بعيداً عن أفق المدينة الساحلي وبريق الأبراج الشاهقة وأضواء المدينة المبهرة، هناك كنوز لم تكتشفوها بعد تتوارى خلف الكثبان الذهبية لإمارة دبي، فليس ببعيد عن المدينة ترتفع سلاسل من الكثبان الرملية، وجبال صخرية شاهقة، ووديان، وسهول تزيّنها أشجار القرم، وغطاء نباتي متنوّع، وفي ظلالها تعيش المئات من الحيوانات البرية التي تتخذ من هذه المنطقة موطناً لها.
وحرصت دبي على الحفاظ عليها وحمايتها من مخاطر الانقراض أو التناقص عبر العديد من المبادرات وبرامج حماية الحياة الطبيعية، باعتبارها إرثاً وتراثاً طبيعياً يضيف قيمة نوعيّة إلى جاذبية دبي.
وتقود دائرة السياحة والتسويق التجاري بدبي (دبي للسياحة) عبر مبادرة «السياحة المستدامة» تلك الجهود، بهدف فتح هذا المشهد الطبيعي أمام عشّاق المغامرات والرحلات الاستكشافية، وفي ذات الوقت ضمان الحفاظ على التنوّع الطبيعي، وكذلك على البيئة بعيداً عن أي مخاطر تتعرّض لها عناصر الحياة البرّية.
ومن بين أبرز الأمثلة على ذلك، صحراء المرموم والجبال الصخرية لمنطقة حتا، باعتبارهما وجهتين طبيعيتين تزخران بالعديد من العناصر التي تجذب عشّاق الاستكشاف، وخوض المغامرات في أحضان الطبيعة، ولتقدم لهم فرصة مثالية لخوض مغامراتهم واستكشاف تلك الأماكن والتأمل في مناظرها الخلابة.
أما صحراء المرموم، فهي أكبر مشروع بيئي وسياحي وترفيهي مستدام وأول محمية صحراوية غير مسوّرة في الإمارات، وهي تمثل نحو 10% من إجمالي مساحة الإمارة. هناك المئات من قطعان الغزال العربي والمها وغزال الصحراء والثعالب والقطط البرية التي تعتبر رموز الحياة البرية في دبي.
ليس هذا وحسب فمشروع «محمية المرموم» سيقدّم لزوّار المنطقة خدماته عبر أكثر من عشر منصّات لمراقبة الحيوانات البرّية والطيور وكذلك مراقبة النجوم وغروب الشمس، بالإضافة إلى وجود مسرح مفتوح يستضيف عروضاً ثقافية وفنّية وترفيهية.
رحلات استكشافية
أمّا عشّاق المغامرات الباحثون عن خوض رحلات استكشافية تختلط فيها الطبيعة بالتراث فعليهم التوجّه إلى جبال حتّا، حيث الطبيعة في أبهى صورها تزينها معالم تاريخية مثل حصن حتّا الذي يرتفع بهدوء ليس ببعيد عن سد حتّا وبحيرته بمياهها الفيروزية المحاطة بالجبال، وآثار لقرى كانت هناك منذ زمن بعيد.
وتقع حتّا على بعد 130 كم إلى الجنوب الشرقي من وسط دبي وتعتبر المنطقة ببيئتها الاستثنائية ملاذاً مثالياً لخوض رحلات استكشافية مفعمة بالنشاط والرياضة وممارسة ركوب الدراجات على المرتفعات أو التجذيف بقوارب الكاياك.
وعلى الرغم من امتلاك تلك المواقع الطبيعية للكثير من عوامل الجذب لعشّاق المغامرات والأنشطة الخارجية أو حتى الباحثين عن وجهة تعمّها السكينة والهدوء لقضاء عطلات منعشة بعيدة عن ضوضاء المدينة، إلا أنه ينبغي على مرتادي تلك المواقع المحافظة على البيئة وعدم تلوّثها، أو تعريض فصائل من الحيوانات النادرة لمخاطر الانقراض، وعليه يتوجّب على زوّار تلك المناطق أن يكونوا أصدقاء للبيئة وهم يستمتعون بأنشطتهم المتنوعة حتى يساهموا في الحد من الآثار السلبية على بيئتنا الطبيعية.
وقامت مبادرة دبي للسياحة المستدامة بتوسيع دورها الريادي الداعم في هذا المجال ليشمل شركاء قطاع السياحة، ومساندة دورهم في الحفاظ على بيئة المناطق الطبيعية وصونها من أجل استدامة غطائها النباتي ومجتمعها البري.
ومن بينها (جمعية الإمارات للطبيعة) التي تعتبر شريكاً أساسياً لقطاع السياحة فيما يخص حماية البيئة الطبيعية في الوجهات السياحية، وهي منظمة غير ربحية رائدة تعنى بالحفاظ على الإرث الطبيعي للإمارات وحمايته من آثار التغير المناخي والحد من المخاطر التي تهدد الحياة البرية.
سياحة مستدامة
وبهدف تحقيق هذا الهدف الأولي والمهم، تضافرت جهود خبراء الجمعية مع نظرائهم في مبادرة دبي للسياحة المستدامة لوضع نصائح سهلة التطبيق لمساعدة الزوار على التعامل برشد مع عناصرها، ومن بين هذه النصائح؛ عدم العبث بعناصر البيئة الطبيعية والحياة البرية، والحفاظ على الهدوء وعدم إحداث ضوضاء من شأنها إخافة الكائنات البرية، كالتحدث بصوت مرتفع أو تشغيل موسيقى صاخبة..وعند دخول المناطق التي تسكنها الحيوانات البرية، فلا تحاول إطعامها أو استفزازها، والأهم من ذلك عدم أخذها بعيداً عن بيئتها، كما تجنّب قيادة السيارة خارج المسارات المخصصة.