تتجه أنظار الأسواق العالمية إلى مجلس الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي الأمريكي)، حيث قد يخفض الفيدرالي الفائدة لأول مرة منذ أربع سنوات، عندما يجتمع في 17 - 18 سبتمبر الجاري ، وسط تكهنات بشأن حجم التخفيض القادم في أسعار الفائدة.
وعلى مدى السنوات الأخيرة، ركز الفيدرالي جهوده للسيطرة على التضخم المتصاعد، إلا أن التطورات الأخيرة تشير إلى أنه يقترب من تخفيض كبير في أسعار الفائدة، مع ظهور بوادر تباطؤ في سوق العمل الأمريكي.
وتؤجل عديد من الشركات، خاصة في ظل تكاليف الاقتراض المرتفعة، خططها للتوسع أو الاستثمار، ما يثير قلقاً بين المستثمرين. يُضاف إلى ذلك حالة عدم اليقين السياسي، المرتبطة بالانتخابات الرئاسية في نوفمبر المقبل.
وألمح رئيس الاحتياطي الفيدرالي، جيروم باول، إلى تخفيضات أسعار الفائدة قائلاً: إن «الوقت قد حان» لتعديل سياسة أسعار الفائدة، مشيراً أن الاتجاه واضح، وتوقيت ووتيرة خفض أسعار الفائدة سيعتمدان على البيانات الواردة، والتوقعات المتطورة، وتوازن المخاطر. وفي حديثه بعد صدور بيانات الوظائف مباشرة، دعا رئيس الاحتياطي الفيدرالي في نيويورك، جون ويليامز، إلى خفض أسعار الفائدة، على الرغم من أنه لم يشر إلى مدى الخفض الذي يعتقد أنه قد يكون مناسباً في اجتماع هذا الشهر.
وقال ويليامز «يمكن نقل موقف السياسة النقدية إلى وضع أكثر حيادية بمرور الوقت، اعتماداً على تطور البيانات والتوقعات والمخاطر التي تواجه تحقيق أهدافنا»>
تصاعد المخاطر
من جهته، قال عضو مجلس الاحتياطي الفيدرالي، كريستوفر والر، إنه من الضروري أن يبدأ البنك المركزي الأمريكي في خفض أسعار الفائدة هذا الشهر، في ظل تصاعد المخاطر المتعلقة بتراجع سوق العمل. وأضاف والر، أنه منفتح على زيادة خفض الفائدة، وسيؤيده إذا كان مناسباً. وأشار والر إلى أن سوق العمل يشهد تباطؤاً، مؤكداً أن البيانات الأخيرة ستكون أساسية في القرار القادم بشأن السياسة النقدية. دعت ماري دالي رئيسة بنك الاحتياطي الفيدرالي في سان فرانسيسكو، إلى ضرورة خفض أسعار الفائدة في الوقت الحالي، للحفاظ على صحة سوق العمل الأمريكي.
وأوضحت دالي في تصريحات لوكالة رويترز، أن سوق العمل الأمريكي يحتاج إلى الحماية والاستدامة، وأن الإفراط في تشديد السياسة النقدية، قد يؤدي إلى إبطاء هذا السوق بشكل كبير، وهو ما قد ينتج عنه عواقب وخيمة على الاقتصاد الأمريكي. وأشارت دالي إلى أن ارتفاع أسعار الفائدة الحقيقية، بالتزامن مع تباطؤ الاقتصاد وانحسار التضخم، يشير إلى أن السياسة النقدية الحالية شديدة التقييد بصورة مبالغ فيها.
توقعات المحللين
يتوقع المحللون إما خفضاً بنسبة 0.25 % أو 0.5 % من المعدل الحالي بين 5.25 % و5.5 %. ويرى المستثمرون أعلى الاحتمالات لخفض بمقدار 25 نقطة أساس. ويتوقع المتداولون حالياً احتمالاً بنسبة 39 % لخفض النطاق المستهدف لسعر الفائدة بمقدار نصف نقطة مئوية، ليصل إلى نطاق يتراوح بين 4.75 و5 %. في حين تشير التوقعات إلى احتمال بنسبة 61 %، لخفض ربع نقطة إلى نطاق بين 5 و5.25 %، وفقاً لـ «CME FedWatch».
50 نقطة أساس
أكد كبير الاقتصاديين في بنك جيه بي مورغان، مايكل فيرولي، أن تخفيض مجلس الاحتياطي الأمريكي لأسعار الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس «0.50 %» في اجتماعه المقبل خلال سبتمبر، الأفضل للاقتصاد. ووصف مايكل فيرولي الخطوة بأنها الأفضل للاقتصاد، مشيراً إلى وجود حجة قوية لتسريع وتيرة خفض الفائدة، في ضوء بيانات سوق العمل الأخيرة.
قال مايكل فيرولي إن تقرير الوظائف لشهر أغسطس الماضي، يشير إلى التباطؤ الملحوظ في سوق العمل الأمريكي، وينبغي أن يدفع الاحتياطي الفيدرالي إلى تقديم خفض أكبر في أسعار الفائدة.
وأضاف فيرولي، في مذكرة تحليلية، عقب تقرير الوظائف غير الزراعية لشهر أغسطس، أن «تقرير التوظيف لشهر أغسطس، عزز الشعور بتراجع النشاط في سوق العمل».
وكانت هذه الأرقام متماشية مع التوقعات، وجاءت في أعقاب ارتفاع مفاجئ في معدل البطالة في شهر يوليو، ما أثار مخاوف من الركود، وأدى إلى عمليات بيع حادة في السوق في أوائل أغسطس. ومنذ ذلك الحين، توقع المحللون أن يؤثر تقرير الوظائف لشهر أغسطس بشكل كبير في وتيرة وعمق تخفيضات أسعار الفائدة من قبل بنك الاحتياطي الفيدرالي.
ويرى فيرولي أن التخفيض الكبير في أسعار الفائدة هذا الشهر، حال حدوثه، سيساعد في طمأنة المخاوف حول الركود المحتمل، موضحاً أن الاحتياطي الفيدرالي سوف يخفض أسعار الفائدة مرة واحدة فقط هذا العام، لأن الاقتصاد الأمريكي قوي للغاية. وتابع «ما زلنا نعتقد أن خفض 50 نقطة أساس في اجتماع سبتمبر، هو الشيء الصحيح الذي ينبغي عمله، لأن السياسة مقيدة، ومخاطر التوظيف السلبية آخذة في التزايد، ومخاطر التضخم الصعودية تنحسر».
وأشار فيرولي إلى أنه لا يزال من غير الواضح ما إذا كان بنك الاحتياطي الفيدرالي سيخفض بشكل كبير على الفور.
وأضاف «يتفق المتحدثون في بنك الاحتياطي الفيدرالي، على أن هناك ما يبرر التخفيضات المتعددة، على الرغم من أنهم لم يؤيدوا صراحة اللحاق بالمنحنى في أقرب وقت ممكن، لذلك، بينما لا نزال ندعو إلى خفض بمقدار 50 نقطة أساس في الاجتماع المقبل، لأننا نعتقد أنها سياسة جيدة، ليس لدينا ثقة كاملة في أن اللجنة توافق على ذلك حتى الآن».