فور إعلان عدد من الشركات الصينية ابتكار تكنولوجيا جديدة لشحن بطاريات السيارات الكهربائية من صفر إلى 80% في عشر دقائق فقط، اجتاحت العالم عاصفة من التساؤلات من قبل خبراء المجال، مشككين في قدرة تلك الشركات الصينية على طرح الابتكار في السوق فعلياً.
وزاد من التساؤلات عدم إعلان الشركات الصينية مثل «زيكر» و«بي واي دي» عن آلية الشحن وطرق التبريد، وإعلانهم فقط عن فاعلية البطارية وقدرتها على الاستجابة للشحن، دون حتى الإعلان عن نوعية الشواحن وكم الطاقة اللازمة لتشغيل تلك الشواحن وموعد توفرها في الأسواق، الأمر الذي يجعل الإعلان عن البطاريات واقعاً ملموساً، ولكنه واقع في بحر من الخيال والغموض.
ونظرياً فهناك فارق كبير بين البطاريات الحالية المتاحة للسيارات الكهربائية والتي على أقصى تقدير تشحن كاملة أو على الأقل حتى 80% خلال وقت لا يقل عن نصف ساعة مع شواحن معينة وكابلات إمداد بالطاقة من نوعيات خاصة، بينما التكنولوجيا الجديدة تتحدث عن 10 دقائق أي أنها تختصر 80% من زمن الشحن، وهو أمر ثوري في مجال صناعة السيارات الكهربائية وربما ينقلها على مستوى آخر ويكون المسمار الأخير في نعش السيارات التي تعمل بالبترول، إن صح وكان دقيقاً، ولكن بخلاف الأمر النظري فعملياً هناك العديد من المشكلات التي قد تواجه ذلك الكشف الثوري الصيني.
فبحسب الأمريكي إنريكو باونسلانغ في تقريره عبر موقع «أوتو إيفاليويشن» فزيادة سرعة الشحن لا تتوقف فقط على نوعية البطاريات وقابليتها للشحن السريع، ولكن هناك العديد من العوامل التي تتحكم في ذلك الأمر، فشحن البطاريات هو طاقة تسير من مولد للطاقة يمر في كابلات تصل للبطارية، وبالتالي فعملية الشحن وسرعتها تعتمد على كل تلك الأجزاء.
وأوضح باونسلانغ: «شواحن تسلا هي الأسرع في العالم، وتخرج 250 كيلو وات تمر عبر كابلات مجهزة لنقل ذلك المعدل العالي من الطاقة، وتلك الكمية من الطاقة تشحن بطاريات السيارات الكهربائية بما يزيد أو يقل عن 80% من استيعاب البطاريات في حوالي النصف ساعة، بينما الشواحن الأكثر انتشاراً في أمريكا وحتى في الصين تخرج 120 كيلو وات، مما يجعل عملية الشحن تصل إلى ساعتين أو أقل.. وهنا تكمن المشكلة».
وواصل باونسلانج قائلاً: «لشحن البطاريات في 10 دقائق كما تقول الشركات الصينية، فنحن هنا أمام شواحن يجب أن يزيد معدل إخراجها من الطاقة على 650 كيلو وات، وهي شواحن غير متاحة في كل أنحاء العالم، وليس هذا فقط، ولكن الكابلات التي تتحمل ذلك هي قصة أخرى، فمرور ذلك الكم المهول من الطاقة في الكابلات يريد عزلاً فائقاً ومستوى من التصنيع غير متوفر على المستوى العادي في الأسواق في الوقت الحالي، وهو ما يجعل طرح تلك السيارات في الوقت الحالي غير ملائم، لأنه ما الجدوى من طرح بطاريات قابلة للشحن السريع دون وجود ما يقدر على شحنها».
والحقيقة أن مرور ما يزيد على 650 كيلو وات في أسلاك هو أمر يولد كماً هائلاً من الطاقة الحرارية، التي تحتاج لنوعية معينة من العزل ولف الأسلاك بتقنيات فائقة الجودة، وهي التي ليست موجودة في الوقت الحالي بكثرة وربما تتكلف الكثير من الأموال في بدايتها، حتى يصل معدل الإنتاج لكميات يستطيع معها المنتجون تقليل التكلفة.
ووفقاً للمعطيات فخبر إطلاق تلك البطاريات سريعة الشحن أمر رائع وخطوة مهمة في طريق زيادة انتشار السيارات الكهربائية، ولكنها خطوة في مشوار قد يستغرق سنوات حتى يصبح واقعاً ملموساً، ولكن وقت أن يصبح فبكل تأكيد سيكون لصناعة السيارات الكهربائية وانتشارها شأن آخر.