شهدت الأسواق العالمية تغيراً كبيراً في المعنويات، حيث تحولت من اتجاه صعودي إلى التراجع خلال الأيام الأخيرة، بعد تطور الأحداث الجيوسياسية في المنطقة التي تضغط على الاقتصاد العالمي، بالإضافة إلى بيانات الوظائف الأمريكية وتأثيرها على موعد بدء خفض الفائدة في سبتمبر المقبل، ومخاوف من ركود الاقتصاد العالمي، ومع الكشف عن نتائج أعمال الشركات.
فالتصعيد الأخير غير المسبوق في المنطقة سيكون له تبعات اقتصادية ويضع المنطقة في حالة تأهب تام.
واستبعد الخبراء دخول المنطقة في حرب شاملة من أطراف عدة تنجر إليها إيران والولايات المتحدة، لكن لم يستبعد الخبراء أن تتأثر خطوط الملاحة الدولية، بالأحداث الجارية.
وبحسب آراء خبراء البنك الدولي المنشورة على مدونات البنك، فإن شن هجمات على السفن التجارية، تسبب في تراجع كبير في النشاط التجاري البحري، حيث أدت الأزمة إلى ارتفاع أسعار الشحن وتكاليف التأمين على الشحن البحري، مما ساهم في التضخم كما أثر سلباً على اقتصادات الشحن الإقليمية والدولية.
أسعار النفط والطاقة
ويراقب المستثمرون الآن الأسواق العالمية للنفط عن كثب، متوقعين ارتفاعاً قصير الأمد في الأسعار. وينتج الشرق الأوسط ثلث إنتاج النفط العالمي، ويملك أكثر من نصف احتياطي النفط في العالم. أما بالنسبة للغاز الطبيعي المسال، فيساهم الشرق الأوسط بنسبة 16 % من الإنتاج العالمي، وتملك إيران وحدها 17 % من احتياطي الغاز العالمي. وهبطت أسعار النفط بنهاية تداولات الأسبوع الماضي إلى أدنى مستوياتها منذ يناير 2024 بعد بيانات أظهرت تباطؤ نمو الوظائف في الولايات المتحدة بأكثر من المتوقع في يوليو الماضي، علاوة على بيانات اقتصادية صينية زادت الضغوط على الأسعار.
تقلبات الأسعار
لكن وبحسب الخبراء ثمة توقعات بأن ترتفع تقلبات الأسواق في ظل زيادة حدة التوترات بالشرق الأوسط.
وتراجعت العقود الآجلة لخام برنت 3.41 % إلى 76.81 دولاراً للبرميل عند التسوية، وانخفضت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط الأمريكي 3.66 % إلى 73.52 دولاراً.
خطوط الملاحة
وتوقع الخبراء ارتفاع أسعار الشحن البحري، حيث لا تقتصر التداعيات على إنتاج الطاقة فقط، بل تؤثر أيضاً على سلاسل الإمداد العالمية. تربط منطقة الشرق الأوسط الشرق بالغرب، حيث يتدفق 11 % من التجارة العالمية عبر البحر الأحمر، منها 12 % من إجمالي تجارة النفط العالمية المنقولة بحراً و8 % من تجارة الغاز الطبيعي المسال العالمية. من جهة أخرى، قد تؤدي هذه التداعيات إلى إغلاق مضيق هرمز، الذي يعد أهم نقطة عبور للنفط في العالم، إذ يمر عبره 25 % من تجارة النفط البحرية عالمياً و20 % من تجارة الغاز.
وحجم الاضطرابات المتداخلة في الشحن البحري في ممرين رئيسيين للتجارة البحرية العالمية، له عواقب بعيدة المدى ليس فقط على أسواق الطاقة بل أيضاً على التضخم والأمن الغذائي العالمي. مع تأثر سلاسل الإمداد العالمية بسبب هجمات البحر الأحمر، أدى تغير مسار التجارة البحرية من قناة السويس إلى رأس الرجاء الصالح إلى زيادة أسعار الشحن البحري بالإضافة إلى ارتفاع تكاليف التأمين مما يؤدي إلى زيادة أسعار السلع، وبالتالي بقاء التضخم مرتفعاً لمدة أطول.
استمرار اضطرابات الشحن
وتوقعت عملاقة الشحن البحري العالمية «إيه بي مولر ميرسك» أن تستمر اضطرابات الشحن العالمي الناتجة عن الصراع في البحر الأحمر لفترة أطول، ولن يتم حلها هذا العام.
تشير تقديرات «بلومبرغ إنتليجنس» إلى أن عدد سفن الحاويات التي تمر عبر قناة السويس انخفض بنحو 77 % عن العام الماضي، بعد أن تسببت هجمات على السفن في جعل الممر المائي الرئيسي غير آمن. وقد أدت الحاجة إلى طاقة أكبر من السفن للإبحار حول أفريقيا إلى رفع أسعار الشحن، بعد أن كانت السوق قد دخلت في حالة ركود ما بعد الوباء مع تجاوز المعروض من السفن حجم الطلب عليها.
الذهب
في هذه الأجواء، وصلت أسعار الذهب إلى مستوى قياسي جديد فوق مستوى 2486 دولاراً، وسط بحث المستثمرين عن الوجهة الآمنة أمام التوترات الجيوسياسية، التي تشهدها المنطقة، بالإضافة إلى بيانات الوظائف الأمريكية التي تضغط على مجلس الاحتياطي الأمريكي بسرعة خفض معدلات سعر الفائدة.
وارتفعت أسعار الذهب في نهاية تداولات آخر أيام الأسبوع الماضي بنسبة 5.3 % واستقرت عند مستوى 2486.10 دولاراً.
الأسهم العربية
في غضون ذلك، هيمن اللون الأحمر على تداولات الأسواق العربية التي شهدت تراجعات جماعية مع انطلاق تداولات الأسبوع، بضغط من التراجعات العالمية والتوترات جيوسياسية.
وقلص سوق الأسهم السعودي خسائره إلى 2.4 % خلال التداولات.
وجاء الضغط على المؤشر بشكل رئيسي من تراجع أسهم قطاع الطاقة، وعلى رأسها «أرامكو» الذي انخفض بنسبة 1.3 %، كما انخفض القطاع البنكي، بقيادة مصرف الراجحي بنسبة 2.7 %.
وأنهت المؤشرات الكويتية تعاملات أمس على خسائر جماعية، إذ سجل المؤشر الأول أكبر خسائر يومية في 3 أشهر ونصف، وتراجع المؤشر دون مستويات 7700 نقطة للمرة الأولى منذ نحو شهرين، متراجعاً بنسبة 2.2 %.
ولم يكن الوضع أفضل في بورصة قطر، حيث أغلق المؤشر في المنطقة الحمراء لثاني جلسة على التوالي، مسجلاً أكبر خسائر يومية في أسبوعين عند مستويات 10057 نقطة منخفضاً بنسبة 0.73 %.
كما تراجع مؤشر مسقط بنسبة 0.43 %، ومؤشر البحرين بنسبة 0.88 %. وفي بورصة مصر، تراجعت المؤشرات الرئيسية الثلاثة، وسط هبوط الثلاثيني بنحو 2.9 % إلى مستويات 28532 نقطة، أما المؤشر السبعيني المصري فتكبد أكبر خسائر يومية في 3 أشهر، إذ هبط بأكثر من
4 %، وسط مبيعات قوية من قبل المتعاملين الأفراد.