أوصى جوليوس باير، البنك السويسري المتخصص في إدارة الثروات، المستثمرين بالاستمرار في عمليات الاستثمار، متوقعاً قدرة السوق على تجاوز الصراع الجاري في الشرق الأوسط مع عواقب مالية محدودة.
واستبعد البنك نشوء أزمة نفط في المرحلة المقبلة، وأكد أن النظرة العامة مطمئنة، متوقعاً أن يكون تأثير الصراع في الشرق الأوسط بشكل رئيس على السلع الأساسية، وخاصة النفط والذهب والفضة.
وقال نوربرت روكر، رئيس قسم الاقتصاد وأبحاث الجيل القادم، جوليوس باير لـ«البيان»: «ما زال العالم مصدوماً من الأحداث الجيوسياسية في الشرق الأوسط، ومع ذلك نتوقع قدرة السوق على احتواء الصراع، مع عواقب مالية محدودة، ويبدو من غير المرجح أن تتكشف أزمة النفط، ولذلك نوصي بالبقاء مستثمراً».
وأضاف: «يبدو كما لو أن سلسلة الجغرافيا السياسية وموجات الصدمة لا تنتهي أبداً، وفي أعقاب الحرب الروسية الأوكرانية عادت أسواق المال والطاقة إلى طبيعتها بسرعة نسبية، ولعل هذه التجربة هي التي تفسر عدم تأثر الأسواق بالمأساة الحالية في الشرق الأوسط».
مخاوف أزمة النفط
وأفاد روكر: «سيطرت الأحداث الجيوسياسية في الشرق الأوسط على عناوين الأخبار لأسابيع، حيث عادت الجغرافيا السياسية لتطارد الأسواق المالية مرة أخرى، وانتقل التركيز إلى النفط، وهو حلقة الوصل التي من شأنها أن تحول هذا الصراع الإقليمي إلى تحدٍّ اقتصادي عالمي، وأدت المخاوف من التصعيد وتعطل الإمدادات إلى دفع الأسعار إلى ما فوق 90 دولاراً للبرميل».
وأضاف روكر: «تميل الجغرافيا السياسية إلى أن تكون عنصر ضجيج من دون أن يترتب عليها آثار جوهرية دائمة، ومع استمرار الوضع في حالة من التقلب، نعتقد أن سيناريو «الصدمة المؤقتة» هو السيناريو الأكثر ترجيحاً، الذي يمكن أن يتطور في المستقبل».
وتابع: «يبدو أن تطور الأمور إلى أزمة نفط أمر مستبعد للغاية، ونظراً للضجيج الجيوسياسي، تبدو أسواق النفط منفصلة إلى حد ما عن الأساسيات، ونرى أن الأسعار تتجه نحو الانخفاض في العام المقبل، حيث المخزونات كافية على مستوى العالم، ومن المقرر أن تغلق الفجوة بين العرض والطلب في المستقبل».
تحوّل الأسواق المالية
وقال روكر إن الصراع تسبب في تدفقات على أصول الملاذ الآمن، مثل الذهب والسندات الحكومية والدولار الأمريكي في البداية، وارتفعت أسعار الذهب بأكثر من 5% في الأيام التي تلت بداية الصراع، ويعكس مثل هذا الارتفاع القصير الأمد تحركات سابقة حول الصدمات الجيوسياسية، وهو ما يعكس في الأساس تحول الأسواق المالية من الإقبال على المخاطرة إلى العزوف عن المخاطرة وما يرتبط بذلك من تسوية المواقف من قِبَل المتداولين المضاربين على المدى القصير بدلاً من أي طلب حقيقي على الملاذ الآمن.
وأضاف: « تبددت بالفعل معظم هذه التدفقات الآمنة، وفي غضون ذلك، عادت قصة ارتفاع العائدات والتضخم بقوة، واستعادت بعض اهتمام السوق».
وذكر روكر: «يعتمد انتعاش الطلب على الملاذ الآمن على كيفية تطور الوضع، ومع ذلك، باستثناء أزمتي النفط في أواخر السبعينيات وأوائل الثمانينيات، لم يكن للذهب والفضة سجل حافل بشكل خاص كتحوط جيوسياسي، ورغم أننا لا نستطيع أن نستبعد تصعيد الصراع، فإننا نؤمن بشدة بالاتجاهات الاقتصادية الراسخة: عدم الركود في الولايات المتحدة، وارتفاع أسعار الفائدة لفترة أطول، وعدم وجود ضغوط مصرفية شاملة، ومن المفترض أن تؤدي هذه الاتجاهات إلى المزيد من تلاشي الطلب على الملاذ الآمن؛ ولهذا السبب لا نرى حاجة لتغيير وجهات نظرنا، نرى انخفاض أسعار الذهب على المدى الطويل».
قدرة على الصمود
وأشار روكر: «لا تزال النظرة العامة مطمئنة، ويواصل الاقتصاد الأمريكي مفاجآته بقدرته على الصمود، وموسم الأرباح يسير على قدم وساق، وينبغي أن يوفر الثقة في القوة الاقتصادية الأساسية، وتتعامل الصين مع التحديات الهيكلية في سوق العقارات، لكنها نجحت في تحقيق استقرار اقتصادها حتى الآن. إن الضجيج الجيوسياسي والعوائد المرتفعة تشتت الانتباه، لكننا نوصي بالاستمرار في الاستثمار».