يعد مركز طلاء الطائرات الذي افتتحته طيران الامارات العام الماضي خطوة حيوية اضافية ضمن جهود الناقلة لخفض النفقات وتلبية احتياجات الناقلة المتنامية.

ويمثل المركز الذي بلغت كلفته 146 مليون درهم ضمن مركز الامارات الهندسي انجازا فريدا، حيث يسهم في تقليل نفقات طلاء الطائرات بنحو 55٪ مقارنة مع عمليات التعهيد التي كانت تسند في السابق الى شركات اوروبية.

ويقول عادل الرضا، النائب التنفيذي لرئيس طيران الإمارات للهندسة والعمليات إن طاقة المركز الاستيعابية تصل إلى طلاء 20 طائرة ذات هيكل عريض سنوياً. كما يسهم وجود المركز في دبي في توفير ما لا يقل عن 20 مليون درهم سنوياً من تكاليف إرسال هذه الطائرات إلى الخارج لإتمام عملية الطلاء بما في ذلك تكاليف الوقود.

ويأتي انجاز هذا المرفق الحيوي كخطوة اضافية نحو المزيد من ضبط النفقات حيث تقدر الناقلة ان يسهم هذا المركز الفريد في تقليل نفقات طلاء الطائرات بنحو 55٪ مقارنة مع عمليات التعهيد التي كانت تسند إلى شركات أوروبية في السابق.

ويؤكد الرضا أن المركز الذي اقيم على مساحة 12 ألف متر مربع يستوعب جميع احتياجات الطائرة العملاقة إيه 380 حيث استوحي تصميمه من مركز طلاء طائرات إيه 380 في مدينة هامبورج الألمانية، إلا أن مركز طيران الإمارات الجديد مجهز ايضاً للتعامل مع جميع طرازات الطائرات التي تتراوح بين الإيرباص إيه 380 والبوينج 737. ويحتوي المركز على ستة منصات متحركة ومواقف خاصة للطائرات لضمان تنفيذ العمل وفق أعلى المواصفات العالمية.

وروعي عند انجاز هذا المرفق الكبير تحديات خصوصية طقس دولة الإمارات العربية المتحدة ولعل أهمها ما يخص عملية طلاء الطائرات التي تحتاج إلى رعاية فائقة خصوصا في ظل الحرارة والطقس الحار للدولة مع مراعاة عامل الرطوبة الذي يلعب دورا مهماً عند انجاز عملية طلاء الطائرات حيث يتوجب ألا يزيد معدل الرطوبة عن 2٪ لتجنب تلف الطلاء على الطائرة.

ولضمان إنجاز هذا العمل بمهنية وحرفية عاليتين تقوم طيران الامارات برفع معيار العمل بحيث يفوق المعيار العالمي لهذه الغاية بسبب حالة الطقس خصوصاً وان تساقط الطلاء عن السطح الخارجي للطائرة يستدعي إعادة العملية من البداية فالجودة هنا هي المعيار الذي يعمل عليه فريق المركز وهي الثانية في الاولوية بعد عامل السلامة.

ويحتوي المركز على معدات وآلات غاية في الدقة والتطور تضمن تطبيق هذه المعايير العالية خصوصا أجهزة المسح واختبار ما يعرف بتأثير "قشرة البرتقالة" لضمان عدم ظهور اي بثور على هيكل الطائرة الخارجي وأيضا إعطاء المظهر الزاهي المتفتح لها. وهناك اجهزة خاصة لقياس سمك الطلاء، الذي يجب ألا يتعدى 400 ميكرونز بدون زيادة أو نقصان.

ويشير عادل الرضا ان المركز يتمتع بنظام أتمتة متكامل يضمن ايضاً أعلى معايير المحافظة على البيئة ومراقبة نظام التكييف داخل المركز وفق عملية تدار من قبل أجهزة الحاسوب ومصمم لتجنب المناطق الميتة التي تسبب صعوبة في تجفيف الدهان. ومن ضمن هذا النظام ايضا المراقبة الشاملة لانظمة الاضاءة وتدفق الهواء في كل مرحلة من مراحل طلاء الطائرة ووفقا لطراز الطائرة ونوعية الطلاء المستخدم كما ان هذه المعايير تضمن المحافظة على الطلاء في حال الطيران لمسافات طويلة وفي مختلف الظروف الجوية.

مركز أخضر

وعلى الرغم من أن هذا المرفق الحيوي يتعامل مع عمليات الطلاء ويستخدم أجهزة معقدة ومتطورة، إلا أنه يعد مركزا أخضر، فهو لا يستخدم اي طلاء يحتوي على مواد سامة أو ضارة بالبيئة ، كما أن جميع المخلفات من عمليات الدهان يتم التعامل معها بيئيا، بحيث يتم فصل المخلفات الصلبة عن الماء ليعاد استخدام المياه في أغراض اخرى. كما توجد شركة خاصة تأخذ المخلفات الصلبة لإعادة تدويرها.

ويحتوي المركز على آلة خاصة لاذابة الطلاء عن جميع فراشي وأجهزة الطلاء بحيث يعاد تدوير مخلفات هذه الأجهزة. كما أن الهواء الذي يدخل على الطائرة تتم تنقيته أيضاً من الشوائب والاوساخ.

 

تفاصيل دقيقة

تحتاج كل طائرة من الطائرات عريضة الهيكل، أو ذات الممرين، من 10 أيام إلى اسبوعين لانجاز كامل عملية الطلاء لها وفقا لطرازها. وقبل عملية الطلاء يتم تفريغ الطائرة بالكامل من الوقود كما تتم تغطيتها بالكامل لضمان عدم تدفق الطلاء إلى قمرة القيادة او داخل الكابينة. وهناك عمليات خاصة بطائرات الايرباص وأخرى للبوينج حيث يتم تجريد الطائرة بالكامل بالنسبة لايرباص مثلا.

وقبل البدء بعمليات الطلاء يتم إجراء عمليات مسح شاملة لسطح الطائرة للتأكد من عدم وجود اي نتوء او علامات ظاهرة تؤثر في انسيابية الطلاء ومظهره. وبعد التأكد من هذه التفاصيل الدقيقة تبدأ عملية الطلاء، حيث يتم طلاء الطائرة بثلاث طبقات من الطلاء الابيض والطلاء الصلب وبعد ذلك بطبقة من الورنيش.

ويوضح الرضا أن الطقس الحار في المنطقة يعني ان الألوان قد تتلاشى بمرور الزمن، خصوصا بالنسبة للأبيض او الأصفر مقارنة مع اجواء اوروبا مثلا. وهكذا يتم طلاء الطائرة قبل ذلك بطبقة دهان خاصة (طبقة توضيح) للمحافظة على اللون تضمن إطالة حياة اللون على هيكل الطائرة، وبدون هذه الطبقة تحتاج الطائرة إلى عملية طلاء كل 4 إلى 5 سنوات، بينما تضمن هذه المادة بقاء اللون من 6 إلى 7 سنوات.

وتجلب طيران الإمارات ألوان الطلاء من شركات معروفة متخصصة في هذا المجال مثل اكزونوبيل لكن طيران الامارات وجدت أيضا شركات محلية في دبي قادرة على تزويدها بالطلاء الملائم ومقرها جبل علي وهي تصنع هذا الطلاء بنفس الجودة العالية وفي وقت أسرع مقارنة مع الشركات الخارجية، كما ان الشركة لا تضطر إلى تخزين كميات كبيرة من الدهان وتحصل على حاجتها أولا باول، فضلاً عن التوفير في عمليات الشحن.

وتقوم الشركة المحلية وهي "بي بي جي" بتصنيع دهانات تلائم البيئة المحلية لدولة الإمارات خصوصاً من حيث ملاءمتها لعامل الرطوبة في الأجواء مما يعني تحقيق مزيد من التوفير في النفقات وعدم استعمال أجهزة مكلفة لتقليل درجات الرطوبة.

 

عمليات أخرى

بالاضافة إلى العمليات التي تجري في مركز طلاء هياكل الطائرات، تتعامل وحدة الطلاء الخاصة في مركز الإمارات الهندسي مع أكثر من 3 الاف قطعة يتم طلاؤها شهرياً، مثل أغلفة المقاعد ومقاعد الحمامات والخزائن واللوحات والجنيحات وعجلات الطائرة وغيرها. ومع وجود أماكن خاصة في المركز الهندسي لهذه الغاية باتت قدرة طيران الإمارات أسرع على تلبية احتياجات الاسطول، حيث يتم تجفيف الطلاء بسرعة أكبر ويتم العمل بمرونة أعلى وباستخدام دهانات متخصصة لكل قطعة.

ويؤكد الرضا ان هذا المركز الجديد الذي افتتح في أغسطس من العام الماضي يعد مشروعا فريدا في المنطقة ويمكّن طيران الإمارات من تقديم خدمات الاصلاح والصيانة للشركات الاخرى لكن الأولوية حاليا هي لتلبية الطلب المتزايد لاحتياجات اسطول الناقلة التي تتسلم ما معدله 2 إلى 3 طائرات شهريا من الآن وحتى عام 2015 . ويختتم الرضا بقوله: "يعد افتتاح هذا المرفق الحيوي علامة مميزة في مسيرة طيران الإمارات ويساهم في تعزيز سمعتها العالمية ومواجهة التحديات المتمثلة في المحافظة على تلك المعايير العالية التي خطتها الناقلة لنفسها منذ البداية وسارت عليها طوال السنوات الماضية على صعيد الريادة وجودة الخدمات والابتكار والتميز".

 

مركز الإمارات الهندسي

 

يعد مركز طلاء الطائرات جزءا حيويا من مركز الإمارات الهندسي الذي افتتحته الناقلة في العام 2007 بكلفة بلغت اكثر من 1.3 مليار درهم. ويمتد المركز الهندسي على مساحة 55 هيكتاراً شمال مطار دبي الدولي. ويلبي المركز الذي يعد من أكبر وأحدث مراكز صيانة الطائرات في العالم، متطلبات نمو أسطول طيران الإمارات الذي يضم حالياً 157 طائرة مع طلبيات مستقبلية تزيد عن 180 طائرة.

ويعد افتتاح المركز خطوة مكملة للناقلة الوطنية في سعيها نحو توفير نفقات الصيانة المتزايدة بفضل تقنياته المتطورة ومعداته الحديثة وهو مؤهل مع مختلف احتياجات ومتطلبات الصيانة الثقيلة والخفيفة لأسطول طائرات الإمارات الحديث وله امكانات للتعامل مع أضخم الطائرات في العالم بما فيها ايرباص 380 وقد جُهزت الحظائر بمعدات تكييف الهواء وصنعت من مواد تحسن بيئة العمل كما أن المركز صديق للبيئة ويلبي كل متطلبات القوانين النافذة للحفاظ على السلامة العامة كما يوفر العديد من التسهيلات والمرافق الكفيلة بتمكين فريق العمل الكفء والملتزم بأعلى معايير الجودة من أداء مهامه على أكمل وجه.

ويشمل المركز الجديد بالإضافة إلى المخازن والورشات مبنى للمكاتب ومبنى متعدد الطوابق لمواقف السيارات يتسع لـ 1500 سيارة ومبنى للأمن ومدرسة الإمارات للتدريب الهندسي. أما تسهيلات الموظفين فتشمل كافتيريا للموظفين وصالة جمنازيوم وصالة المحاضرات بالإضافة إلى ممشى متحرك ومغطى يربط بين موقف السيارات وحظائر الطائرات.