قفزت أسعار البيض عالمياً، مدفوعة بتفشي إنفلونزا الطيور وتغير عادات المستهلكين، ما يضع ضغوطاً هائلة على الإمدادات. وأفاد محللو «رابوبنك» بأن متوسط أسعار البيض العالمية قد ارتفع بنسبة 60% وقد يصل إلى 90% مقارنة بعام 2019، وهي زيادة سريعة لم يفوت المرشح الجمهوري جيه دي فانس محاولة استغلالها سياسياً في حملته الانتخابية بالولايات المتحدة. وقد أدّى نقص البيض إلى فرض قيود على قائمة وجبات الإفطار التي تقدمها سلسلة مطاعم «ماكدونالدز» في أستراليا.

تجدر الإشارة إلى عامل مهم وراء ارتفاع الأسعار، وهو التفشي المدمر لإنفلونزا الطيور في كل من أمريكا الشمالية وأوروبا، مما تسبب في إعدام عشرات الملايين من الدواجن.

وتوصل «رابوبنك» إلى معلومات تفيد بإعدام قرابة 33 مليون دجاجة تضع البيض في الولايات المتحدة بين نوفمبر من العام 2023 ويوليو من العام الجاري، وذلك في أعقاب تفشي إنفلونزا الطيور في عام 2022 الذي تسبب في إعدام 40 مليون طائر.

وترى كارين ريسبولي، مديرة التحرير المتخصصة في أسواق البيض لدى منصة إكسبانا المزودة لبيانات تجارة السلع، أن ارتفاع الطلب فاقم من «التداعيات المستمرة» لإنفلونزا الطيور. وأشارت ريسبولي إلى ازدياد إقبال المستهلكين على البيض باعتباره مصدراً أقل تكلفة للحصول على البروتين مقارنة باللحوم. ولفت «رابوبنك» أيضاً إلى أن المخاوف بشأن البصمة الكربونية لاستهلاك اللحوم كانت دافعاً وراء ازدياد الطلب على البيض.

وتضافرت هذه العوامل لتتسبب في ازدياد إجمالي إنفاق الأمريكيين اليوم على البيض بأكثر من ثلاث مرات مقارنة بما كانوا يدفعونه لقاء هذه السلعة قبل خمسة أعوام، بحسب «رابوبنك». وفي المقابل، تضاعفت أسعار البيض في جنوب إفريقيا خلال الفترة ذاتها، بينما شهدت كل من روسيا واليابان والبرازيل وأوروبا والهند زيادات في الأسعار تتراوح بين 50% و90%، حسب «رابوبنك».

وقال نان-ديرك مولدر، الخبير المتخصص في البروتين الحيواني لدى «رابو ريسيرش»، وهي وحدة داخل «رابوبنك»: «في حين تُعد الأسعار مرتفعة حول العالم، لكن توجد اختلافات كبيرة من حيث الأقاليم». وأوضح أن الصين تُعد استثناء كبيراً، حيث تعاني الصناعة توسعاً سريعاً للغاية في العرض واقتصاداً ضعيفاً نسبياً.

وسلّطت البيانات الضوء على تعرّض محبي البيض في الولايات المتحدة إلى تقلبات كبيرة في الأسعار على مدى الأعوام الأخيرة. وذكر مولدر أن المنتجين في الولايات المتحدة يجابهون اللوائح التنظيمية التي تفرض قيوداً على مبيعات البيض بين الولايات.

وبلغت تكلفة عبوة البيض المكونة من 12 بيضة ذروتها عند 4.82 دولارات أمريكي في يناير من العام 2023، مع قفزة أسعار العلف الحيواني عالمياً في أعقاب اندلاع الحرب بين روسيا وأوكرانيا. ومع ذلك، هوّت الأسعار إلى النصف في غضون أشهر، ثم سجلت 3.02 دولارات بحلول أغسطس من هذا العام.

أسفرت تقلبات الأسعار عن انتقادات من جانب المُرشح الجمهوري لمنصب نائب الرئيس، جيه دي فانس، في إطار حملته في ولاية بنسلفانيا المتأرجحة هذا الشهر، إذ ألقى باللوم في تضخم أسعار البيض على كامالا هاريس، المُرشحة الديمقراطية لمنصب الرئاسة.

وعادة ما تنخفض مبيعات البيض بصفة عامة خلال أشهر الصيف، لكن إميلي ميتز، رئيسة مجلس البيض الأمريكي ورئيسته التنفيذية، لفتت إلى الارتفاع غير المُعتاد للطلب بأسواق التجزئة هذا العام. وذكرت أن المزارعين الأمريكيين كانوا يحاولون زيادة المعروض من البيض. واستطردت: «من الناحية النظرية، نحن بحاجة إلى نحو طائر لكل أمريكي»، فيما تشير تقديرات ميتز إلى وجود قرابة 300 مليون دجاجة تضع البيض في الولايات المتحدة مقابل 345 مليون أمريكي تقريباً. وأوضحت: «تستغرق زيادة أعداد الطيور وقتاً لتلبية الطلب، ونعمل على تحقيق ذلك».

وعالمياً، تتضرر أسواق أخرى بسبب تفشي إنفلونزا الطيور، ولا سيما أستراليا، مما أدّى إلى اقتصاد متاجر البقالة في بيع البيض. وقللت شركة «ماكدونالدز» في يوليو الماضي، من الساعات التي تقدم خلالها وجبات الإفطار في بعض فروعها داخل أستراليا، وقيل إن القرار جاء رداً على نقص البيض الناجم عن إنفلونزا الطيور. ولم تستجب «ماكدونالدز» في أستراليا لطلب التعليق.

وعلى المدى المتوسط، توجد مؤشرات إلى انحسار الضغوط عن المستهلكين الأمريكيين، مع انخفاض أسعار البيض بالجملة بنسبة 49% منذ 16 أغسطس، في ظل تعافي أعداد الطيور التي تضع البيض. ومع ذلك، أعرب نان-ديرك مولدر عن حذره بشأن ما إذا كان ذلك سيؤدي إلى تراجع الأسعار في متاجر البقالة.

وأضاف: «في الوقت الراهن، أعتقد بأننا سنواصل مواجهة أسعار مرتفعة نسبياً حتى نهاية العام، وربما ستكون الأسعار أقل مما هي عليه الآن مع تعافي أعداد الطيور، لكن مستقبلاً، سيتوقف الأمر بأسره على ما إذا استمر تفشي إنفلونزا الطيور خلال أشهر الشتاء، وهو أمر من الصعب التنبؤ به».