبكات اللازمة لتحقيق هذا الهدف. ولكن هنا يأتي سؤال: كيف ستوفق الحكومة بين هذه الجهود وتعهداتها الأخرى، مثل حماية الطبيعة والحد من أعداد المهاجرين؟
إن تطوير العديد من مشروعات طاقة الرياح والطاقة الشمسية الجديدة يتطلب عادةً توسيع شبكة الأعمدة والأسلاك لنقل الطاقة الخضراء من مصدر التوليد إلى المكان المطلوب. وبدأت المناقشات حول سياسات أبراج الكهرباء تحتدم.
وكان الممثل رالف فاينس والزعيم المشارك لحزب الخضر أدريان رامزي، وهو واحد من 4 نواب من حزب الخضر المنتخبين منذ أيام، من بين المنتقدين الذين حذروا من تأثير ذلك على المناظر الطبيعية. فكيف تنوي الحكومة حل هذه المشكلة؟
إضافة إلى ذلك، هناك مسألة الهجرة. فالمملكة المتحدة ليست الدولة الوحيدة التي تتجه نحو هدف الانبعاثات الصفرية. وليس من الواضح ما إذا كان سيكون لديها عدد كاف من العمال المحليين المهرة لأداء هذه المهمة. فهل ستسمح الحكومة بدخول المزيد من العمال إلى البلاد لبناء مزارع الرياح؟
وأخيراً، ماذا سيحدث إذا تمكنت الحكومة من بناء كافة محطات الطاقة الجديدة للطاقة المتجددة بحلول 2030؟ فكيف سيتم دمج هذه الكهرباء الجديدة بطريقة تحافظ على تشغيل الشبكة بسلاسة دون انقطاع في التيار الكهربائي.
وقد تحدث أزمة مع خوض البلاد الانتخابات العامة المقبلة. ولك أن تتخيل كيف سيصف نقاد صافي الانبعاثات الصفرية هدف خفض الكربون لعام 2030 إذا واجه الناخبون فجأة انقطاعاً في التيار الكهربائي.
وحتى لو لم يحدث ذلك، فمن المؤكد أن الوزراء سيواجهون مشاكل صعبة تتعلق بسياسة المناخ قريباً. لكن الأمر نفسه ينطبق على أي حكومة جادة بشأن التحول إلى نظام الطاقة النظيفة بوتيرة غير مسبوقة. وفي عالم مثالي، كنا لنعرف المزيد بشأن ما تنوي هذه الحكومة القيام به بالضبط، لكن في النهاية، من المريح أن يكون لدينا أخيراً قادة عازمون على المخاطرة.