المصارف المركزية اشترت 483 طناً من المعدن النفيس خلال النصف الأول من العام الجاري. إذا كانت مكاسب أسعار الذهب هذا العام تشير إلى أي شيء، فهو أن المعدن النفيس لم يعد مرتبطاً بشكل وثيق بدورة أسعار الفائدة.

ومع ذلك، فهذا لا يعني بالمرة أن انخفاض أسعار الفائدة لن يكون له تأثير. فالتصريحات التي صدرت مؤخراً خلال ندوة «جاكسون هول» في وايومينغ حول قرب خفض أسعار الفائدة ستعطي الذهب مزيداً من الزخم والبريق.وعادة ما يُنظر إلى الذهب باعتباره استثماراً أفضل حينما تكون الفائدة منخفضة وعندما لا تحقق فئات الأصول الأخرى أداء جيداً.

وبموجب هذا المنطق، كان من المُفترض أن يشهد الذهب بداية ضعيفة بداية هذا العام، بالنظر إلى الأداء القوي غير المُتوقع للأسهم الأمريكية، ومرونة الأداء الاقتصادي، فضلاً عن إرجاء الاحتياطي الفيدرالي تخفيضات الفائدة. ومع ذلك، فقد قفز الذهب بنسبة 22 % هذا العام، متفوقاً على مؤشر «إس آند بي 500»، ومتخطياً حاجز 2500 دولار للأوقية مؤخراً.

وهكذا، فإنه من الواضح أن هناك بعض المُشترين الذين لم يكن شاغلهم الرئيسي تكلفة فرصة حيازة الذهب. كذلك، هناك الدور الذي لعبته المصارف المركزية، فقد اشترت 483 طناً من المعدن النفيس خلال النصف الأول من العام، بحسب ما أعلنه مجلس الذهب العالمي. ويُعد هذا الحجم الأكبر منذ بدأ المجلس جمع البيانات.

ومن الصعب بمكان عدم إرجاع قدر من حمى الشراء هذه إلى الأزمة الروسية -الأوكرانية، لا سيما في ضوء تجميد أصول المركزي الروسي في عام 2022. وكما هو مُتوقع، فقد أدى ذلك إلى تحفيز الرغبة لدى كبرى الاقتصادات الناشئة في الابتعاد عن الدولار.

وفي حين أن المُشتريات ستتعرض لتقلبات على أساس فصلي، فإنها بالتأكيد كانت أقل قدراً خلال الربع الثاني مقارنة بالأول، لكن يبدو الأمر عاملاً هيكلياً مواتياً للطلب على الذهب بمعزل عن أي شيء آخر يدور في فضاء النظام المالي.

ويعزز هذا التوجه تحوّل المحافظ الاستثمارية إلى الذهب، وهو ما يحدث عندما تنخفض الفائدة. وقد أخذ الأثرياء والمستثمرون الماليون في مراكمة الذهب في أقبيتهم. كما استؤنِفَت التدفقات الواردة إلى الصناديق المُتداولة في البورصة المدعومة بالذهب في مايو، وكان يوليو الشهر الإيجابي الثالث على التوالي وسجلت التدفقات ما قيمته 3.7 مليارات دولار.

وفي حين يُعد هذا كله دورياً وليس هيكلياً، فإنه لا يبدو أن الأوضاع ستتغير قريباً. وبالنسبة للاضطرابات السوقية التي شهدها صيف العام الجاري، فمن شأنها زيادة الاهتمام بالذهب.هناك، بطبيعة الحال، الكثير من السيناريوهات التي قد يفقد الذهب بريقه بموجبها.

فقد يقل الطلب على الذهب بفعل تسارع مكاسب سوق الأسهم، أو بقاء الفائدة مرتفعة لمدة أطول، أو انخفاض المخاطر الجيوسياسية. لكن بحسب الوضع القائم اليوم، تبدو كافة هذه السيناريوهات مفتقرة للبريق الذي يقدمه الذهب.