أكدت مؤسسات مالية عالمية قدرة دبي على تمويل مشاريعها الكبرى. ومع إطلالة العام الجديد بكل تجلياتها وتعبيراتها الُمعززة لروح التفاؤل بقدرة الإمارات ودبي على تعزيز مكانتها العالمية.

وأوضح تقرير أرقام كابيتال أن آفاق وضع الاقتصاد الكلي في الدولة تتميز بالإيجابية، إذ من المتوقع أن يسجل ناتجها المحلي الإجمالي معدلات نمو بنسب 3.8% في 2014، و4.3% في 2015، و4.3% في 2016، و4.2% في 2017، مشيراً إلى أن أسهم المصارف حققت أداءً قوياً من زاوية حساب نسبة العائد على السهم، وهو ما عكس ارتفاع نسب توزيع الأرباح على المساهمي،ن وتزايد قوة الوضع الاقتصادي في إمارة دبي، وتراجع هامش مقايضة مخاطر الائتمان، وتحسن وضع سوق العقارات السكنية.

وفي ظل مناخ عام تسوده الثقة والاعتداد بما سوف يحمله الغد القريب من تطورات إيجابية داعمة للاقتصاد الإماراتي بمختلف قطاعاته ومجالاته، تُجمع التقديرات بأن العام الجديد سيكون بمثابة عام حشد وتعبئة الموارد الكفيلة بتحقيق وعد حكومة دبي بأن تبهر العالم بقدرتها وإمكاناتها لاستضافة أفضل دورات معرض أكسبو في 2020.

ومثّل فوز إمارة دبي الكاسح باستضافة «إكسبو 2020 » شهادة إضافية تؤكد ملاءة وقوة الوضع المالي للإمارات ودبي، وما كان بالإمكان تخيل أن يصدر قرار البت في عرض الإمارات باستضافة مثل هذا الحدث العالمي المهم، إذا كانت هناك شكوك في قدرة الدولة المالية على النهوض بمسؤولياتها في توفير البنى التحتية الملائمة لاستضافة أعداد كبيرة من الزوار والسائحين والذين سوف يصل عددهم ــ بحسب بعض التقديرات ــ إلى 25 مليون زائر، وتؤكد ردود الفعل الرسمية على خبر الفوز توافر الثقة واليقين بالقدرة على ضخ الاستثمارات المطلوبة لإبهار العالم بتنظيم أفضل دورة لإكسبو على الإطلاق منذ بداية انطلاقته الأولى في لندن في العام 1851.

خريطة اقتصادية جديدة

ويبدو جلياً للمراقبين أن إمارة دبي تمضي خلال العام 2014 في خطاها قدماً نحو التحضير لما ستكون عليه خريطتها الاقتصادية خلال المستقبل المنظور، وهو وضع غير منفصل الصلة بالنجاحات الاقتصادية التي سجلتها والتي أعطتها المزيد من الثقة والتفاؤل بشأن أفق المشهد الاقتصادي فيها خلال السنوات المقبلة.

وبات جلياً للعيان أن الإمارة عرضت استضافة معرض إكسبو 2020، بعدما تمكنت من الخروج الآمن من مضاعفات أزمة مالية عصفت بالكثير من الاقتصادات حول العالم، ولم تتوقف طموحتها عند حد تحقيق التعافي من هذه الأزمة، بل بادرت بتقديم عرض الاستضافة للبرهنة على أنها تسير على مسار النمو والازدهار بخطى ثابتة وسريعة، وهو ما عبّر عنه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، خلال لقاء إعلامي في شهر يوليو 2012..

حيث قال سموه لمحاوريه الإعلاميين بالحرف الواحد: «لقد تركنا هذه الأزمة خلف ظهورنا، ودولتنا والحمد لله بخير ومؤسساتنا نفضت غبار هذه الأزمة عن كاهلها». وعبّر سموه عن أهمية تلبية هذه الاحتياجات المستقبلية وما تفرضه من تحديات في متن كلمة سموه خلال تدشين مدينة محمد بن راشد، حيث قال سموه بالحرف الواحد: لدينا رؤية وطموحاتنا كبيرة، والمستقبل لا ينتظر المترددين، نحن لا نتوقع المستقبل نحن نصنعه.

تقييمات رسمية

ولقطع الشك باليقين، وتأكيداً على امتلاك إمارة دبي ملاءة مالية تؤهلها لجعل استضافتها لمعرض اكسبو 2020 مثار أعجاب العالم بأسره، بادرت حكومة دبي إلى التأكيد على ملاءتها المالية بعد الإعلان مباشرة عن فوزها، وهو ما تجلى في تصريحات الدكتور عبد الرحمن آل صالح، المدير العام لدائرة المالية بــحكومة دبي..

والتي أكد فيها أن الإمارة تتمتع بمـــلاءة مالية جيدة تمكّنها من الإيفاء بالتزاماتها السابقة تجاه الدائنيـــن، والمستقبلية تجاه تطوير البنية الاقتصادية والتحتية والخدمية للإمارة، إلى جانب ما يتعلق باستضافة المعرض الدولي إكسبو 2020، مشيراً إلى أن الوضع المالي لحكومة دبي قوي، فلدى الحكومة فائض تشغيلي يبلغ ملياري درهم، وهي لا تستخدم إيرادات النفط في تمويل المصـروفات والنفقات التشغيلية، كما أنها لا تقترض لتمويل تلك النفقات.

وأوضح آل صالح أن دبي أوفت بالتزاماتها، ونجحت بالمقابل في خفض عجز الموازنة إلى ما دون 900 مليون درهم، بعد أن كان 12.9 مليار درهم في العام 2009، أي بنسبة تزيد على 93 في المئة خلال ستّ سنوات، وهذا إنجاز كبير. وأضاف: "ومثلما اتضح في إعلان موازنة العام المالي 2014 لحكومة دبي، فالعجز في الموازنة لا يتجاوز نسبة 0.26 في المئة من إجمالي الناتج المحلي للإمارة...

كما أن إيرادات حكومة دبي سجّلت زيادة ملحوظة مقارنة بالعام 2013 تجاوزت 10 في المئة، نتيجة تزايد إيرادات مشاريع البنية التحتية كالطرق والمترو ووسائل المواصلات العامة والصرف الصحي وغيرها».

وقد رصدت حكومة دبي في موازنة 2014 مبلغ 6.3 مليارات درهم لمشاريع البنية التحتية في الإمارة، وأعلنت امتلاكها خططاً للحفاظ على هذا الرقم خلال موازنات الحكومة للأعوام الأربعة المقبلة حتى العام 2017، وذلك لضمان الوفاء بجميع الالتزامات تجاه تنمية الإمارة وتطوير المشاريع ودعم إقامة إكسبو.

وتخطط حكومة دبي لاستثمار نحو 6.3 مليارات درهـــم سنوياً في مشاريع البنية التحتية والمشاريع التنموية خلال الفترة من 2014 وحتى 2017، أي ما يزيد على 25 مليار درهم، هذا عدا عن المبالغ التي سيتم رصدها لمشاريع تطوير «دبي وورلد سنترال » و«مطار آل مكتوم »والمنطقة المحيطة به، وأرض المعارض، والتي تأتي ضمن الخطط النهائية التي يجري الإعـــداد لها، والتي ستُعلن في حينه.

تقييمات عالمية

وتوازى مع إعلان هذه التقييمات الرسمية، إصدار مؤسسات مالية عالمية مرموقة تقييماتها بشأن قيمة الاستثمارات المطلوبة لاستضافة هذا الحدث العالمي. وفي هذا السياق، قدّر بنك «إتش إس بي سي » حجم الإنفاق العام المتوقع على مشاريع البنية التحتية اللازمة لإقامة مركز المعرض وخطوط الطرق والنقل وغيرها من المشاريع التي تضمنها ملف دبي لاستضافة "إكسبو 2020" نحو 32.1 مليار درهم، فيما قدر الإنفاق الخاص المتوقع على المشاريع المصاحبة بنحو 34.9 مليار درهم، منها 31.2 مليار درهم على مشاريع فندقية و3.7 مليارات درهم على الخدمات الخاصة بأجنحة الدول المشاركة في المعرض.

وفي الإطار ذاته، توقع بنك ستاندرد تشارترد أن يوفر المعرض قرابة 300 ألف وظيفة جديدة، منها 90% ستتوفر بين عامي 2018 و2021، مُقدراً بأن تتحول معظم هذه الوظائف إلى وظائف دائمة تولد بدورها طلباً على سوق السكن في الإمارات وسترفع الأسعار...

وأشار إلى أن هذه الاستثمارات الضخمة ستفتح شهية البنوك والمصارف في الإمارات لتأمين السيولة اللازمة لتمويل هذه المشاريع وتحقيق استدامة في النمو استعداد لهذا الحدث الذي يُعد ثالث أكبر الفعاليات العالمية غير التجارية، من حيث التأثير الاقتصادي والثقافي في العالم بعد بطولة كأس العالم لكرة القدم ودورة الألعاب الأولمبية.

وعلى المنوال نفسه، قيّم تــقرير أصــدرته مؤسسة فيتش حول تأثير «إكسبو» على اقتصاد دبي الذي سينال دعماً قوياً بفضله خاصة على مستوى قطاع العقارات وأسواق الأسهم على المدى القريب من خلال تعزيز الثقة بصورة أكبر في اقتصاد دبي.

كما توقع جون ميشيل صليبا المحلل الاقتصادي لبنك اوف أميركا ميريل لنش، أن يضيف فوز الإمارات باستضافة «إكسبو 2020» نصف نقطة مـــئوية سنوياً إلى الناتج المـــحلي الإجمالي للدولة في أعوام 2016 إلى 2019 ونقــــطتين مئويتيـــن في عامي 2020-2021، وذلك على خلفية توقع أن يصل حجم الإنفاق الحكومي والزائرين والمشاركين إلى 23 مليار دولار (84 مليار درهم) وذلك بين أعوام 2015 إلى 2021.

ووفقاً لبنك أوف أميركا ميريل لينش، فإنه من المتوقع أن تنفق حكومة دبي قرابة 6.8 مليارات دولار في أعمال البناء لتطوير البنى التحتية حتى موعد إقامة المعرض، ويتوقع البنك خلق 80 ألف وظيفة في قطاع الإنشاءات وحده.

مقومات مالية تنبض صحة

تنطلق الإمارات ودبي في خططها الخاصة بتعبئة وحشد الموارد الكفيلة بتحقيق نجاح مبهر في استضافة «إكسبو 2020 »، من مقومات مالية تنبض بالصحة والعافية، وتبرز في هذا السياق الكثير من المؤشرات المدللة على قوة الأوضاع المالية التي تُمثّل قاعدة انطلاق متينة في وضع برامج تمويلية تتضمن نطاقاً واسعاً من البدائل والخيارات.

فمن جانب، نجحت دبي في إدارة الاستحقاقات المالية المطلوبة منها، بقدر عال ٍ من الاحترافية والمهنية وبشكل عزز ثقة المصارف والمؤسسات المالية في حصافة استراتيجيتها المالية، وهذا ما جاءت مؤسسة «ميريل لينش» على ذكره في متن أحد التقارير الصادرة عنها، حيث قدرت المؤسسة أن حدة أوضاع الديون في إمارة دبي قد تراجعت وخفت بشكل كبير، بعدما وصلت إلى ذروة التأزم عقب انفجار ما سمته بالطفرة العقارية التي تضمنت مخاطر رئيسية، تتمثل في تدهور أوضاع السيولة على مستوى العالم..

وانتقال التزامات الشركات الحكومية بفعل خطط الإنقاذ إلى الموازنات الحكومية، وقيّمت «ميريل لينش» ديون دبي الخارجية بأنها الأفضل على صعيد منطقة الشرق الأوسط، وذلك من زاوية الانكشاف الائتماني، خاصة في ظل تصاعد الضغوط التي تواجهها أذونات الخزانة الأميركية، والتصنيف العالي للديون السيادية لدول مجلس التعاون الخليجي.

وقالت مؤسسة «ميريل لينش» في تقرير صادر عنها بعنوان «تخفيف مديونية دبي» إن اتباع إمارة دبي خططاً أكثر حصافة وثباتاً للإنعاش الاقتصادي وتعزيز نظام الموازنة العامة، كان من شأنهما أن أديا إلى تهدئة المخاوف التي تم الإفصـــاح عنها فيما ســبق بشأن أوضاع الديون على مستوى حكومة إمارة دبي.

وقدرت «ميريل لينش» أن إجمالي ديون حكومة دبي المباشرة يقف عند مستوى 50 مليار دولار، أي ما يعادل 55.5 % من الناتج المحلي الإجمالي للإمارة، ولفتت إلى أن توليفة عناصر ومكونات الديون لا تنطوي على أيه مخاطر ضارة على الإطلاق، إذ تُشكّل ديون السوق نسبة مقدارها 14.2 % فقط من إجمالي عبء الديون، ومع غياب وجود المزيد من البرامج المتعلقة بتخفيف أعباء ديون الشركات الحكومية، فإن أوضاع الديون في إمارة دبي تتجه نحو المزيد من الاستقرار، وتراجع عبئها، ولكنها ما زالت منكشفة على الأوضاع الائتمانية على صعيد العالم.

واعتبرت «ميريل لينش» أن موازنة حكومة إمارة دبي لعام 2013 تسير على المسار الصائب والصحيح، حيث سلطت الميزانية الضوء على توجه حكومة دبي القوي نحو التعزيز التدريجي لنظام الموازنة بهدف تقليص أوجه انكشافها، والوصول إلى مرحلة التوازن بين النفقات والإيرادات بحلول العام 2014.

استعادة النمو

وقيّمت مؤسسة «ميريل لينش » أن دبي أظهرت القدرة على استعادة النمو مجدداً الذي صار أكثر قوة ورسوخاً، مع التقليص المعقول لمعدل الاعتماد على الرفاعة المالية بنسبة 4 %..

وسيطرة الإدراك بأن القطاع العقاري قد وصل إلى حد القاع، منطلقاً إلى الانتعاش مجدداً في بعض شرائحه وقطاعاته، وبناء على البيانات المنشورة في العام 2012، فإن اقتصاد دبي قد سجل نمواً مقداره 4.4 %، وذلك رغم انكشافه على أوضاع مالية عالمية هشة، حيث تقود القطاعات الاقتصادية ذات الارتباط بالاقتصاد العالمي، تزايد نشاط قطاع الإنشاءات الذي خرج من حالة الركود إلى تحقيق نمو بوتيرة معتدلة.

انفتاح الشهية

ومن جانب آخر، توقع محللون أن تتزايد شهية شركات دبي على إصدارات الصكوك والسندات لتمويل خططها وبرامجها التوسعية الــتي اكتسبت زخماً قوياً نتيجة فوز الإمارات باستضافة اكسبو 2020.

وتساءل شايليش داش، المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة الماسة كابيتال عن ما إذا كان وضع سوق المال في العام 2014 سيدفع بدبي إلى إصدارات جديدة، مجيباً على هذا السؤال بقوله

: « ما من مشكلة في ذلك لأنّ الاقتصاد متين وينمو كما أنّ العالم منح ثقته لدبي وصوّت لها ومنحها حق استضافة معرض إكسبو العالمي 2020، فمع انخفاض مستوى المديونيات، واستحقاق حوالي 16 مليار دولار من ديون دبي خلال العام 2014، من المرجح أن تصبح مدينة دبي ناشطة على مستوى الأسواق الرأسمالية مع إمكانية إعادة تمويل بعض الالتزامات التي يحل آجال استحقاقها».

 خفض العجز

 وأفادت «ميريل لينش» أن دائرة المالية في دبي تعمل على تقليل عجز موازنة عام 2013 ليصل إلى 1.5 مليار درهم؛ أي ما يعادل 0.4 % من الناتج المحلي الإجمالي للإمارة، وقيمت «ميريل لينش» أن الميزانية قيمت عائدات القطاع الهيدروكربوني ومكاسب المشروعات بشكل محافظ، بيد أن التحدي يكمن في إمكانية تسارع وتائر التكاليف الرأسمالية التي تتسم بدرجة عالية من التقلب والتذبذب، ولكنها ربما تتجه إلى الحالة العادية والطبيعية، مع تقديم صندوق دبي للدعم المالي المزيد من القروض.

وقيّمت مؤسسة «ميريل لينش » أن إمارة دبي تمر بمرحلة التعافي والانتعاش من أوجه الاختلالات التي قادت إلى نشوء فقاعات تفجرت في العام 2009، ويدعم هذا الانتعاش توليفة من العوامل، يبرز منها، استمرار أسعار النفط عند مستويات مرتفعة واتباع سياسات نقدية تكيفية،..

والتقدم الحاصل في عمليات إعادة هيكلة الشركات الحكومية، والاندفاع بقوة نحو تقوية النظام المالي، ورغم التحديات الناجمة عن موجة الديون المستحق سدادها بدءاً من العام 2015 فصاعداً، إلا أن هناك قدراً كافياً من الموارد الكفيلة بإدارة هذه الديون، بشكل حصيف.

 حلول تمويلية قليلة المخاطر

 اجمعت تقييمات الخبراء على أن إمارة دبي تمتلك بالفعل الإمكانات والمقومات التي تؤهلها لتمويل حزمة المشروعات العملاقة التي سوف تشكل العلامات البارزة لطفرتها الثانية، آخذة في الحسبان الدروس المستوحاة من طفرتها الأولى، وأن لديها حيزاً واسعاً من الحلول التمويلية مدعومة بتدني المخاطر الائتمانية على صـعيد الدولة بأكــــملها.

وفي هذا السياق، توقعت شركة «شعاع كابيتال» أن يجري تمويل مشروعات مدينة الشيخ محمد بن راشد عبر باقة تتألف من حزم تمــويلية متنوعة، منها أدوات الدين وعائدات خطط المبيعات والعائدات المتحققة من المبيعات، ولفت محللو شركة «شعاع كابيتال» إلى أن حكومة دبي والشركات التابعة لها والذين نجحوا في إعادة هيكلة جزء من الديون القديمة، قد تمكنوا من تجميع رؤوس أموال قيمتها 8 مليارات دولار خلال العام 2012، وهو ما أطلق رسالة تفيد بعودة انفتاح أبواب أسواق الدين أمام إمارة دبي.

مخاطر ائتمانية

وفي الإطار ذاته ، صنف جريجوري لوهيناند المسؤول التجاري «كوفاس الإمارات للخدمات التأمينية» المخاطر التأمينية على مستوى دولة الإمارات، بدرجة «أيه 3 »، وهو ما يعبر عن تقييم إيجابي لخريطة المخاطر التأمينية في ما يتعلق بالمشروعات المقامة على أراضيها. وشرح مسوغات وحيثيات إعطاء الدولة تصنيف « أيه 3 »، للمخاطر الائتمانية، في المحاور التالية:

أولاً - تواصل ارتفاع معدل النمو الاقتصادي: ســوف يرتفع النمو الاقتصادي في الإمارات في العام 2013، وإن كان بدرجة طفيفة، تأثراً بالوضع غير الجيد لبيئة الاقتصاد العالمي، مع بقاء احتفاظ القــطاع الهيدروكربوني بوضعية متميزة بوصفه محركاً اقتصادياً رئيسياً، بالنظر إلى استمرار ارتفاع أسعار النفط والتزايد الطفيف في مستويات الإنتاج.

ثانياً - استمرار التماسك المالي في دبي: واصلت السلطات في إمارة دبي توسيع دور الإمارة بوصفها مركزاً إقليمياً للأعمال، بوصفها مسألة بالغة الحيوية والأهمية لنموها الاقتصادي، وذلك من خلال إعادة تركيز اهتمامها على قطاعات التجارة والشحن والخدمات اللوجستية والسياحة.

ثالثاً - مقـــومات سليمة وتضامن مالي على الصـــعيد الاتحادي: بفضل ارتفاع أسعار المنتجات الهيدروكربونية (الغاز والنفط) وبرامج التنويع الاقتصادي ونمو الصــادرات الغير نفطية، صار ممكناً للإمارات أن تحافظ في العام 2013 عــلى فوائض مالية وجارية مؤثرة، وذلك على المستوى الاتحادي.

رابعاً - تعافي النظام المصرفي: رغم أن النظام المصرفي تعرض بشدة للقطاع العقاري والشركات المحملة بالديون، وهو ما أثر في جودة أصول وربحية المصارف، إلا أن هذه المخاطر ما زالت تحت السيطرة والاحتواء بفضل مستويات الرسملة العالية في القطاع المصرفي، وتحسن السيولة، وارتفاع الاحتياطيات ومخصصات مواجهة التعثر في السداد، أكثر من ذلك، يحظى القطاع المصرفي بدعم الهيئات الاتحادية، إذا ما كان هذا الدعم مطلوباً.

أبوظبي تتمتع باقتصاد قوي وميزانية متماسكة

 تستند عملية حشد وتعبئة الموارد لاستضافة أكسبو 2020 إلى قوة تماسك اقتصاد وميزانية إمارة أبوظبي، وأتت مؤسسة « ميريل لينش » على إبراز هذا الجانب المضيء للوضع المالي القوي لدولة الإمارات في تأكيدها أن التعزيز التدريجي للوضع المالي في إمارة أبوظبي أدى إلى قيام حكومة أبوظبي بخفض سعر التعادل لبرميل النفط في الموازنة الحكومية..

وذلك بعدما سجل في سنوات سابقة صعوداً كبيراً، وذلك إبان قيام حكومة أبوظبي بتقديم دعم استثنائي للبنوك والشركات الحكومية، وهذا ما سوف يسمح بزيادة متدرجة في الإنفاق الرأسمالي..

ولفتت إلى أن حكومة أبوظبي وضعت إطاراً مؤسساتياً جديداً لإدارة الديون، رغم أن هذا الإطار لم يؤد إلى تحول في الدعم السيادي للشركات المرتبطة بالحكومة، خاصة وأن الكثير من المشروعات المُعلنة والتي تحتاج إلى إنفاق رأسمالي ضخم، تندرج ضمن إطار الالتزام الاستراتيجي لحكومة أبوظبي بالعمل على مواصلة خططها الخاصة بتنويع البنيان الاقتصادي للإمارة.

التحرر والتنوع الاقتصاديان

وأوضح تقرير مؤسسة «ميريل لينش» أن حكومة أبوظبي تبنت خلال سنوات العقد الماضي استراتيجية نشطة للتحرر والتنوع الاقتصاديين، بهدف تقليل الاعتماد على القطاع الهيدروكربوني بألا يكون المصدر الوحيد للإيرادات، وركزت الاستراتيجية على ثلاثة مبادئ جوهرية، تشمل أولاً : بذل جهود تغطي نطاقاً واسعاً من الأنشطة الاقتصادية بهدف رفع مستويات الإنتاجية، بما في ذلك التوجه نحو الخصخصة..

وتأسيس شراكات بين القطاعين العام والخاص. وثانياً: تطوير وترقية السوق السياحي. وثالثاً: التنويع داخل قطاع النفط والغاز، مع التركيز على الأنشطة المتعلقة بالتكرير والتوزيع، إلى جانب التركيز على الأنشطة التحويلية والتصنيعية الأخرى، ولفت التقرير أن المحور المهم في استراتيجية أبوظبي الطويلة الأجل يتمثل في توسيع وتقوية القاعدة الصناعية للإمارة، وإقامة صناعات تصديرية مرتبطة بموارد النفط والغاز كالصناعات الكيماوية والألومنيوم والصلب.

وقيم التقرير أن اقتصاد إمارة أبوظبي ينمو بوتيرة صحية ومتماسكة في حدود نسبة مقدارها 4 %، وأن هذا النمو يقوده قطاعا النقل والتصنيع، مع ملاحظة أن قطاع النفط ما زال يستحوذ على 52 % من الناتج المحلي الإجمالي للإمارة، وهو ما يتيح حيزاً متسعاً للمزيد من التوسعات في المستقبل، وتوقع التقرير أن تقود القطاعات الاقتصادية غير النفطية النمو في السنوات المقبلة، خاصة السياحة والنقل والصناعة .

ولفت تقرير مؤسسة « ميريل لينش» إلى أن موازنة حكومة أبوظبي سجلت فائضاً نسبته 3 % من الناتج المحلي الإجمالي، وبالتالي، فإنها عادت مجدداً لتسجيل وضع مالي صحي، بعدما اجتازت أكثر أوضاعها سوءاً في العام 2009، مشيراً إلى المجلس التنفيذي لإمارة أبوظبي قد صدق على عدد من المشروعات الضخمة خلال العامين 2012 و 2013..

ومن ثم، سوف تشهد المشروعات الرأسمالية ضخاً لرؤوس أموال قيمتها 330 مليار درهم خلال الفترة 2013 و 2017، بما في ذلك مشروعات المباني وقروض السكن للمواطنين، وبالتالي، من المتوقع أن يزيد الإنفاق الرأسمالي خلال العام الجاري، مع قيام القطاع العام بتنفيذ القسم الأكبر من هذه المشروعات الضخمة .

«بشائر» صفقات إنجاز مشروعات المستقبل

هلت «بشائر» صفقات مشروع «مدينة محمد بن راشد» الذي يمثل أبرز المعالم المستقبلية خريطة دبي التجارية والاقتصادية، مع كشف «كوفاس الإمارات للخدمات التأمينية»، الشركة التابعة لمجموعة كوفاس الفرنسية للتأمين على القروض، أكبر مزود علمي لخدمات التغطيات التأمينية لـ»البيان الاقتصادي»، عن انخراطها في مباحثات تتعلق بصفقات تتصل بمشروعات «مدينة محمد بن راشد»..

مضيفة أن تكلفة تغطيتها التأمينية بالنسبة إلى مشروعات المدينة على مستوى التكلفة نفسه لباقي المشروعات في دولة الإمارات، إذ إنه رغم التفاوت في مستويات التكلفة في ما بين الشركات والمشروعات، فإن الشركة منحت دولة الإمارات تصنيفاً للمخاطر التأمينية بدرجة «إيه 3»، وهو تصنيف ينم عن تقييم إيجابي ومستقر للمخاطر التأمينية في دولة الإمارات..

وجاء الكشف عن هذه الصفقات، ليعطي إجابة واقعية عن التساؤلات التي طرحها المراقبون والمحليون في معرض توقعاتهم للأساليب التمويلية التي سوف يجري اعتمادها، لتنفيذ المشروعات العملاقة التي سوف تحتضنها «مدينة محمد بن راشد»، فضلاً عن الحزمة الأخرى من المشروعات العملاقة التي جرى إطلاقها أخيراً، وهو ما يؤكد أن خريطة المستقبل الاقتصادي والتجاري لإمارة دبي تمتلك كل المقومات التي تجعلها واقعاً على الأرض، وفقاً للجداول الزمنية الموضوعة.

الإمارات تتمتع بتصنيف ائتماني مستقر

قيّمت وكالة موديز إنفستورز للتصنيفات الائتمانية أن إصدارات الحكومة الاتحادية بالعملة المحلية تتمتع بتصنيف ائتماني إيه إيه 2 وأفق مستقبلي مستقر، وأنه لم ينل من تصنيفها السيادي، ولم ينل تغير دورات تباطؤ الاقتصادي الدولي من التصنيف الائتماني السيادي إيه إيه 2 الذي حازته الدولة..

وبحسب وكالة موديز إنفستورز للتصنيفات الائتمانية، ينهض هذا التصنيف الائتماني على فرضيات جوهرية، منها دعم حكومة أبوظبي الكامل للحكومة الاتحادية، وامتلاك إمارة أبوظبي احتياطيات هيدروكربونية، وأصول مالية خارجية على نحو يدعم ماليتها العامة، وتعتقد وكالة موديز أن الإمارات تمتلك اقتصاداً على درجة عالية من القوة، واستند هذا التقدير إلى ارتفاع مستوى ناتجها المحلي الإجمالي..

وامتلاكها احتياطيات ضخمة من النفط والغاز، وهو وضع انعكس على شغل الدولة مراتب متقدمة على مؤشرات الجودة المؤسساتية، وإبداء الالتزام القوي بدفع المستحقات في مواعيدها المقررة، وقيمت موديز إمكانية تعرض دولة الإمارات للمخاطر بأنه احتمال معتدل، كما قدرت درجة المخاطر السياسية بأنها منخفضة للغاية، آخذاً في الاعتبار تمتع الدولة بتاريخ الطويل من الاستقرار السياسي.