أكد الدكتور محمد اللوغاني، مدير العمليات في «إيه آي كيو»، وهي مشروع مشترك بين «أدنوك» و«جي 42» يهدف إلى تطوير حلول ذكاء اصطناعي متطورة لقطاع الطاقة، أهمية أن تتعامل الحكومات بشكل استباقي مع المخاطر المحتملة والمخاوف الأخلاقية، التي يطرحها الذكاء الاصطناعي، مثل ضمان المساءلة عن أنظمة الذكاء الاصطناعي، وحماية حقوق الأفراد وخصوصيتهم.
ويعتبر الدكتور محمد اللوغاني أول إماراتي يحصل على درجة الدكتوراه في الذكاء الاصطناعي، وأحد أهم خبراء الذكاء الاصطناعي الـ 24، الذين تم اختيارهم مؤخراً من قبل أودري أزولاي، المديرة العامة لليونيسكو على مستوى العالم، للعمل على مشروع المعيار العالمي الأول من نوعه، بشأن أخلاقيات الذكاء الاصطناعي، وتحديد المبادئ المشتركة اللازمة، لضمان تطوير الذكاء الاصطناعي بصورة سليمة.
ولفت اللوغاني في تصريحات خاصة لـ«البيان» إلى أنه يمكن للحكومات مواكبة التطورات المتسارعة والتحديات، من خلال تطبيق المعيار العالمي الأول من نوعه، بشأن أخلاقيات الذكاء الاصطناعي، والذي اعتمدته وتبنته مسبقاً جميع الدول الأعضاء في منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة «اليونيسكو» الـ 193، مشيراً إلى ضرورة أن تتعاون الحكومات مع بعضها البعض، ومع المنظمات الدولية لخلق نوع من التوافق بين المعايير والأساليب المشتركة لحوكمة الذكاء الاصطناعي.
وأشار اللوغاني إلى أن «إيه آي كيو» تعمل حالياً من خلال خطتها الاستراتيجية على تطوير حلول ومنتجات فعالة لقطاع النفط والغاز تعتمد على الذكاء الاصطناعي، لرفع كفاءة العمليات وتحسين التخطيط والارتقاء بالأداء وتحقيق القيمة المتوقعة من تلك الحلول، وتشمل المشاريع تطوير وتطبيق أفضل وأحدث التقنيات في مجالات الذكاء الاصطناعي مثل تعلم الآلة، الشبكات العصبية، رؤية الكمبيوتر ومعالجة اللغة الطبيعية.
وحول الأسباب التي دفعته لدراسة الذكاء الاصطناعي بشكل أكاديمي أفاد اللوغاني: «هناك دوافع عدة أسهمت بشكل كبير في اختيار مساري الأكاديمي، من بينها دعم القيادة الرشيدة في دولة الإمارات، وما تقدمه من دعم للطلبة الإماراتيين حتى يكملوا دراساتهم، ونيل الدرجات العليا، وتحفيز الوالدين الدائم لي. وعلى الصعيد الشخصي كان الشغف والفضول الفكري من بين الدوافع، حيث كان مجال الذكاء الاصطناعي يستقطب الكثير من علماء الكمبيوتر وعلماء الرياضيات والفلاسفة، بالإضافة لوجود التحديات في بناء الآلات، التي يمكنها التفكير والتصرف مثل البشر، ومدى تأثير ذلك في خدمة البشرية في كل جوانب الحياة.
دفعني الفضول الفكري للقراءة والبحث في علوم الرياضيات والكمبيوتر، ومن ثم التخصص في المجال ذاته كونه هدفاً كنت أسعى لتحقيقه منذ المرحلة الجامعية، ومن ثم مواصلة الدراسات العليا، وإكمال درجة الدكتوراه، وقد أتممت دراساتي العليا في المملكة المتحدة في علوم الكمبيوتر والرياضيات، وتخصصت في علوم الآلة والذكاء الاصطناعي.
وكان للجامعة دور محوري في اختيار التخصص، حيث كان أساتذتي في بريطانيا يشجعوني لإكمال الدراسة، ويشركوني في مشاريع علمية وبحثية مع مؤسسات في مجال الصناعة، حيث كان لذلك دور فعال في صقل مهاراتي العلمية والعملية.
وحول دوره في «إيه آي كيو» والدعم الذي يتلقاه من خلال عمله مع الشركة قال اللوغاني إن دوره في «إيه آي كيو» يتمحور حول تصميم وتنفيذ العمليات التشغيلية، حيث يتضمن ذلك إنشاء وتنفيذ إجراءات صيانة النظام ومراقبة الأداء والقيام بشكل دوري بمراقبة أنظمة الذكاء الاصطناعي والبنية التحتية وصيانتها، حيث يتضمن ذلك التحقق بانتظام من صحة وأداء نظام الذكاء الاصطناعي، واتخاذ الإجراءات اللازمة لحل أي مشاكل فنية قد تظهر، هذا إلى جانب توفير الدعم الفني واستكشاف الأخطاء وإصلاحها، من خلال تقديم المساعدة للمستخدمين، وحل المشكلات الفنية، وتحديد السبب الجذري لتلك للمشكلات.
وأضاف: إن تطوير منتجات وحلول الذكاء الاصطناعي يتطلب العمل على ضمان خصوصية البيانات وأمنها، وهو عنصر رئيسي، حيث يتضمن ذلك تنفيذ تدابير أمنية لحماية البيانات الحساسة، والتأكد من أن نظام الذكاء الاصطناعي يتوافق مع السياسات والإرشادات الأمنية ولوائح الخصوصية ذات الصلة.
دعم
ولفت اللوغاني إلى أن «إيه آي كيو» تقدم كذلك دورات تدريبية فنية ومواد التدريب للمستخدمين، وكذلك فرص التطوير الوظيفي، حيث تتم إتاحة فرص النمو والتقدم داخل الشركة، مع توفر بيئة العمل التعاوني، ودعم العمل الجماعي، فضلاً عن مساعدة الموظفين على الحفاظ على توازن صحي بين حياتهم الشخصية والمهنية، وتوفير الأدوات الحديثة من الأجهزة والبرامج للاضطلاع بمسؤوليات العمل بفعالية، وسعي الشركة الدائم نحو تكريم الموظفين المتميزين.
فرص
وحول حجم الفرص الاقتصادية، التي تحملها تطبيقات الذكاء الاصطناعي للإمارات قال اللوغاني: «حجم الفرص الاقتصادية لتطبيقات الذكاء الاصطناعي في دولة الإمارات كبير ومتزايد، حيث قامت حكومة الإمارات، بفضل رؤية القيادة الرشيدة باستثمارات كبيرة في مجال الذكاء الاصطناعي، وحددت هدفاً واضحاً يركز على ترسيخ مكانة رائدة لدولة الإمارات في هذا المجال بحلول عام 2030.
من وجهة نظري ستعتمد الكثير من القطاعات الحيوية في الإمارات على الذكاء الاصطناعي بصورة تحسن من جودتها ودقتها وفاعليتها وسرعتها، مما يسهم إلى دفع عجلة النمو الاقتصادي وخلق فرص أعمال جديدة ومتنوعة، كما أنني أؤمن بأن تركيز الدولة على الذكاء الاصطناعي أدى بشكل كبير إلى خلق بيئة مواتية للشركات ورواد الأعمال لتطوير حلول الذكاء الاصطناعي وتنفيذها، والمساهمة في دفع النمو الاقتصادي والقدرة التنافسية».
فوائد
وحول ما إذا بدأت الإمارات في جني الفوائد المرتقبة من الذكاء الاصطناعي قال اللوغاني: «نعم وبكل تأكيد، فاستخدام الذكاء الاصطناعي في قطاع الطاقة يعمل على زيادة الإنتاجية، وخفض التكاليف وتحسين أمن الطاقة، مما يسهم في النمو الاقتصادي للدولة، ويعزز قدرتها التنافسية، وهو ما تعمل «إيه آي كيو» على المساهمة في تحقيقه، من خلال توظيف حلول الذكاء الاصطناعي لتحقيق تحول مسؤول في قطاع الطاقة، وأود أن أذكر أنه تم استخدام الذكاء الاصطناعي في هذا القطاع الحيوي لتحسين دقة الحفر والاستكشاف، وتقليل الوقت المستغرق للصيانة والإصلاحات، وتعزيز إدارة سلاسل التوريد.
بالإضافة إلى ذلك يتم استخدام الذكاء الاصطناعي لمراقبة وتحليل البيانات من آبار النفط لتحديد مجالات التحسين وتحسين الإنتاج، تحسين كفاءة الطاقة وتقليل استهلاك الطاقة، وتعزيز تكامل مصادر الطاقة المتجددة. من الفوائد المرتقبة أنه يتم استخدام الذكاء الاصطناعي أيضاً للتنبؤ بالطلب وتحسين وتعزيز أمن إمدادات الطاقة».
وحول أهم استخدامات الذكاء الاصطناعي في قطاع النفط والغاز أوضح اللوغاني: «في اعتقادي يعد الاستكشاف مجالاً مهماً لتوظيف الذكاء الاصطناعي، حيث يمكن استخدامه لتحليل كميات كبيرة من البيانات الجغرافية المكانية والجيولوجية، لتحديد احتياطات النفط والغاز المحتملة، كما يتم تحسين الإنتاج من خلال استخدام الذكاء الاصطناعي لتعزيز عمليات الإنتاج وتحسين الكفاءة التشغيلية في مجال الاستكشاف والتطوير والإنتاج، وكذلك يستخدم في الصيانة التنبؤية، للتنبؤ بفشل المعدات وتقليل وقت التوقف عن العمل وتكاليف الصيانة، ومن مجالات استخدام الذكاء الاصطناعي في قطاع الطاقة أيضاً المراقبة البيئية.
بحوث
وحول أهمية البحوث التطوير في مجال الذكاء الاصطناعي قال اللوغاني: «هناك حاجة ماسة للبحث وتطوير تقنيات وتطبيقات ذكاء اصطناعي جديدة، يمكنها حل مشاكل العالم في مجالات الطاقة، البيئة، الاستدامة وغيرها من القطاعات الحيوية. إن للبحث والتطوير دوراً مهماً لمواجهة التحديات التقنية مثل خصوصية البيانات، والاعتبارات الأخلاقية، والتحيز للذكاء الاصطناعي، والتي تعتبر ضرورية لنجاح واعتماد الذكاء الاصطناعي على المدى الطويل. من وجهة نظري يقود البحث والتطوير إلى الابتكار والسماح للباحثين والمطورين بتجربة أفكار وتقنيات جديدة، يمكن أن تؤدي إلى إيجاد منتجات وخدمات جديدة، كما أن للبحث والتطوير دوراً ريادياً للشركات للبقاء في صدارة المنافسة واكتساب الميزة التنافسية في السوق».
نصيحة
وحول الرسالة أو النصيحة التي يمكن أن تقدمها للشباب المواطن أو الطلبة أو الجامعات أو الشركات قال: «النصيحة التي يمكن أن أقدمها للجميع هي ضرورة الاطلاع الدائم على تطورات الذكاء الاصطناعي، بما في ذلك فوائده واعتباراته الأخلاقية، وأخذ دورات وحضور ورش عمل لتعميق الفهم وتحسين المهارات، ومن المهم أيضاً التعاون مع الآخرين في مجتمع الذكاء الاصطناعي لمشاركة المعرفة، وبناء حلول جديدة، كما أعتقد أنه من المهم التواصل مع المهنيين والمؤسسات العاملة في الدولة وخصوصاً في مجال الذكاء الاصطناعي مثل «إيه آي كيو» للبقاء على اطلاع دائم ومستمر بأحدث تقنيات وحلول تطبيقات الذكاء الاصطناعي، والمشاركة في أبحاث وتطوير الذكاء الاصطناعي أو المساهمة في مشاريع مفتوحة المصدر للنهوض بهذا المجال، والمساعدة في ضمان أن يعود الذكاء الاصطناعي بالفائدة على كل أفراد المجتمع».