تحاول إندونيسيا الحد من استثمار الصين في مشروعات جديدة لتعدين ومعالجة النيكل، لمساعدة هذه الصناعة على التأهل للإعفاءات الضريبية الأمريكية.
حيث تهدف إدارة بايدن إلى الحد من نفوذ بكين في سلسلة توريد المركبات الكهربائية.
وبدءاً من عام 2025، سيقدم قانون خفض التضخم للرئيس جو بايدن إعفاءات ضريبية سخية، لكنها لن تنطبق على المركبات الكهربائية العاملة ببطاريات ومعادن أساسية، مثل النيكل، من «كيانات أجنبية مثيرة للقلق»، بما ذلك بعض الشركات التي تتجاوز فيها الملكية الصينية نسبة 25 %.
ومن شأن ذلك أن يلحق الضرر بالصناعة في إندونيسيا، التي أصبحت أكبر مورد للنيكل في العالم، على خلفية التدفق الهائل لرأس المال الصيني إلى مشاريع التعدين والصهر طوال السنوات الأربع الماضية.
وبحسب 3 مصادر مطلعة، تتعاون الحكومة الإندونيسية مع القطاع الخاص حالياً لهيكلة صفقات لتعدين النيكل مع شركات صينية كمساهمي أقلية.
وقد تسمح مخرجات هذه الصفقات بالحصول على الإعفاءات الضريبية الأمريكية، رغم أن إندونيسيا ستحتاج أيضا إلى التفاوض على اتفاقية تجارية مع الولايات المتحدة حتى تصبح صناعة النيكل مؤهلة لذلك، وقد اقترحت جاكرتا اتفاقاً محدوداً يغطي المعادن الأساسية فقط.
وقال أحد المطلعين على موقف الحكومة إن إندونيسيا تجري مناقشات مع عدد من المستثمرين المحتملين لبناء مصاهر، تكون حصة الشركات الصينية فيها أقل من 25 %.
وذكرت مصادر أن هذه الجهود تتزامن مع تعرض الصناعة الإندونيسية لضغوط متزايدة من عملاء محتملين في كوريا الجنوبية واليابان للامتثال، حيث ترغب تلك الشركات الموجودة في سلسة التوريد أيضاً في التأهل للإعفاءات الضريبية بموجب القانون الأمريكي الجديد.
وأكد سبتيان هاريو سيتو، نائب وزير التنسيق الاستثمار والتعدين الإندونيسي، على الجهود المبذولة من الصناعة والحكومة.
وقال لصحيفة فايننشال تايمز إن «الأمر لا يتعلق فقط بقانون خفض التضخم، بل يتعلق أيضاً بالتنويع.. وهذه السياسة حاسمة لأننا لا نريد الوقوع في فخ التوترات الجيوسياسية، يجب علينا السعي لتحقيق مصالحنا الوطنية».
وأضاف أن هناك استثماراً جديداً في مصهر بقيمة 700 مليون دولار قيد التطوير مع شركة صينية تمتلك حصة أقلية، بينما يمتلك الشركاء من إندونيسيا وكوريا الجنوبية حصة الأغلبية، ورفض ذكر أسماء الشركات المعنية.
ورغم ذلك، لا تفرض جاكرتا أي قيود إلزامية على حصص الملكية للشركات الصينية.
ووفقاً لمسؤول تنفيذي في إحدى شركات إنتاج النيكل، سأل مسؤولون حكوميون إندونيسيون العام الماضي بعض الشركات الصينية عما إذا كانت منفتحة على امتلاك حصة أقلية في مشاريع النيكل تبلغ نحو 15 %.
وتقاوم شركة صينية أي محاولة لتقييد الاستثمارات الجديدة. وقال مسؤول تنفيذي لدى الشركة «لدينا التكنولوجيا والسوق، لكننا لا نحقق سوى نسبة ضئيلة من الأرباح، وهذا بالنسبة لنا غير منطقي».
وسيشكل الحد من نفوذ الصين تحدياً لإندونيسيا؛ حيث أفادت شركة «بنشمارك مينرال إنتليجنس» أن نحو 80 إلى 82 % من إنتاج إندونيسيا من النيكل المستخدم في البطاريات يأتي من شركات صينية.
وكانت جاكرتا حظرت صادرات خام النيكل عام 2020؛ لإجبار المعالجين وصانعي البطاريات على الاستثمار في البلاد.
وسارعت الشركات الصينية إلى الاستثمار بمليارات الدولارات، وأسهمت هذه الاستثمارات في تحويل آفاق الاقتصاد، وجعلت إندونيسيا لاعباً حاسماً في التحول العالمي للسيارات الكهربائية.
وحاليا تبلغ حصة إندونيسيا 57 % من إنتاج النيكل المكرر في العالم. ويتوقع أن ترتفع إلى 69 % بنهاية العقد، حسب ما ذكرت «بنشمارك مينرال إنتليجنس».
وباستثناء الشركات الصينية، لا يوجد سوى «حفنة» من الشركات الأجنبية التي تعمل في صناعة النيكل بإندونيسيا. ودخلت شركة «فالي إندونيسيا» في شراكة مع شركة فورد لصناعة السيارات للاستثمار بأسهم في مصنع لصهر النيكل، وتجري محادثات مع شركة ستيلانتيس لإنشاء مصنع صهر آخر، وتشارك شركة «هوايو كوبالت» الصينية في كلا المشروعين.
وخلال لقائهما في واشنطن العام الماضي، اتفق بايدن والرئيس الإندونيسي جوكو ويدودو على وضع «خطة عمل» للمعادن الحيوية كمقدمة لأي اتفاقية للتجارة الحرة.
رغم ذلك لم يتم إحراز تقدم ملحوظ في المحادثات، وأعرب المشرعون الأمريكيون عن مخاوفهم إزاء وجود الشركات الصينية في إندونيسيا والأضرار البيئية الناجمة عن تعدين ومعالجة النيكل.
وفي هذا الشأن، قال خوسيه فرنانديز، وكيل وزارة الخارجية الأمريكية لشؤون النمو الاقتصادي والطاقة والبيئة، خلال زيارته لجاكرتا هذا الشهر إن «المناقشات إيجابية ونحن نتطلع إلى اتفاق بشأن المعادن الحيوية يتيح لمزيد من الشركات الأمريكية وغيرها الاستثمار في قطاع المعادن الحيوية بإندونيسيا».
بينما أشار بريان بيل، كبير محللي السياسات والجغرافيا السياسية لدى بنشمارك مينرال إنتليجنس، إلى أنه سيكون من الصعب على إندونيسيا التأهل لقانون خفض التضخم بسبب هيمنة الشركات الصينية.
وأوضح أنه «من غير المرجح التوصل إلى اتفاقية تجارية بين أمريكا وإندونيسيا في المستقبل القريب في خضم عام الانتخابات الرئاسية، ووجود مقاومة داخلية» في الولايات المتحدة.