أفاد مسؤولون حكوميون في كردستان العراق بأن حجم الاستثمارات الإماراتية في الاقليم يبلغ 16.5 مليار درهم، اي ما يعادل 4.5 مليارات دولار، وأشادوا على هامش «ملتقى ومعرض التجارة والاستثمار الإماراتي العراقي الثاني» الذي عقد الأسبوع الماضي في أربيل بدور الدولة في دعم خطط تطوير الاقليم وتعزيز فرص تنمية العلاقات التجارية والاستثمارية بين الإمارات وكردستان.

إنجازات إماراتية

وأشار قباد طالباني نائب رئيس الوزراء في حكومة كردستان إلى أن الإمارات تشكل مصدر إلهام للإقليم نظراً لما حققته من انجازات خلال السنوات الماضية، وأكد على أهمية الملتقى والفعاليات المماثلة في فتح ابواب التعاون والتجارة بين مختلف دول المنطقة، ولفت إلى أن حكومة الاقليم تسعى لتشجيع القطاع الخاص ليأخذ زمام المبادرة في دعم الاقتصاد الوطني والحد من التدخل الحكومي لتجنب عرقلة عجلة النمو والاستثمار.

وجاء حديث طالباني خلال استقباله عبد الله آل صالح وكيل وزارة الاقتصاد لشؤون التجارة الخارجية والصناعة يرافقه راشد المنصوري، قنصل عام الإمارات في أربيل وأعضاء الوفد الإماراتي الذي ضم مسؤولي ومديري عدد من الجهات الحكومية والشركات الإماراتية.

وكان «ملتقى ومعرض التجارة والاستثمار الإماراتي العراقي الثاني»، الذي عقد الأسبوع الماضي في أربيل لمدة ثلاثة أيام، قد شهد اهتماماً حكومياً كبيراً واقبالاً واسعاً من مجتمع الأعمال المحلي والدولي في كردستان، وشارك في الحدث الذي نظمته وزارة الاقتصاد ومؤسستا دبي لتنمية الصادرات ودبي لتنمية الاستثمار التابعتان لدائرة التنمية الاقتصادية في دبي ودائرة التنمية الاقتصادية في أبوظبي، وفد رسمي وتجاري إماراتي ضم نحو 150 شخصاً يمثلون نحو 60 جهة وشركة ممثلة للجهات الحكومية والقطاع الخاص في الدولة.

فرص واعدة

من جانبه لفت سنان شلبي وزير التجارة والصناعة في حكومة إقليم كردستان العراق إلى أن حجم التبادل التجاري بين الإمارات واقليم كردستان بلغ 2.5 مليار دولار خلال العام الماضي، وأكد على أهمية الاستثمارات الإماراتية الحالية في الاقليم، حيث بلغ عدد الشركات الإماراتية المسجلة رسمياً في كردستان 155 شركة، موضحاً وجود المزيد من الفرص الاستثمارية الواعدة في مختلف القطاعات وفي مقدمتها الزراعة بالإضافة إلى قطاع السياحة وخاصة في المناطق الشمالية للاقليم.

ودعا شلبي الشركات المتوسطة والصغيرة التي تستثمر في الاقليم إلى التركيز على تخصصاتها وتجنب الدخول في قطاعات متشعبة ومتداخلة، بما يعزز من فرص نمو الأعمال والابتعاد عن تشتيت الجهود والاستثمارات في قطاعات ليس من تخصصات الشركة.

تحديات

وأشار شلبي إلى أن الاقليم يتمتع بالاستقرار الأمني والاجتماعي والاقتصادي، لكنه أوضح أن العلاقة مع بغداد تنعكس على الاقتصاد المحلي للاقليم، لافتاً إلى وجود عقبات سياسية أمام توسيع أحد الجسور على حدود الاقليم مع تركيا والذي تعبره يومياً 2000 -3000 شاحنة، حيث تتراوح كلفة المشروع 20 30 مليون دولار..

وسيكون له أثر كبير على تعزيز حركة النقل والشحن عبر الاقليم إلى كافة مناطق العراق، وأكد على وجود مؤشرات واقعية تنبئ بمستقبل واعد للإقليم لكنها تظهر ببطء وعلى مراحل، معرباً عن أمله في تحسن العلاقة بين الاقليم وحكومة العراق المركزية عاجلاً أو آجلاً.

وأوضح الشلبي ان 37 مليار دولار تم استثمارها في الاقليم خلال السنوات العشر الماضية، تمثل حصة الاستثمار الأجنبي منها 20%، فيما يستحوذ الاستثمار المحلي على 80 %.

وأكد وزير التجارة والصناعة في حكومة إقليم كردستان على أهمية التعاون الاقتصادي بين دول المنطقة وتذليل العقبات أمام الاستثمارات الاقليمية والاجنبية وفتح الأبواب أمام حركة التجارة بين مختلف دول المنطقة.

عامل حيوي

وبدوره أشاد الدكتور علي السندي، وزير تخطيط حكومة إقليم كردستان، بجهود الإمارات في تعزيز التعاون بمختلف المجالات مع الاقليم، واصفاً الحضور الاستثماري الإماراتي في كردستان بالعامل الحيوي لتطور الاقليم ونموه الاقتصادي..

حيث يحفز تواجد كبرى الشركات الإماراتية المرموقة عبر مشاريعها المتنوعة في كردستان باقي المستثمرين من مختلف أنحاء العالم للقدوم للاستفادة من الفرص الاستثمارية التي يوفرها الاقليم في مختلف القطاعات، خاصة في ضوء ما تتميز به الإمارات والشركات العاملة فيها من سمعة عالمية مرموقة نظراً لنجاح مسيرتها التنموية والاقتصادية، واكد أن الدولة تتمتع بمكانة خاصة ومميزة في كردستان.

ولفت السندي إلى أن الاقليم مر بظروف صعبة منذ العام 2003، وبادرت حكومة الاقليم بإعداد برامج خلال المراحل الحرجة الماضية معتمدة على تأمين وإدارة الأمان والاستقرار وبناء علاقات منفتحة ومتوازية اقليمياً وعالمياً، ولفت إلى أن الاقليم يريد البقاء كجزء من العراق لكن مع ضمان كافة حقوقه..

وأضاف: «نبحث باستمرار عن حلول لضمان مواصلة التنمية الاقتصادية في الاقليم، ويشكل القطاع الخاص إلى جانب الاستثمار الأجنبي، ومن ضمنه الاستثمار الإماراتي، مساهماً أساسياً في تحقيق هذا الهدف، كما نهدف إلى تعزيز مقومات الاقليم المتنوعة، خاصة في ظل الأمن والاستقرار بالإضافة إلى توافر الأيدي العاملة، حيث تبلغ نسبة البطالة في الاقليم 6% في الربع الأول من 2014 وهي من أفضل المعدلات على المستوى الاقليمي».

وأشار السندي إلى أن اقليم كردستان يتعلم من التجربة التنموية الإماراتية، ويسعى إلى تطوير البيئة التشريعية للاستثمار من خلال الاطلاع على مختلف التجارب العالمية النجاحة وفي مقدمتها قوانين الاستثمار في دبي.

وأشار السندي إلى وجود 3000 مشروع حكومي تحت التنفيذ حالياً في اقليم كردستان بكلفة 13.5 مليار دولار منها 4 مليارات دولار تم دفعها نقدياً، موضحاً أن البنية التحتية في الاقليم بمختلف مناطقه بحاجة لمشاريع بقيمة 30 مليار دولار، تشمل الطرق السريعة والبنية الخدمية والصحة وغيرها، لافتاً إلى وجود استثمارات إضافية ضخمة من القطاع الخاص في مختلف القطاعات.

ولفت السندي إلى أن الاقليم يتمتع بثروات طبيعية هائلة من الفلزات والمعادن والتي لم يتم استغلالها بعد، وتوفر فرصاً استثمارية تناهز تلك المتوافرة في قطاع النفط والغاز، مشيراً من جانب آخر إلى حاجة القطاع السياحي إلى المزيد من الاستثمارات في ظل ما يتمتع به من فرص واعدة وخاصة في المناطق الشمالية من اقليم كردستان.

استثمارات إماراتية

من جانبها أشارت نوروز مولود، مدير عام هيئة الاستثمار في إقليم كردستان العراق، إلى أن حجم الاستثمارات الإماراتية في اقليم كردستان يصل إلى 16.5 مليار درهم (4.5 مليارات دولار)، منها 11 مليار درهم استثمارات في أربيل و5.6 مليارات في مناطق أخرى من الاقليم، ويأتي في مقدمتها مشروع وسط مدينة أربيل الذي تطوره شركة إعمار، ويمثل مجمعاً عصرياً متكاملاً يعيد رسم ملامح الوسط الجديد للمدينة أربيل..

بالإضافة إلى مشروع منتج سياحي عملاق تطوره مجموعة ميدان في اقليم كردستان فضلاً عن استثمارات شركة دانة غاز ونفط الهلال في قطاع النفط والغاز، ولفتت مولود إلى وجود خطط لافتتاح مكتب تمثيلي للهيئة في دبي خلال الفترة المقبلة..

كما أشارت إلى خطة لإقامة مجمع صناعي متكامل بالتعاون مع شركة دبي للاستثمار، وأضافت: «قدمت الإمارات الكثير للإقليم خلال السنوات الماضية، ونطمح لاستقطاب المزيد من الشركات الإماراتية للاستثمار في مختلف القطاعات الواعدة، كما تشكل تجربة الإمارات التنموية نموذجاً ناجحاً نستفيد منه في عملية التطوير الاقتصادي والاستثماري».

 استقرار

بالرغم من الأحداث المتسارعة التي شهدها العراق مؤخراً، إلا ان اقليم كردستان حافظ على طبيعته الهادئة والمستقرة، فخلال تواجد البيان في أربيل لتغطية الملتقى، لم نلمس أي تأثر للحياة اليومية في المدينة بما يجري في مناطق العراق الأخرى، حيث واصل الفندق استقبال المزيد من رجال الأعمال العرب والأجانب، كما كانت حركة الأسواق والشوارع طبيعية تماماً، ولم تظهر أي تحركات أمنية أو عسكرية في المدينة، مما يعكس الأمن والأمان الاستثنائي الذي يتميز به الاقليم.