تمثل الاتفاقية التي وقعتها طيران الامارات مع كوانتاس الاسترالية استمرارا لموجة اعادة تشكيل اسواق الطيران المدني التي عززت من قدرة ناقلات الشرق الاوسط على الوصول الى المزيد من الاسواق واكتساب المزيد من الحضور العالمي وشرائح جديدة من المسافرين. واجبرت الخسائر المتتالية التي تكبدتها الشركة الاسترالية وخاصة في وجهاتها البعيدة على الاتجاه الى اكبر ناقلة في المنطقة وهي طيران الامارات لتوقيع اتفاقية ليس فقط بالرمز المشترك بل تشمل ايضا التنسيق تجاه الاسعار وجداول الرحلات.

توفر الناقلتان من خلال الاتفاقية 5 آلاف مقعد يومياً من خلال 14 رحلة بين دبي واستراليا اعتبارا من عام 2013 حيث ستنقل كوانتاس رحلتين من رحلاتها الى هيثرو لندن عبر دبي بدلا من سنغافورة قبل ان تستأنف رحلاتها الى لندن. كما ستقوم الناقلة الاسترالية بإلغاء خدماتها الى فرانكفورت عبر سنغافورة وخلال عام ستعمل كوانتاس على تقليل تواجدها في اوروبا من خمس رحلات عبر جنوب آسيا الى اثنتين فقط عبر دبي.

وبالمقارنة فإن القطرية مثلا توفر 500 مقعد يومياً بين الدوحة واستراليا والاتحاد توفر 800 مقعد بين ابو ظبي واستراليا.

وسترتبط كوانتاس بالرمز المشترك مع طيران الامارات في جميع رحلات الامارات الاوروبية اضافة الى محطاتها المقبلة وهي ليون ووارسو. وستعطي الاتفاقية مرونة اكبر لطيران الامارات لتعزيز نموها في السوق الاسترالي وهي ماضية كما يقول تيم كلارك رئيس الناقلة في خططها للوصول الى 100 رحلة اسبوعيا بين دبي واستراليا في المستقبل القريب

كما تعطي هذه الخطوة لطيران الامارات قدرة اكبر على توجيه اصولها الى الاسواق المختلفة واستقطاب المزيد من شرائح المسافرين وبنفس الوقت تعطي مرونة مماثلة لكوانتاس لتوجيه جهودها نحو اسواقها المحلية وتعظيم ارباحها من هذه الوجهات بانتظار عام 2014 وهو العام الذي تخطط فيه الشركة للعودة الى الارباح بعد تنفيذ خطتها لخفض التكاليف وتحسين الاداء.

ويشير تقرير لمركز طيران آسيا الهادئ ان هذه الاتفاقية قد تمهد لمزيد من الاتفاقيات المماثلة التي قد تجد فيها شركات الطيران آلية فاعلة لمواجهة متغيرات السوق والأوضاع الصعبة التي تواجه صناعة الطيران المدني.

واعتبارا من ابريل في العام المقبل 2013 ستنقل كوانتاس مركز توقف رحلاتها الى اوروبا من سنغافورة الى دبي كما انها ستستخدم مطار دبي الدولي مركزا لرحلات الربط لتحالف ون وورلد التي تتبعه بحيث ترتبط رحلاتها مع رحلات طيران الامارات الى اوروبا وهو السوق الذي كانت تنزف منه خسائر خلال الفترة الماضية دون اي بوادر للأرباح.

ويوضح تقرير مركز طيران الهادئ ان الاتفاقية قد لا توقف جميع مشاكل كوانتاس الاسترالية لكنها تمثل تقدما كبيرا لوقف خسائرها الفادحة التي تجاوزت خلال النصف الاول من العام 460 مليون دولار اميركي وهو تحالف مشابه لتحالف فيرجين استاليا مع الاتحاد للطيران وهي الخطوة التي اجبرت كوانتاس على اعادة النظر في جميع مجالات عملها وخاصة رحلاتها الى كل من اوروبا واميركا الشمالية وجنوب افريقيا .

ويعني هذا الاتفاق مع طيران الامارات ان العملاق الاسترالي سينهي تحالفاً دام عقدين من الزمن مع الخطوط الجوية البريطانية بعد ان ادركت كلتا الشركتين ان الظروف والاسواق تغيرت ولم تعد كما كانت قبل عشرين عاما خصوصا مع بوادر انضمام الخطوط القطرية الى تحالف ون وورلد.

تحسين العائدات ووقف الخسائر

ويضيف التقرير ان الاتفاقية ستعمل على تحسين اداء كوانتاس الاسترالية لكنها لن تشكل اجواء وردية بالنسبة لها، حيث تحتاج الى المزيد من الاجراءات التي بدأتها مؤخرا لخفض التكلفة ووقف نزيف الخسائر ومنها الغاء طلبيتها لشراء 35 طائرة من طراز بوينغ 787 والغاء رحلتين يوميتين الى هيثرو لندن من اصل اربع رحلات يومية ونقل مركز توقف رحلاتها في اميركا الجنوبية من بوينس ايرس الى سانتياغو التشيلية كما الغت رحلات سنغافورة مومباي والانسحاب من اوروبا لم يكن فقط المنافسة بل لارتفاع اسعار النفط ومحدودية رحلات الربط ومحدوية الارباح.

والاتفاقية مدتها 10 سنوات بين كلتا الشركتين وستخضع لموافقة الجهات المختصة وتشمل التنسيق بالأسعار والمبيعات والرحلات وستساعد كوانتاس على تخفيف خسائرها في اوروبا لكنها لن تكون كذلك بالنسبة لموقعها في آسيا.

وستنسق فيه الشركة مع طيران الامارات فيما يتعلق برحلات الشركة بين استراليا وآسيا وهذا يعني ان الناقلة الاسترالية لن تصل الى ابعد من كوالالمبور في ماليزيا في هذه القارة وبالتالي فإنها قد تجبر على المزيد من توقيع اتفاقيات الشراكة المماثلة.

والاسترالية مطالبة بإعادة هيكلة شبكتها الى سنغافورة وهونج كونج وفقا لهذا الاتفاق مع الامارات وهي احدى المزايا الكبيرة غير المباشرة لطيران الامارات.

وتشمل اتفاقية الرمز المشترك ايضا رحلات طيران الامارات حول الشرق الاوسط وشمال افريقيا والرحلات بين استراليا ونيوزلندا بالنسبة لطيران الامارات، حيث تتمتع طيران الامارات بالحرية الخامسة لرحلاتها من بريسبين وملبورن وخاصة الى اوكلاند.

والمنافس الرئيس في هذا الخط هو الخطوط النيوزلندية وفيرجين استراليا اللتان تتقاسمان عائدات تحالف بينهما وتسيطران على نصف المقاعد المتاحة في هذا الخط وهو الأمر الذي واد من الصعوبات على كوانتاس للمنافسة نظرا للتكلفة العالية للتشغيل مقارنة مع تحالف النيوزلندية وفيرجين. والتحلف سيعزز موقع كوانتاس لكنها ستكون مطالبة بالمزيد من خفض السعة المقعدية على المدى البعيد.

وتتصدر الخطوط النيوزلندية فيما يتعلق بعدد المقاعد التي توفرها على خط استراليا نيوزلندا بـ 28469 مقعداً في الاسبوع تليها كوانتاس بـ 16632 مقعدا ثم فيرجين استراليا بـ 11968 مقعدا وتحل طيران الامارات رابعا بعدد مقاعد 11270 .

وكانت المناقشات قد بدأت قبل اربعة شهور للوصول الى هذه الاتفاقية وتم صياغتها على نار هادئة للوصول الى افضل الحلول التي ترضي الشركتين.

ومن بين المزايا التي تعطيها لطيران الامارات تعزيز حضورها في مطار هيثرو لندن من خلال رحلات كوانتاس عبر دبي خصوصا ان الامارات تطير حاليا الى هيثرو بأقصى طاقتها ولا مجال للنمو هناك حيث تطير الناقلة الى هناك بثلاث رحلات يومية عبر طائرة الايرباص 380 ورحلتان بالبوينغ 777 لكنها في ديسمبر المقبل ستخصص كامل رحلاتها الخمس الى هيثرو بطائرة ايه 380 .

ومع رحلتي كوانتاس اليوميتان عبر دبي الى لندن سيكون هناك سبع رحلات يومية بين دبي وهيثرو بهذه الطائرة. وبالاضافة الى ان هذه الاتفاقية ستنهي اتفاقية كوانتاس مع البريطانية فانها تعني ايضا الغاء اتفاقيات الاسترالية مع كل من الخطوط الفرنسية واخرى مع كاثي باسيفيك للرحلات من هونج كونج الى روما واتفاقية اخرى من الخطوط الفنلندية من آسيا الى هلسنكي والتي ستكون مع الامارات حاليا خصوصا ان الامارات تخدم حاليا كلا من روما وباريس وليس هلسنكي. ولم تتضح بعد اذا ما كانت ستستمر مع شركة جيت ستار التي تتبع كوانتاس.

وهناك اتفاقيات عدة للناقلة الاسترالية تحتاج الى دراسة ولم يتضح بعد مستقبلها في ضوء الاتفاقية الجديدة مع طيران الامارات.

شراكات قديمة

وارتبطت كوانتاس خلال الاعوام الماضية باتفاقيات عدة في آسيا لكن ما يهم طيران الامارات فيها هي الحرية الخامسة للناقلة والمتعلقة برحلاتها المباشرة الى آسيا استراليا بما فيها من سنغافورة الى بريسبين وكولالمبور وسنغافورة الى ملبورن وبانكوك الى سيدني وهي جميعها مستثناة من الاتفاقية .

وترتبط كوانتاس بعلاقات شراكة مع الخطوط الاميركية وشركة جنوب افريقيا وهذه لن تتأثر بالاتفاقية الجديدة . وما يهم كوانتاس ان هذه الاتفاقية ستعمل على وقف نزيف خسائرها على وجهاتها الطويلة وخاصة اوروبا . ومشكلة كوانتاس ان الطلب كبير بين استراليا واوروبا لكن العائد قليل ويتوزع بين عدة وجهات .

والقاعدة بعيدة بدون تغذية اقليمية وهناك رحلات محددة الى مراكز تشغيلية كبيرة مثل هيثرو لندن او مدن مثل فرانكفورت حي الطلب قوي على الأعمال وتتطلب رحلات مباشرة وليس عبر بانكوك مثلا او هونج كونج او سنغافورة والتي لم تكن مجدية بالنسبة لكوانتاس لكن طيران الامارات ومن خلال رحلاتها المباشرة عبر دبي تخدمها بفاعلية اكبر واكثر جاذبية.

ومما يزيد الطين بلة بالنسبة لكوانتاس ان شريكها الاوروبي وهي الخطوط البريطانية لديها مركز تشغيلي فقط في لندن على الحافة الغربية ما يعني ان رحلات الربط الى الاجزاء الأخرى في اوروبا ستكون اكثر كلفة خصوصا في فيما يتلق بالبيئة مقارنة مع ناقلات آسيا والشرق الأوسط، حيث التكلفة اقل من خلال الرحلات المباشرة او توقف واحد الى مختلف المدن الاوربية وهنا تمكن الفائدة من الاتفاقية مع طيران الامارات.

وللتوضيح اكثر فإن المسافر من استراليا الى مدريد عبر كوانتاس والخطوط الايبيرية من خلال تحالف ون وورلد يحتاج الى 26 ساعة وربع الساعة من خلال توقفين مقارنة مع 24 ساعة ونصف عبر طيران الامـــارات مع توقف واحد فقط.

كما ان المسافر من بيرث الاستـــرالية الى موسكو يحتاج الى 24 ساعة و 45 دقـــيقة وتوقفين عبر تحالف ستار اللاينس بين السنغافورية والتركية مقارنة مع 20 ساعة وربع عبر طيران الامارات وتوقف واحد فقط في دبي.

 

إعادة تنسيق وجهات آسيا

ستقوم كوانتاس بعد اتفاقيتها مع طيران الامارات بإعادة تشكيل شبكتها الى آسيا وتركيز اعمالها اكثر في هونج كونج بدلًا من سنغافورة وستعمل الناقلتان على التنسيق حيال الرحلات الى اسواق آسيا واستراليا وهناك تفاصيل لابد من مناقشتها فيما يتعلق بخطط كوانتاس لزيادة رحلات الربط من سنغافورة بنحو 25 % وزيادة السعة المقعدية بنحو 40 5 من استراليا الى آسيا.

وتخدم كوانتاس حاليا سنغافورة بطائرة ياه 380 من ملبورن وسيدني وسيتم تحويل الطائرة ايه 380 الى دبـــي وتحويل عدد من الطائرات مثل بوينغ 747 وايرباص 30 الى وجهات محلية تتمتع بطلب اكبر وهذا يعني تأثر مطار شانغي في سنغافورة الذي سيفقد رحلتين يوميتين بطائرة ايه 380 .

ومع موقع الصدارة الذي تتربع عليه طيران الامارات كأكبر ناقلة من الشرق الأوسط الى هيثرو لندن من حيث السعة المقعدية ولا ينتظر ان يتغير ذلك ما لم تقدم الاتحاد على تملك حصة اضافية في شركة اير لنغوس الايرلندية وهي ثالث اكبر شركة طيران في هيثرو.

وتؤكد تحليلات ان الاتفاقية بين طيران الامارات وكونتاس لن تؤثر على انضمام الخطوط الجوية القطرية الى تحالف ون وورلد المنتظرالذي يضم ايضا الناقلة الاسترالية باعتبار ان مثل هذه التحالفات لا تؤثر عادة على اتفاقيات الرمز المشترك وبالتالي فلا حاجة لتعاون كبير بين كل من الاسترالية والقطرية

 

اتفاقية واعدة

الاتفاقية تبدو واعدة بالنسبة للناقلة الاسترالية اذ ان الارقام توضح ان 85 5 من مسافري طيران الامارات على رحلاتها من استراليا الى اوروبا يتجهون الى نقاط غير فرانكفورت ولندن وهما الأكثر خدمة من قبل كوانتاس.

وما يعزز ذلك ان القارة الأوروبية تمر بظروف اقتصادية صعبة والناقلة الاسترالية تحتاج الى خطوط مربحة الى افريقيا واميركا الشمالية واميركا الجنوبية والاتفاقية مع طيران الامارات تعطيها مرونة في تقليل خسائر الوجهات الطويلة والتركيز اكثر على الوجهات القصيرة وتعزيز ربحيتها وهو الأمر الذي تتوقع الناقلة تحقيقه في العام 2014 .

واذا كانت شراكات الاسترالية مع البريطانية والاميركية منحها عائدات سنوية تصل الى 30 مليون دولار استرالي فإن العائد على الاتفاقية مع الامارات سيكون اعلى بكثير خصوصاً ان الشركة تنفذ برنامجاً ضخماً لخفض النفقات يتضمن تحسين فاعلية الأسطول الأمر الذي سيوفر نحو 70 إلى 90 مليون دولار حتى عام 2014 وتوسيع .